ألقت «الراي» أول من أمس تحت عنوان «غرفة التجارة... آن الأوان لتعديل القانون» حجراً ثقيلاً في مياه مجتمع الأعمال الراكدة، من غياب دور «الغرفة»، وهذا ما عكسه التفاعل الواسع من أصحاب شركات وشباب كويتي يعمل بالقطاع الخاص، ومن مبادرين يرون أنهم غير مدرجين على جدول اهتمامات هذه المؤسسة.وفي هذا الخصوص، لاقت الدعوة التي أطلقتها «الراي» نحو تجديد «الغرفة» العتيق الذي أُقرّ في العام 1959، تأييداً واسعاً، حيث بدا واضحاً أن هناك توافقاً مجتمعياً وتجارياً على ضرورة تعديل قانونها، وتغيير الصيغة الحالية التي لم تعد ملائمة للوضع الاقتصادي الحالي، ولا تواكب التطور المستقبلي المأمول.ولفت ملاك شركات ومبادرون إلى أن «الغرفة» لم تول المشروعات الصغيرة والمتوسطة الاهتمام المطلوب، بل تجاهلت مطالبات أصحابها بتوجيه الدعم إليهم، مستغربين تناقضها في التعاطي معهم، ففي حين تطالب «الغرفة» بدعم حكومي أكبر للمبادرين، تمتنع عن إسقاط رسوم اشتراكاتهم، بل وترفض أن يكون لهم أي تمثيل في إدارتها، رغم أن المشاريع الصغيرة باتت عصب الاقتصادات في البلدان المتقدمة، وجميع الأجهزة الرسمية وغير الرسمية أصبحت تتدافع نحو دعمها تقديراً لدورها الاقتصادي. وطالب الشباب التجاري بضرورة تبني قائمة شبابية جديدة تدخل على خط انتخابات «الغرفة» المقبلة في 25 مارس الجاري، على أن يكون ذلك أشبه بإعادة هيكلة حقيقية للمجلس الحالي، وليس مجرد وعود بالتغيير ظلت كل السنوات الماضية حبراً على ورق، لافتين إلى أن «الغرفة» تطفّش المبادرين وتكتلاتها لا تؤمن بالشباب إلا أمام الكاميرات وفي الصحف، ما يجعلهم حاضرين إعلامياً غائبين واقعياً.
أكد أنه لا أمل بفوز الشباب في ظل تكتل تجار يتحكمون بإدارتها
المعصب: يئسنا من دخول... «الغرفة»
أفاد رئيس مجلس إدارة شركة صفا الوطنية، فيصل المعصب، بأنه لا ينوي الترشح لعضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت في الدورة الحالية، مبرراً موقفه بأنه لا أمل لفوز الشباب في ظل سياسة التكتلات الحالية التي تقود «الغرفة» منذ زمن طويل.وأضاف المعصب، المرشح السابق لـ«الغرفة»، أنه بحكم تجربته في الترشح سابقاً لا يجد أي فرصة للفوز ليس لضعف قاعدته الانتخابية التي وصفها بالعريضة، بل لتحكم مجموعة من التجار في إدارة «الغرفة» تارة بالوراثة، وأخرى بالمناولة، الأمر الذي جعلنا يائسين من دخول «الغرفة» بسبب منظومة «الحكم» الحالية.وأشار المعصب إلى أنه كان ترشح في الدورة السابقة أملاً في كسر السور الحديدي الذي بناه بعض التجار حول «الغرفة» لسنوات طويلة مستغلين نفوذهم لدعم بعض التجار، لكن واقع الحال أثبت له أن لا فرصة بأي فوز مستحق للشباب ما لم تتجدد «الغرفة» فكرياً، ويتخلى مسؤولوها الحاليون عن ثقافة الإدارة إلى ما لا نهاية.وتابع «آن الأوان لأن يستريح (العمام) من التجار، ويفسحوا المجال للقيادة الوطنية الشابة التي ترتكز على أصالة المتطلع إلى الحداثة، ولديها القدرة على مواكبة المتغيرات الاقتصادية والقانونية التي طرأت على الأسواق في السنوات الماضية».وشدد المعصب على ضرورة تحديث «الغرفة»، مؤكداً أن التغييرات المطلوبة يتعيّن أن تكون جذرية وليست حبراً على ورق، لافتاً إلى وجود حاجة متنامية لدى مجتمع الأعمال لأن يمثله في «الغرفة» من لديه المقدرة والطموح نحو تحقيق رؤية «كويت جديدة» تتفهم قيادتها التجارية حاجات الشركات بمختلف أحجامها. وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تحولاً تجارياً وتشريعياً كبيراً، بدءاً من تغيير قانون الشركات التجارية، وبروز قفزات نوعية حققها القطاع الخاص الكويتي، فضلاً عن الرغبة في تشجيع الشباب على الانخراط في العمل الخاص، وإحياء مشروع الكويت كمركز مالي وتجاري في المنطقة، بما ينعش الاقتصاد ويخفف عن كاهل الدولة عبء الباب الأول بالموازنة، مبيناً أنه رغم كل هذه التغيرات ظلت «الغرفة» على حالها وبأعضائها أنفسهم تقريباً، الذين يتم اختيارهم غالباً وفق مبدأ الكوتة وليس الكفاءة.