حالة هلع واسعة سيطرت على تداولات بورصات المنطقة أمس، لتسجل معها بورصات الخليج خسائر دامية لليوم الثاني على التوالي، تقارب 162 مليار دولار، منها 8.6 مليار لبورصة الكويت، التي سجلت أسوأ ثاني أداء لها منذ إطلاق المؤشرات الجديدة في 2016، بخسارة 8.61 في المئة، بعد أن سجلت الأسوأ في الأول من مارس الجاري بخسارة 9.16 في المئة، والثالث أول من أمس بـ8.31 في المئة. وحسب مصادر بدأت مؤسسات استثمارية عالمية «النشطة» في تسييل جزء من محافظها خلال الأيام الماضية بالأسواق الناشئة، ومن ضمنها الكويت، خوفاً من بلوغ قاع أكثر عمقاً، فيما حافظ مديرو المحفظة الوطنية على موقفهم بالترقب وعدم الدخول في التداولات في ظل الهلع الحالي، الذي يعتقدون أنه لا يمكن إيقافه في الوقت الراهن ما لم تهدأ نفسيات المتداولين. وبلغت خسائر بورصة الكويت في جلستي الأحد والاثنين 5.3 مليار دينار، لتشكل نحو 19 في المئة من اجمالي القيمة السوقية الحالية التي تبلغ 27.6 مليار.وخليجياً، صنّفت تداولات الأحد الماضي ضمن أسوأ 10 أيام منذ 2005، تماشياً مع حالة الذعر الذي اكتنف الأسواق العالمية.وبلغت خسائر السوق السعودي في تداولات الأمس نحو 122.7 مليار، و12.8 مليار تكبدها السوق القطري، و10.1 مليار خسرها سوق أبو ظبي المالي، و5.3 مليار دولار لسوق دبي، والبحرين 1.5 مليار وعُمان 855.4 مليون دولار.وفعلت البورصة في تداولات أمس وللمرة الثالثة آلية الفواصل للسوق الأول، الذي بلغت خسارته أمس 10 في المئة، والأولى للسوق الرئيسي، بعد خسارته 5 في المئة، في مسعى لوقف نزيف التراجع الحاد الذي أحدث هبوطاً جماعياً بأسعار الأسهم القيادية والمتوسطة والصغيرة. ومحلياً، طرحت الخسائر الفادحة التي سجلتها بورصة الكويت أسئلة عديدة، ليس أقلها مستقبل ترقيتها للأسواق الناشئة على مؤشر «MSCI» كما هو مخطط له في مايو المقبل، وما إذا كان المستثمرون الأجانب سيوقفون تجميع الأسهم إلى إشعار آخر، علاوة على ما إذا كانت هذه الخسائر ستضغط على الشركات مستقبلاً لجهة تسجيل خسارة، وتحديداً التي لديها محافظ أسهم؟وفي هذا الخصوص، تلفت مصادر مقربة إلى أنه حتى الآن لا تزال خطط الترقية قائمة، لكنها لا تستبعد حدوث تغييرات إذا استمرت التراجعات وطالت معها مرحلة الترقب، موضحة أن المستثمرين الأجانب توقفوا عن الشراء وتجميع الأسهم، متأثرين بالحالة النفسية التي تدفع جميع المتداولين نحو الركض تجاه الخروج من البورصات. أما بالنسبة لإيقاف التداول في البورصة لوضع حد للخسائر اليومية التي تسجلها، أفادت مصادر رقابية بأنها لم تشهد سوقاً في العالم أوقف التعامل على الأسهم المسجلة لديه في ظل الهزات المتكررة التي يتعرض لها باستثناء الوقف الآلي المطبق في الكثير من أسواق المال ونص المادة 44 من القانون رقم 7 لسنة 2010 حدد الأخطار النمطية في الكوارث الطبيعية.وأوضحت المصادر أن الجهات الرقابية لا تتدخل نهايئاً في التداولات اليومية، فهي جهة تراقب وتتابع القواعد المنظمة لتلك التعاملات، توقف المخالف وتتابع مجريات الأسواق.

انكشاف على الطريق!

