علمت «الراي» أن إدارة الفتوى والتشريع، أفادت جهاز حماية المنافسة بأن الجمعيات التعاونية، والأنشطة التي تقوم بها، تخضع لمراقبة وإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وبالتالي لا اختصاص للجهاز على هذه الوحدات، ما فتح نقاشاً قانونياً واسعاً.مناسبة هذا الحديث، جاءت بعد الرد على استفسار من «الجهاز»، حول مدى خضوع الجمعيات التعاونية لأحكام قانونه من عدمه؟ حيث أوضحت «الفتوى» أن نص المادة السادسة من قانون «حماية المنافسة» حدد نطاق سريانه بحيث لا يشمل المشروعات، وأوجه النشاط التي ينظمها قانون خاص، وبعض الأنظمة الأخرى، التي لا تؤثر بصورة مباشرة، أو غير مباشرة في المنافسة الحرة، مشيرة إلى أن الجمعيات التعاونية ينظمها قانون خاص.وفي المقابل، لم ينعكس هذا الرد هدوءاً، حيث حاول المسؤولون اقناع «الفتوى» بأن ذلك يقلص سيطرة «الجهاز» على ضبط السوق المحلي، كما أنه لا يراعي توصيف حقيقة دور «حماية المنافسة» القانوني، في أنه جهة الإنفاذ المعنية من قبل الحكومة للإشراف على كيفية عمل الأسواق في الكويت، والنتائج التي تفضي عنها لصالح المنتجين والمستهلكين. لكن «الفتوى» أصرت على موقفها وفسرت ردها، بأن «الشؤون» تعد الجهة المقصودة في أحكام القوانين واللوائح القانونية، المناط بها الإشراف على الجمعيات التعاونية، وأن المشرّع منحها سلطة الرقابة والتفتيش على هذا النشاط، وأعمال الجمعيات، وحساباتها للتحقق من سيرها، موضحة أن للوزارة في سبيل ذلك سلطة وقف تنفيذ أي قرار تصدره الهيئات القائمة بإدارة الجمعية، ويكون مخالفاً لأحكام القانون، أو لنظام الجمعية.يذكر أن بداية هذا النقاش كانت بعد أن فرضت الجمعيات قيوداً وعراقيل على شركات بيض، من حيث إجبارها على توفير أكبر كمية من صناديق البيض بالمجان حتى تقوم الجمعيات بالشراء من هذه الشركات.وحسب ما ورد في الشكويين اللتين حركتا سؤال الصلاحيات، فإن نسب المجاني المطلوبة في الجمعيات قد تصل إلى أكثر من 70 في المئة من إجمالي قيمة كمية البيض التي تورّدها الشركات إلى التعاونيات، ما يضطر بعض الشركات الى الخضوع، وتحقيق خسائر، بما يمثل ممارسات ضارة بالمنافسة.وإلى ذلك، أشارت «الفتوى» إلى أنه ولو ثمة احتمالية صدور أفعال مناهضة من الجمعيات للمنافسة المشروعة، فإن المشرّع قد استثناها من قانون حماية المنافسة بنص صريح، فهي لا تخضع لأحكامه، وأما بخصوص شكوى الشركتين محل هذه الخصوصية، فلهما الحق في اللجوء إلى «الشؤون» صاحبة الاختصاص.وأضافت «الفتوى» أنه من المبادئ المقررة في الفقه والقضاء الإداري، أنه إذا وُكّل اختصاص ما إلى جهة إدارية كان على هذه الجهة أن تباشر هذا الاختصاص في الحدود التي يبتغيها المشرع، وبما يحقق الحكمة من تقريره، مبينة أنه لا يجوز تجاوز الدائرة التي رسمت لهذا الاختصاص، فتتعدى من خلال مباشرتها إياه على اختصاص مقرّر لجهة أخرى وفقاً للقانون، لأن ذلك يعد نوعاً من غصب السلطة، ما يعيب تصرفها في هذا الشأن ويصمه بعدم المشروعية.