وقال المعصب «بالطبع، هناك كفاءات وطنية في مجلس إدارة الغرفة ولا أحد يشكك في ذلك، لكنه بات مستحقاً إيجاد تغيير في تركيبة هذه المؤسسة العامة بما يخلق تنوعاً حقيقياً في ابتكار مصادر الدخل التجاري، ما يتطلب الاستجابة للدعوة إلى تغيير قانون الغرفة، وأسلوب إدارتها لانتخاب أعضائها».وأكد تمسكه بعدم الترشح في الدورة المعلنة، لكنه يمنّي النفس بأن تستجيب «الغرفة» لحراك الشباب الوطني الذين باتوا على الأرض قوة تجارية لا يستهان بنجاحاتهم المحققة، مشدداً على ضرورة احتضانهم وإتاحة الفرصة لهم وليس «تطفيشهم» مثلما يحدث الآن من قبل «الغرفة» القديمة.
«تحولت لكيان مركب المهام بين النشاط الأهلي والرقابي والتوجيهي»
الطواري: «الغرفة» مظلة الجميع... لكن واقعها ليس كذلك
قال المدير الشريك في شركة نيوبيري للاستشارات عصام الطواري، إن «الغرفة» تحتاج لإعادة النظر في نموذج أعمالها، حتى تصبح جهة اقتصادية ذات قيمة مضافة لمجتمع الأعمال، مشيراً إلى أن ذلك ينسحب أيضاً على جميع الجهات المؤسساتية المرتبطة بتحسين بيئة الأعمال المحلية وأضاف «آن الأوان للنظر في دور الغرفة المستقبلي».وبيّن الطواري أن فلسفة إنشاء «الغرفة» قائمة في الأساس على مبدأ استخدامها كقناة، لإيصال وجهة نظر أصحاب الأعمال للمشرع، ولجميع الجهات المتشابكة مع القطاع الخاص، موضحاً أن واقع الحال يعكس أن هذه القناة غير مفعلة كما ينبغي، بسبب طبيعة عملها التي تحولت مع مرور الوقت إلى كيان مركب المهام، ليشمل النشاط الأهلي والرقابي والتوجيهي، ما يجعلها مؤسسة غير مفهومة المعالم.وذكر الطواري أنه يجب العمل على إيجاد دور واضح لـ«الغرفة»، يكون مفهوماً للمجتمع التجاري ويخدم مصالحه، ويغطي جميع أطيافه، متسائلاً في هذا الخصوص، عما تقدمه «الغرفة» من دور للمبادرين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ وهل تعكس فعلاً مصالح جميع أعضائها؟وأوضح الطواري أن «الغرفة» تخدم حالياً المؤسسات التجارية القديمة، أما الناشئة فلا تحظى بعنايتها المطلوبة، مؤكداً على ضرورة أن تكون «الغرفة» مظلة لجميع الأطياف التجارية، مثل مجلس الأمة الذي يتكون من جميع الأطياف ويدافع عنها، مفيداً بأنه إذا كانت «الغرفة» غير مؤمنة بهذا الدور والمبادرين غير مدرجين على رأس اهتماماتها، يمكن إنشاء غرفة تجارية مستقلة، تضم في عضويتها المبادرين، ليكون لهم وقتها مظلة تدافع عن مصالحهم وتصل صوتهم إلى المشرع.وانتقل الطوارى مع «الراي» إلى نقطة نقاش إضافية حول دور «الغرفة» الحقيقي، وما إذا كانت جهة سياسية يحسب حسابها في اتخاذ قرارات ترشيح أصحاب المناصب والمراكز القيادية في الدولة، منوهاً إلى أن الواقع العملي يؤكد ذلك رغم أن هذا الدور لا يشمل مؤسسات النفع العام الموجودة، مثل جمعية المحاسبين والأطباء، وغيرها التي لا تشكل في حقيقة الأمر جهة ضغط مؤثرة في صناعة القرار المحلي مثل «الغرفة».كما أشار الطواري إلى قيام «الغرفة» بالهيمنة على جميع القطاعات التجارية والصناعية وضمها تحت مظلتها، في وقت يعامل فيه القطاع الصناعي كأنه من الدرجة الثانية، موضحاً أن جميع المبادرات التي تطلقها «الغرفة» لصالح القطاع التجاري متجاهلة القطاع الصناعي.