أكد مديرو استثمار في مؤسسات مالية كبيرة أن الحكومة والجهات المعنية في الدولة يجب أن تعي حجم الأزمة التي تعيشها الأسواق والاقتصاد الكويتي بسبب تداعيات تراجع النفط وانتشار فيروس كورونا.وأوضحوا أن الجهات المسؤولة مُطالبة بإطلاق حزمة إجراءات تحفيزية للقطاعات المختلفة، لاسيما في ظل الخسائر التي منيت بها.وأشاروا إلى أن استمرار تراجعات الأسهم المُدرجة وآثارها سيكون أكثر وضوحاً في البيانات المالية ربع السنوية أي مع إقفال ما بعد نحو أسبوعين من الآن، حال عدم تعافي الأسواق، لافتين إلى أن هناك شركات لديها محافظ بعشرات وربما مئات الملايين تم توظيفها في أسهم تتعرض اليوم لهبوط حاد في قيمتها. وأضافوا ان تلك الشركات مهددة بانكشافات ضخمة قد تكون على الطريق لكون جانب من تلك الاستثمارات عبارة من تمويلات بنكية.نزيف بوقود الأسهم القياديةسجلت الأسهم الثقيلة خسائر متباينة تبخرت معها المكاسب التي تحققت خلال فترة ما قبل الهزة العنيفة التي تتعرض لها حالياً، إلا أنها جاءت في نطاق غياب رغبات الشراء وعدم وجود خطوط دفاعية، لتصل اليوم إلى مستويات منخفضة جداً يراه كثيرون بأنها فرصة مناسبة للشراء إلا أن التخوف من استمرار التراجع بهذا الشكل يجعل مديري المحافظ أكثر تريثاً.تحذير من الدخولحذّر مراقبون من الاندفاع والشراء غير المحسوب قبل هدوء الأوضاع وإيجاد مستوى فني يقف عنده هذا النزيف الكبير.ويرون أن الهبوط العمودي للأسهم بهذا الشكل سيعقبه ارتفاع بالوتيرة نفسها مع تعافي الأسواق وتجاوز تداعيات الأزمة.أزمة ستلحق ضرراً  بالأسرة الكويتيةتعرّض أصحاب القروض من متداولي البورصة لخسائر تشابه إلى حد كبير ما واجهته الشريحة نفسها خلال الأزمة المالية، ما يشير إلى احتمال حدوث انكشافات بالجملة لدى البنوك والجهات المقرضة، إذ قالت مصادر» نحن أمام أزمة اقتصادية طاحنة ستعرض الكثير من المواطنين وصغار المتعاملين منهم مقيمون لدعاوى قضائية وربما سجن ما لم تتعافَ الأوضاع الاقتصادية.طلبات تقارير بالجملةواجهت شركات الوساطة المالية خلال اليومين الماضيين سيلاً من طلبات إصدار تقارير للمتداولين من خلالها، لمعرفة رصيد الأسهم والمبالغ، ومحاولة حصر الخسائر التي حققوها منذ بداية الأزمة الحالية، فهناك من اتخذ قراراً بوقف الخسائر عبر البيع، وهناك من لمن يتمكن من الخروج ويواجه اليوم أزمة حقيقة في حساباته النقدية. عائد السندات الأميركية انخفض لأقل من 0.5 في المئة سجلت الأسواق العالمية تراجعاً يوم أمس بعد أن تسبب فرط عقد التحالف بين منظمة أوبك وروسيا في أسوأ انهيار ليوم واحد في أسعار النفط الخام منذ ما يقرب من 30 عاماً، فيما انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية إلى أقل من 0.5 في المئة.وبدأ الذعر يكتنف الأسواق العالمية بعد أن صدمت السعودية أسواق النفط بشن حرب أسعار، وذلك محاولة منها لاستعادة حصتها في السوق العالمية بعد أن رفضت روسيا مواكبة جهود (أوبك) لإنقاذ سوق النفط من تراجع الطلب الناجم عن تفشي فيروس كورونا.

الموسى:  الأمور غير مريحة

قال رئيس مجلس إدارة البنك التجاري السابق، علي الموسى، إن أداء البورصة السلبي ليس الأساس، لكنه مرآة وانعكاس لكل القطاعات الاقتصادية، التي أخذت اتجاهاً نزولياً بسبب تداعيات انتشار «كورونا».وقال الموسى «من الواضح أن الأمور غير مريحة على المدى القصير، خصوصاً أن الدول الكبرى نفسها تعاني من ضغوطات كبيرة على اقتصاداتها، ما يعزّز فكرة ان العالم بأجمعه يسير في اتجاه واحد وهو النزول اقتصادياً». وأضاف «الجميع يضع الآن المنديل بين يديه ويبكي على تأثيرات الأزمة التي ضربت جميع الأسواق تقريباً»، مؤكداً صعوبة التوقع بتوقيت محدد لانتهاء الأزمة لغياب الجهة الرئيسية التي يمكـــن أن تسحب أسواق العالم إلى النهوض مجدّداً سواء كانت هذه الجهة دولة قيادية أو مجموعة اقتصادية.ونوه الموسى إلى أن جميع الأسواق تشهد حالة من الانكسار، وتحتاج إلى تصرفات قيادية شجاعة، تنقذها من التعقيدات التي تواجهها، خصوصاً أن الأزمة الحالية لا تمثل دولة دون الأخرى، بل أصبحت حالة جماعية تعكس أوضاع جميع الأسواق التي تشهد ضغوطات كبيرة.