وأشارت «الفتوى» إلى أن نطاق قانون «المنافسة» حدّد خضوع التجار والشركات بجميع أنواعها والكيانات الاقتصادية والجمعيات والاتحادات والمؤسسات وغيرها من المنشآت والروابط أو تجمعات الاشخاص على اختلاف طرق تأسيسها لأحكام قانون المنافسة، ولم يستثنِ من ذلك إلا جهات محددة على سبيل الحصر نصّ عليها صراحة ولاعتبارات تتصل بالصالح العام.وذكرت أنه من الأصول المقررة أنه متى كان النص عاماً صريحاً في الدلالة على المراد منه، فإنه لا محل لتقييده، أو تخصيصه، أو تأويله، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير، لم يأت به النص عن طريق التأويل، كما أنه لا يجوز تفسير النصوص إلا في حالة غموض عباراتها عن بيان مقصود المشرّع منها أو وجود لبس فيها.ولفتت «الفتوى» إلى أن مشروع قانون المنافسة ومنع الاحتكار نص في مادة (60) مكرر على أنه «تعتبر تاجراً في أحكام هذا القانون الجمعيات التعاونية» إلا أن المشرّع عاد وعدل عن إقرار تلك المادة في القانون رقم 13 لسنة 1996 والذي أُلغي أخيراً بالقانون رقم 10 لسنة 2007، الذي استثنى أيضاً الجمعيات التعاونية من الخضوع لأحكامه.وفيما يجد هذا الرد ما يدعمه قانونياً من قبل «الفتوى»، ترى مصادر مسؤولة أن هذه الحالة تغلّ من صلاحية الجهاز في إرساء مبادئ المنافسة المستهدفة، فإذا كانت الجهات الحكومية والجمعيات التعاونية غير خاضعة لسلطة «حماية المنافسة» فإن هذه الاستثناءات تؤدي إلى ممارسات ضارة بالمنافسة، بالمخالفة لأحكام القانون.وقالت المصادر إن تحرك «حماية المنافسة» على تحديد صلاحيته على الجمعيات التعاونية، جاء بعد التأكد من وضع الأخيرة اشتراطات تحمل سلوكاً تعسفياً على الشركات، ولا يتفق مع أصول المعاملات التجارية التنافسية.وأضافت أن ممارسات الجمعيات التعاونية قد تقصي بعض المتنافسين دون الآخرين، مستغلة بذلك القوة السوقية التي تنشأ نتيجة لطبيعتها غير التقليدية، وخصائصها التي تمكنها من امتلاك وضع مسيطر في نطاق المنطقة الجغرافية الواقعة بها، موضحة أن الضرر يقع في هذه الحالة على الشركات الوطنية المنتجة والموردة.وبيّنت المصار أن رد «الفتوى» عزز حاجة «حماية المنافسة» لتعديل قانونه بأسرع وقت ممكن، بما يبسط يد الجهاز في خلق بيئة اقتصادية تنافسية، قائمة على الكفاءة، من خلال تطبيق جوانب القانون كافة، ما يحقق تكافؤ الفرص بين مختلف القطاعات، والوحدات الاقتصادية العاملة بالسوق المحلي، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي والمستهلك، ومن حيث وجود المنتج وتنويعه في ظل جودة أفضل وأسعار أقل.وقالت المصادر إن تعزيز المنافسة في الأسواق الكويتية، بطرق منظمة وفعالة في ظل القوانين واللوائح، والإجراءات المحلية وحسب المعمول به، تبعاً للاتفاقيات والمعاهدات العالمية، يحتاج إلى قانون يتمتع ببنية تشريعية تمنع بوضوح الممارسات الضارة بالمنافسة، سواءً من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين ذوي السيطرة، ومنهم الجمعيات التعاونية، التي قد تتبنى ممارسات وقرارات تضر بالمنافسة الحرة.