«لابد أن يُمثل المبادرون في مجلس الإدارة»
الخنيني: لإعادة صياغة آليات العمل
أكد المبادر، محمد الخنيني، أن آليات العمل في «الغرفة» بحاجة إلى إعادة صياغة، لتتواءم مع تغير الزمن وما واكبه من متغيرات شهدها الاقتصاد الوطني على مدار الـ60 عاماً الماضية.وذكر أن «الغرفة» في أي دولة تكون العنوان الرئيسي للقطاع الخاص بكل أطيافه، ما يتطلب أن تكون لسان حال القطاع، مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق إلا حين يكون أداء «الغرفة» مواكباً للتغيرات التي تطرأ على البيئة التي يعمل فيها القطاع، الأمر الذي يبرز الحاجة الحقيقية إلى التنوع في آليات العمل والإدارة داخل «الغرفة».ونوه الخنيني إلى ضرورة تمثيل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في مجلس إدارة «الغرفة»، والإدارات التنفيذية والفنية، لتستطيع مواكبة التغيرات على أرض الواقع، خصوصاً في ظل ما تمثله تلك المشروعات من مرتكز مستقبلي لقطاع الأعمال المحلي.ولفت إلى أن تنوع العقول في الإدارة ما بين ذوي الخبرات الطويلة، والشباب من المبادرين ورواد الأعمال، سيخلق الحالة المناسبة التي تنهض بالقطاع الخاص ككل، ما يتطلب أن يكون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ممثلون ممن يملكون الخبرة والمعرفة بمشاكل رواد الأعمال واحتياجاتهم، حتى تستطيع «الغرفة» تبني قضاياهم والدفاع عنهم بصورة سليمة.وشدد الخنيني على ضرورة أن يكون لـ«الغرفة» دور كبير في دعم رواد الأعمال من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومساعدتهم في تذليل العقبات أمامهم لجذب المزيد من الشباب والخريجين للعمل الحر، بما يسهم في النهوض بالاقتصاد الوطني ومعالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها.
العيدان: لا رقابة سابقة أو لاحقة!