رئيس البورصة الأسبق:  أوقفوا التداول وإلا الكلفة ستكبر  

طالب رئيس شركة بورصة الكويت الأسبق، طلال فهد الغانم، بإيقاف التداول بالبورصة لمدة أسبوع على الأقل، تفادياً لتعميق الخسائر التي مُنيت بها المؤشرات وبالتالي المحافظ المالية الخاصة بالأفراد والشركات. وأشار في تصريح لـ»الراي» إلى أن السوق شهد إيقافاً بحكم قضائي خلال الأزمة المالية بعد أن تفاقمت الخسائر اليومية بشكل لا يقوى صغار المتعاملين على مواجهته، وقال»كثير من المستثمرين الأفراد ومنهم أصدقاء اقترضوا مبالغ من البنوك بغرض استثمارها في سوق الأسهم لتحقيق العوائد، إلا أن الهزة العنيفة التي تتعرض لها البورصة أضاعت جزءاً كبيراً من رؤوس أموالهم، ما قد يسبب لهم أزمات خاصة مستقبلاً».وتابع «في أقل من أسبوع، خسرت البورصة كل ما حققته من أرباح منذ ترأسي لها في شهر 7-2017 بل أكثر، ووقف التداول أسبوعاً على الأقل يساعد المستثمرين على التقاط أنفاسهم، أما عدم اتخاذ قرار حاسم في هذا الخصوص الآن سيكلف الكثير لاحقاً».وأضاف «لا يمكن للسوق تعويض الخسائر الكبيرة المحققة في أسبوع ولا حتى شهر.. العالم يمر بوضع استثنائي، ونعلم أن الهبوط خرج عن السيطرة والخسائر قد تتضاعف، وعليه يجب وقف التداول حتى تتجاوز الساحة تداعيات ما يحدث في الأسواق العالمية بسبب تراجع أسعار النفط وغيرها».

البدر: لا أتوقع  إعساراً بالشركات الكبرى

قال الخبير الاقتصادي، علي رشيد البدر، إن ما تمر به أسواق الأسهم المحلية الخليجية والعالمية من أضرار، ناتج عن حالة الهلع التي تسيطر على المستثمرين، من انتشار كورونا، موضحاً أن انحسار تراجعاتها مرتبط بالقدرة على تقويض التوسع في اكتشاف حالات جديدة.وأضاف البدر أنه إذا تصاعدت مخاوف كورونا سيستمر ركض المستثمرين والخروج من البورصات، واصفاً الوضع بكرة الثلج التي تكبر، وليس بناء على أسس فنية مقلقة. ونوه إلى أن الأزمة الحالية في التراجعات الحادة المحققة بالقيمة السوقية للشركات، متوقعاً أن تستمر الأسواق في أدائها السلبي خلال الأيام المقبلة، خصوصاً إذا توسعت المخاوف.ولفت البدر إلى أن أوضاع الشركات حالياً أفضل من مثيلاتها وقت أزمة 2008، بسبب التغير الذي طرأ على نموذج أعمال شركات الاستثمار، والبنوك التي نجحت في بناء محافظ ائتمانية، بمصدات أكثر قوة وأقل اعتماداً على ضمانات الأسهم. وتابع «لا أتوقع حالات إعسار محلياً بسبب كورونا، وتحديداً بالشركات الكبرى والمتوسطة، ربما بالأنشطة المعرضة لأزمة سيولة، من قبيل المطاعم والمقاهي والصالونات».وأشار البدر إلى أن ربحية بعض الشركات ستتأثر، لا سيما التي لديها محافظ استثمارية، والبعض  قد يضطر لإعادة هيكلة مديونياته.

صرخوه: مبكر الحديث  عن إفلاس الشركات

أفاد الرئيس التنفيذي في شركة «كامكو إنفست» فيصل منصور صرخوه، بأن ما تشهده  البورصة وغيرها من القطاعات الاقتصادية من تراجعات، انعكاس لتخوف عالمي من التطورات الاقتصادية.وقال صرخوه لـ «الراي» «إن عدم ترتيب الأسواق المصدرة للنفط لأوضاعها، بإيجاد بدائل مناسبة يضغط على أسواق المال بشكل كبير»، لافتاً إلى أن هبوط الأسعار لمستويات 20 دولاراً، سيؤثر على النظرة المستقبلية لتلك الأسواق، منوهاً بأن انتشار كورونا له حضور أيضاً على مستوى الأسواق. وأضاف صرخوه أنه مبكر الحديث عن إفلاس الشركات محلياً، مؤكداً أن مواجهة الأزمة يستدعي تكوين خلايا عمل، منها ما يهتم بالقطاع الخاص، وآخر يضع المعالجات اللازمة للقطاع العام.وأكد أن قاطرة القطاع المالي باتت قوية جداً لاسيما بعد دروس الأزمة المالية العالمية، بوجود قواعد حوكمة واضحة وإجراءات رقابية صارمة وكيانات متينة، لافتاً إلى أن البنوك وفي ظل السياسة الحصيفة التي يتبعها بنك الكويت المركزي حالياً أصبحت قادرة إلى جانب الشركات على امتصاص غالبية التداعيات.وتابع أن ما تشهده البورصة تراجعات وقتية، متوقعاً أن تستعيد التعاملات توازنها من جديد مع استقرار الأوضاع، وتتجاوز قضية انتشار كورونا.  واستبعد صرخوه أن يكون لتراجع أسواق المال أثر على وزن الكويت البالغ نحو 0.7 في المئة بمؤشر MSCI والترقية التي ستدخل حيز التفعيل نهاية مايو المقبل.