جاءت الكويت في المرتبة الثالثة خليجياً و28 عالمياً من أصل 133 دولة في مؤشر السرية المالية لعام 2020، الصادر عن شبكة العدالة الضريبية.ويصنف المؤشر الذي يصدر كل عامين الدول وفقاً لحجم السرية الذي توفّره للتدفقات النقدية الوافدة إليها، بغض النظر عن النتائج التي تترتب على ذلك، ما يعني أن الدول التي توفر أكبر قدر من السرية تعتبر ملاذات ضريبية آمنة، وهي وجهات تفرض سرية كبيرة على بيانات المودعين، ما يسمح لهم بالتهرب الضريبي أو إيداع أموال غير شرعية.ووفقاً للمؤشر، فقد سجلت الكويت 71 نقطة من حيث السرية التي توفرها للتدفقات النقدية الوافدة إليها، والتي تبلغ نحو 0.12 في المئة من الإجمالي العالمي، لافتاً إلى أن حصة الكويت من مؤشر السرية العالمي تبلغ 1.08 في المئة. وبحسب النتائج، احتلّت الكويت المرتبة 67 عالمياً في سرية المصارف، والـ73 في مكافحة غسل الأموال، والـ50 في توافر الإحصائيات العامة، والـ21 في التعاون القانوني الدولي.ويعتمد المؤشر في تصنيف الدول والمناطق على 15 معياراً منها مستوى السرية المصرفية، ومتابعة الدولة لبيانات ملكيات الشركات والكشف العلني عنها، ومطالبة الدولة للشركات بالكشف عن بياناتها الحسابية، وكفاءة النظام الضريبي، علاوة على مدى تعاون الدولة مع الدول الأخرى بشأن بيانات التدفقات المالية لديها، ومدى الالتزام بالقوانين الدولية للشفافية ومكافحة غسيل الأموال وغيرها من المعايير.من ناحية أخرى، حلّت الإمارات في المرتبة الأولى خليجياً في السرية المالية بعد تحقيقها المركز 10 عالمياً، تلتها قطر في المركز 20، ثم السعودية (45)، والبحرين (81)، فيما جاءت جزر الكايمن في المرتبة الأولى عالمياً، تلتها أميركا، ثم سويسرا وهونغ كونغ وسنغافورة..وفي تقرير مصاحب، قدرت شبكة العدالة الضريبية حجم الثروات المالية الخاصة التي تتواجد في بلدان غير خاضعة للضريبة أو تفرض عليها ضرائب أقل، بين 21 إلى 32 مليار دولار حول العالم. واستخدمت الشبكة كلمة البلدان التي تطبق مبدأ السرية، كبديل لمصطلح ملاذات ضريبية الأكثر استخداماً، حيث تستخدم هذه البلدان السرية بجذب التدفقات المالية غير الشرعية أو السيئة.ولفت التقرير إلى أن الأمر ينسحب على الدول الغنية، فعلى سبيل المثال، تعرضت دول أوروبية مثل اليونان وإيطاليا والبرتغال بسبب عقود من التهرب الضريبي إلى نهب الدولة، منوهاً إلى أن السرية المالية تطورت كصناعة عالمية، وضمت أكبر البنوك في العالم، وشركات القانون والمحاسبة ومقدمي الخدمات المتخصصين الذين يصممون ويسوّقون الهياكل الخارجية السرية لعملائهم المتهربين من الضرائب والقانون، كما أن المنافسة بين الدول لتوفير التسهيلات السرية أصبحت سمة أساسية في الأسواق المالية العالمية، خصوصاً منذ أن بدأت حقبة العولمة المالية في الثمانينيات.وعند تحديد أهم مزودي السرية المالية الدولية، يكشف مؤشر شبكة العدالة الضريبية أن الأفكار النمطية التقليدية للملاذات الضريبية يتم فهمها بشكل خاطئ، لافتاً إلى أن أهم مزودي السرية المالية الذين يؤوون الأصول المنهوبة ليسوا في الغالب جزراً صغيرة مليئة بأشجار النخيل كما يفترض الكثيرون، ولكنها تعتبر من أكبر وأغنى دول العالم، إذ إن البلدان الغنية الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي «OECD»، هي المستفيد الرئيسي من هذه التدفقات غير المشروعة، أو أنها تعمل كقنوات لصالحها.

 فساد الأسواق وتشوّه الاستثماراتأوضح التقرير أن توفير بلدان للسرية المالية يُفسد الأسواق والاستثمارات ويشوّهها، ويصوغها بطرق لا علاقة لها بالكفاءة، لافتاً إلى أن عالم السرية يخلق ملاذاً للجرائم، بما في ذلك الاحتيال والغش الضريبي والهرب من اللوائح المالية والاختلاس والرشوة وغسل الأموال وغير ذلك الكثير، كما يوفر طرقاً متعددة للأشخاص المطلعين للحصول على الثروة على حساب الآخرين، ما يؤدي إلى إفلات السياسيين من العقاب.وبحسب تقديرات الشبكة، فإن التدفقات المالية غير المشروعة العابرة للحدود تبلغ ما بين 1 إلى 1.6 تريليون دولار سنوياً، ما قلل بنحو 135 مليارا من المساعدات الخارجية العالمية، موضحة أنه منذ سبعينيات القرن الماضي، فقدت البلدان الأفريقية وحدها أكثر من تريليون دولار من هروب رؤوس الأموال، في حين أن الديون الخارجية المجمعة تقل عن 200 مليار دولار، وبالتالي تعتبر أفريقيا دائناً صافياً رئيسياً للعالم، لكن أصولها في أيدي نخبة ثرية تحميها السرية الخارجية، في حين نجد أن ديونها تقع على كاهل بقية سكانها.