يُنتظر أن تشهد الفترة المقبلة، موجة «تفنيشات» واسعة، تحديداً في قطاعات العمالة متدنية الأجور، أو الهامشية، ليس بسبب التعقيدات المالية التي تواجه الشركات عادة، بل نتيجة لتداعيات الإجراءات الاحترازية التي تفرضها الدولة في مواجهة كورونا.فبعد منع «البلدية» تداول «الشيشة» في المطاعم والمقاهي، وتكثيف حملاتها على صالونات الحلاقة والمعاهد الصحية، بناءً على توصيات وزارة الصحة، زاد عزوف الزبائن عن طلب خدمات هذه الأنشطة، ما يجعلها عرضة لخسائر باهظة، يتطلب تخفيف حدتها تسريح العديد من العمالة «البسيطة»، بما قد يعصف بأكثر من نصف عمالة بعض الأنشطة.ووقع قرار منع «الشيشة» على أصحاب المقاهي كالصاعقة، خصوصاً وأنها تشكل لبّ أرباحهم، الأمر الذي يعني حدوث هزة كبيرة جداً في الإيرادات، وفق ما أكده مدير مقهى لـ«الراي»، حيث لفت إلى أن «منع (الشيشة) لا يعني أن يغلق المقهى أبوابه، خصوصاً وأن المكان عبارة عن (سمعة) يجب أن نحافظ عليها، حتى لا يظن الناس أنه أُغلق تماماً فيضيع زبائنه».وأضاف «سنستمر بالعمل من خلال البوفيه، وتقديم المشروبات للزبائن، والأمل في إيرادات الزبائن الذين يحضرون لمشاهدة مباريات كرة القدم في المقهى إلا أن هذه المبيعات لا تكفي لتعويض خسائرنا من المصاريف التشغيلية وفي مقدمها الإيجارات العالية»، مشيراً إلى أن تخفيف عمالة «الشيشة» بـ»التفنيش» أو منحهم إجازات مفتوحة حتى تعود الأوضاع إلى سابقتها خيارات مفتوحة. وما يزيد التوقعات المتشائمة في هذا الخصوص أن نحو مليون عامل من أصل 1.67 مليون وافد يعملون في القطاع الخاص تقل رواتبهم عن 125 ديناراً، وفقاً لإحصائية حكومية نُشرت في أبريل الماضي، سيكونون أكثر عرضة لفتك «كورونا» بوظائفهم، وفي مقدمتهم العاملون في قطاعات المقاهي والفنادق والمطاعم والتجارة والذين يشكلون 43.59 في المئة من إجمالي الأجانب في القطاع الخاص، بحسب بيانات سابقة للإدارة المركزية للإحصاء، ما يعادل نحو 729.6 ألف عامل.وتسببت الإجراءات الحكومية الأخيرة، خوفاً من انتشار كورونا، في تراجع الإقبال على المطاعم بأكثر من 50 في المئة، ما سيترتب عليه تسجيل تراجعات حادة في إيراداتها.وخلال جولة لـ«الراي» على عدد من المطاعم والمقاهي، أفاد مدير أحد المطاعم الشعبية، بوجود انخفاض في زبائن مطعمه قد يكون الأسوأ منذ سنوات طويلة، موضحة أن ذلك ينسحب على الزبائن الأفراد والعائلات، رغم اتباع آليات الوقاية المناسبة.وذكر أن منع الشيشة، إضافة إلى ضبابية مستقبل انتشار الفيروس عالمياً، يزيد مخاوف الزبائن، ما يرجح استمرار تراجع إيرادات المطاعم دون وضوح للمدى الزمني الذي قد تستغرقه هذه الحالة، ومدى قدرة المطاعم على الصمود.وأشار إلى أن قطاع المطاعم سيعاني بصورة أكبر من غيره، خصوصاً وأن تراجع الإيرادات اليومية يقابله استمرار نفس معدل المصروفات طمعاً في انجلاء تلك الازمة بنهاية الشهر الجاري، قائلاً «تحت أي ظرف لا يمكن إغلاق المطعم حتى تنتهي الأزمة، فالإغلاق قد ينقل صورة سلبية عن نشاطنا، ما يستوجب الاستمرار في العمل تحت ضغط ارتفاع المصروفات المتمثلة في الإيجارات ورواتب العاملين، حتى نهاية الشهر الجاري كمهلة نتحمل تكلفتها حتى تتضح الصورة».وبيّن أنه بانقضاء شهر مارس، وإذا لم يكن هناك علاج أو حلّ لأزمة «كورونا»، فإن الأوضاع ستسوء أكثر في قطاع المطاعم والمقاهي، ما سيتطلب إدارة تكاليف التشغيل بصورة أكثر جدوى، ما سيتضرر منه صاحب العمل والعاملون على حد سواء، إذ إن تقليل التكاليف سيكون على محورين:1 - تقليص الكميات المستخدمة يومياً سواء في المطاعم أو المقاهي وغيرها بما يتناسب مع اقبال الزبائن عليها فعلياً، حيث سيضطر لتخفيض مشترياتها، تقليلاً للهدر. 2 - خفض عدد العاملين، حتى من عاملي النظافة، لتراجع الحاجة إليهم وخفضاًُ لأي كلفة غير مبررة، ما يتطلب النظر في الأمر بأكثر من آلية قبل نهاية الشهر الجاري، عبر خيارات تشمل: أولاً- إنهاء الخدمات: إذ قد تلجأ العديد من الجهات إلى إنهاء خدمات بعض العاملين لو تأزم الأمر أكثر تقليلاً للتكاليف.ثانياً- إجازات سنوية، حيث قد يتم الطلب من الموظفين تقديم إجازاتهم السنوية، لتقليص المصروفات حتى انجلاء الازمة.ثالثاً - العمل بالتناوب، إذ سيمنح بعض العاملين شهراً إجازة من دون راتب، على أن يخرج العاملون الآخرون في إجازة لنفس المدة بعد عودتهم، أي أن العاملين سيتناوبون في إجازات غير مدفوعة حتى نخفف الإضرار بالعاملين، ولحين انقضاء الأزمة.
اقتصاد
الأعمال المعتمدة على الدخل اليومي والشهري مرشحة لموجة «تفنيشات»
«كورونا»... يفتك بالعمالة الهامشية
12:22 ص