«ستدرك في وقت متأخر من الحياة، أن مُعظم المعارك التي خضتها لم تكن سوى أحداث هامشية أشغلتك عن حياتك الحقيقية». الدكتور غازي القصيبي.في الحقيقة كانت لدي مواضيع عدة أود أن أكتب عنها، الموضوع الأول عن تجربة المجتمعات التجارية في الكويت وأنها أصبحت مزاراً وعلامة كويتية بارزة، ولكن الوقت غير مناسب لهذا المقال، فكان المقال الثاني عن الاحتفالات والمسيرات... ولكن تم إلغاء كل مظاهر الاحتفال، أما الموضوع الثالث فهو مرض «كورونا»، ولكن جهود وزارة الصحة في مواجهة هذا المرض أكثر من رائعة. فقلت أتحدث عن تجربة حدثت بيني وبين أحد الأصدقاء، وبعد أيام نتحدث عن بقية المواضيع. قال لي أحدهم: إن اللحظات العصيبة التي مر بها استطاع بفضل الله تجاوزها، والذي كان سبباً في الظلم لا يعني له شيئاً على الإطلاق الآن ولا وزن له عنده مهما فعل وقال، لأن صاحب الصوت العالي ضعيف وخائف في الوقت نفسه، ولكن الذين عرفوا الحق وسكتوا عن الظلم سيجدون نتيجة فعلهم، وستجد وخز الضمائر يؤنبهم ولا يجعلهم يرتاحون في حياتهم، وسيصلط الله عليهم من الكأس نفسها التي سقوها للآخرين... عاجلاً غير آجل ولن ينفعهم التبرير.فقلت له: كن إيجابياً في حياتك وعليك أن تؤمن بقدراتك، وشارك وتَشَارك مع الآخرين بعد هذه الحادثة، وحاول أن تبني علاقات جديدة مبنية على الثقة، ولا تكن متفرجاً بل حاول صناعة حياتك. والذي لا يعمل سهل عليه أن يبرر، والناجح في سوق الأعذار لن تجده ينجح في سوق أخرى، والإنسان المتفرج على الأحداث يؤمن أن هناك مؤامرة تحدث حوله تستهدفه... معنى كلامي لصديقي هي اقلب الصفحة وحاول أن تبدأ من جديد لأن الحياة لا تتوقف على أحد. وذكرت له: انه كلما تقدم بالإنسان العمر زادت موهبة الفراسة لديه، وهذه الموهبة تصقل وتنمو في التجربة، والتجربة تعني أنك حاولت وزادت قدراتك ومهاراتك في الحياة، وصرت خبيراً فيها وابتعدت عن المعارك الهامشية.وهذه القواعد تنطبق على الإنسان السوي الذي لا يحمل الحقد والضغائن على الآخرين، ويعاملهم بنوايا حسنة بكل تسامح وإن جحدوا ذلك... أما المكابر الذي يستخدم أدوات المكر والخداع والكذب فلن يتعلم، وسيسقط في الاختبار نفسه كل مرة وسيعلم الناس أنه كان غير صادق في رواياته ونقده ويظهر ما لا يبطن.والإنسان المتصالح مع نفسه لا يدخل في جدالات عقيمة لا تغني ولا تسمن من جوع، لا تجد أقواله عكس أفعاله، ولا يعتمد على المحسوبية كمطية للوصول إلى أهدافه أو المناصب، تجده مركزاً وغير مشتت، يتعامل بأخلاق راقية أينما تواجد في البيت أو العمل. وإذا كان قلبك سليماً فستجد في الحياة أناساً على العكس من ذلك، وإياك أن تغرك الأسماء أو الأشكال. ولكن مهما حدث من غدر وخيانة فحافظ على هدوئك وكن سليم الصدر... عندها ستشعر كم للحياة من معنى كبير، وهنا يجب أن تهتم بنفسك أكثر وأكثر، وإياك أن تقارن نفسك أو أحد أقربائك بأحد، فهذا يدمر النفس. في النهاية كانت الخاتمة «ركز على أهدافك في الحياة، وتجاهل الشخصيات التي تعوق تقدمك، وإياك أن تعيش معركة هامشية تستغرق الأوقات بلا أي فائدة تذكر».
akandary@gmail.com