أشار الناشط السياسي، ناصر العيدان، إلى أن أبرز ملاحظاته على قانون «الغرفة» أنه أُقر قبل نحو 61 عاماً، ولم يتم تحديثه رغم المستجدات، مؤكداً ضرورة أن يواكب هذا القانون التغيرات التي طرأت في كل هذه السنوات.ولفت العيدان أيضاً إلى أن ميزانية «الغرفة» لا تخضع لأي رقابة حكومية سابقة أو لاحقة، حيث يجري التدقيق عليها ذاتياً من قبل مدققي الحسابات من القطاع الخاص، ويُعرض تقريرها السنوي ومن بينه البيانات المالية خلال الجمعية العمومية فقط.وقال «لابد من تعديل قانون (الغرفة) لتحسين أدائها، إذ بات من المنطقي إعادة تنسيق اختصاصاتها، ولكن هذا التعديل من اختصاص المشرّع العادي، ومن يملك حق اقتراح التعديل هو الحكومة وأعضاء مجلس الأمة».وذكر أن الحكومة قدمت مشروعاً بقانون إلى مجلس الأمة بتاريخ 22 مارس 2010 بشأن «الغرفة» وفي ديباجته اعتراف صريح بقانون 1959، المنشور في الجريدة الرسمية، ليحسم بذلك الجدل الذي أثير حول وجود ذلك القانون، معرباً عن أسفه بأن هذا القانون منذ عام 2010 وحتى الآن لا يزال معروض أمام مجلس الأمة ولم يبت فيه.ونوه العيدان إلى أن هناك اقتراحات بقوانين قدّمها نواب في شأن «الغرفة» تحظر عليها الاشتغال بالسياسة أو أن تقدم أي مساعدة أو دعم أيّاً كان لأي جهة سياسية داخلية أو خارجية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مشيراً إلى أنه يحظر الجمع بين عضوية مجلس الإدارة وعضوية مجلس الأمة أو المجلس البلدي، وشغل أي وظيفة في جهة حكومية، وكذلك الجمع بينها وبين عضوية مجلس إدارة أي جهة حكومية، كما لا يجوز لعضو مجلس الإدارة أن يكون عضواً معيناً من قبل الحكومة في مجلس إدارة أي شركة، سواءً تم تعيينه فيه بمرسوم أو بقرار من مجلس الوزراء أو بقرار وزاري.وأنكرت هذه الاقتراحات على «الغرفة» استيفاء أي رسوم غير رسم الانتساب والاشتراك السنوي من الذين يطلبون الانتساب لـ«الغرفة» وتقبل طلباتهم، ورسوم الترشح للانتخابات.
«(الغرفة) ترفض إعفاءهم من الرسوم وتطالب الحكومة بدعمهم»!
المانع: تجاهل واضح للمبادرين
لفت المبادر وأحد ممثلي أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في لقاءاتهم مع «الغرفة»، سعيد المانع، إلى أن «الغرفة» لم تستجب لأي من مطالبات المبادرين، ولم تقدم لهم أي نوع من الحوافز مقارنة بما قدمته لهم الحكومة، واصفاً دور «الغرفة» مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأنه مجرد دور نظري فقط لم يرق إلى أي مستوى عملي.ونوه المانع إلى أن الحكومة تعمل جاهدة للتيسير على المبادرين وإثراء ما تقدمه لهم من خدمات ومميزات لتدفع الشباب الكويتي لخوض غمار العمل الحر كأحد آليات الإصلاح الاقتصادي في البلاد. ولفت إلى أنه في المقابل، فإن «الغرفة» التي من المفترض أن تطالب بتسهيلات أكثر للمبادرين، رفضت التسهيل عليهم، وامتنعت عن إعفاء المبادرين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الرسوم التي تفرضها كاشتراك سنوي، وكذلك رسوم اعتماد المعاملات، الأمر الذي يُحسب على «الغرفة»، متسائلاً «كيف تدفع (الغرفة) باتجاه زيادة التسهيلات التي نحصل عليها من الدولة، بينما ترفض تسهيل أعمالنا لديها؟!».وبيّن المانع أن أغلب أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة قاطعوا فعاليات «الغرفة» وأنشطتها، بعدما لم تستجب لمطالباتهم المتكررة في أكثر من اجتماع، مشيراً إلى أنه مع مجموعة أخرى من المبادرين اجتمعوا مع ممثل لمجلس إدارة «الغرفة» في وقت سابق، وطالبوا بأن يكون لهم تمثيل في الإدارة، ولو من خلال لجنة للمبادرين تهتم بأعمال القطاع، خصوصاً وأنهم الأدرى بشعابه ومشاكله، وليكونوا قريبين من متخذي القرار لبيان ما يحتاجه الشباب من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلا أن «الغرفة» لم تستجب لذلك الطلب وتجاهلته تماماً. وشدد المانع على أن علاج ذلك الأمر يجب أن يكون من الأساس، وهو قانون «الغرفة»، الذي يجب تحديثه لمواكبة التغير في الواقع الاقتصادي، ليصبح أداؤها معبراً بصورة سليمة عما وصل إليه القطاع الخاص في الكويت، وما يأمله رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة خصوصاً، فمن غير المعقول أن تكون الحكومة أكثر رحمة بالمشاريع الصغيرة من غرفة التجارة.