عفواً... حرف العين لم يسقط سهواً، وليس خطأ مطبعياً لكن عوامل الإبداع في الكويت ناقصة!دعا الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين الدكتور خالدعبد اللطيف رمضان، منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المعنية بالشأن الثقافي والفني، بحث كيفية الخروج من مأزق التضييق على حرية الإبداع خصوصاً مع تصاعد وتيرة الضغط من قبل القوى الرجعية، التي عملت على الضغط على آليات الرقابة التي عملت على تقويض حرية الإبداع في الكويت. إن المبدع الكويتي مظلوم طالما أن هناك رقابة رسمية تراقب ما يمارس من إبداع، سواء كان نتاجاً أدبياً أو فناً تشكيلياً أو مسرحاً، ومع هذا كله فإنه قادر على تقديم المزيد من الإنتاج الإنساني الأدبي، فالموهبة مثلما هي بحاجة إلى صقل فإنها بحاجة إلى بيئة صحية، من شأنها أن تساعد على المزيد من الإبداع.ورداً على مَنْ يميل إلى الدعوة نحو المزيد من الرقابة، خوفاً من الإساءة الى الثوابت، فإنني أحب أن أقول إليه إن المبدع الكويتي ينتمي إلى هذه الأمة وإلى هذا المجتمع، وإنه قادر على أن يكون رقيب نفسه، بدلاً من الرقيب الموظف الذي قد لا يكون اختياره مناسباً، فنجد التشدد غير المبرر في ممارسة الرقابة في إطار السلطة، الأمر الذي يدعو الى اليأس من تغيير الواقع.ولقد كان الرقيب في السابق أكثر رحابة صدر وتفهما للواقع الكويتي وللمبدع الكويتي ولمختلف أجواء التيارات في الكويت، وإذا استعرضنا بعض الأمور التي تعكس المساحة الواسعة للمبدع الكويتي قبل نصف قرن، وقتها كان المجتمع في مراحل سياسية واقليمية معينة لكنه لم يتوقف عن السماح بكل ما هو من شأنه أن يعمل على بناء المجتمع ثقافياً بصورة مؤثرة.ولا أريد أن أذكر الكثير من الكتب التي عبرت عن آراء سياسية واجتماعية ودينية وثقافية، التي لا تخلو من تناول الكثير من الظواهر، وما كتاب الشيخ عبدالعزيز الرشيد «تاريخ الكويت» إلا دليل على سعة صدر الرقيب، ولقد تصفحت الطبعة الجديدة التي قام بطباعتها حفيده خالد الرشيد في طبعة جديدة، وعدم منع كتاب تاريخ الكويت إنما هو نقطة مضيئة للحكومة يجب أن نذكرها، ولست ممن لا يذكر عنها إلا المثالب فهذا أمر غير موضوعي، ولكن عليها أن تسمح بالمزيد من الحريات للمزيد من الكتب الفكرية محلياً وخليجياً وعربياً وعالمياً، كي لا يبقى معرض الكتاب العربي الذي يعتبر أهم المشاريع الثقافية في الكويت، وهو يعرض في السنوات المقبلة كتب الطهي والسحر والشعوذة وتفسير الأحلام، وبعض الكتب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.ومن جهة أخرى، فإن هناك بعض الحوارات في مسرحية «إسلام عمر»، حيث إن الرقابة الراقية في ذلك الوقت سمحت ببعضها، وهي من التراث، فكانت مرحلة تأصيلية للرقابة، وكيف يجب أن تكون حيث كان هناك تفهم كبير.وربما هذا النوع من الرقابة لم يعد حاضراً في العقود الأخيرة، وبالتالي فإن المسرح الكويتي كان أكثر من عانى لذا فإن المخرج صقر الرشود لجأ الى التراث ليقدم اسقاطاً على الواقع المعاصر عبر رائعتيه «حفلة على الخازوق» و«على جناح التبريزي وتابعه قفة»، ثم بتنا جميعاً نشتكي بما في ذلك الرقيب من هبوط مستوى المسرح الكويتي.أتمنى من معالي وزير الإعلام إقامة ندوة فكرية حول الرقابة مع دعوة كل الأطراف، بمن فيهم أصحاب الفكر غير التنويري المؤيدون للرقابة وتشددها، كي نتناقش وليس «نتهاوش» أمام الشارع الكويتي.ووقتها سيوضع حرف العين للكلمة كي تصبح إبداعاً متى ما قمنا بإلغاء الرقابة، وجعل القضاء هو الذي يحكم شرط أن يكون هناك قضاة متخصصون، للنظر في القضايا المتعلقة بالأعمال الإبداعية.

* كاتب وفنان تشكيلي كويتي