«منظومة المكافأة»... والإدمانعندما تتعلم شيئاً جديداً أو تختبر شيئاً ممتعاً من خلال سلوك معين، يؤدي ذلك إلى تنشيط «منظومة المكافأة» في دماغك. وبمساعدة مواد كيميائية طبيعية في الدماغ، تتواصل العديد من مناطق الدماغ مع بعضها البعض لمساعدتك على حفظ وتكرار ذلك السلوك تحديدا في المستقبل كلما أمكنك ذلك. وإذ تعتمد «منظومة المكافأة» بشكل كبير على الناقل العصبي الذي يحمل اسم «دوبامين»، فإنها تساعد العلماء والباحثين في تفسير العديد من التجارب والمشاعر الإنسانية الجوهرية، مثل الوقوع في الغرام، والشعور باللذة الجنسية، والاستمتاع بقضاء الوقت مع الأصدقاء.لكن الخطورة تكون عندما تقوم بعض المواد الخارجية – كالمخدرات مثلا –بـ«اختطاف» منظومة المكافأة تلك، وتقوم بتفعيلها بطريقة اصطناعية نطلق عليها اسم «الإدمان»، حيث تقوم تلك المواد بالإلحاح على الدماغ كي يكرر سلوك التعاطي ليحصل على «المكافأة» المتمثلة بالشعور باللذة أو النشوة أو السعادة. وهكذا يتضح أن الآلية الكامنة وراء الإدمان عموماً تتمثل في ذلك «الإلحاح» المستمر على الدماغ بأن يتعاطى مادة معينة أو يكرر سلوكيات محددة جالبة لتلك «المكافأة».أسئلة تبحث عن أجوبةفي ضوء المقدمة السابقة، كان من بين الأسئلة التي انطلقت منها الدراسة البحثية التي نحن بصددها هنا: هل السكر من المواد ذات التأثيرات الإدمانية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يساعد هذا في تفسير الرغبة الجامحة التي تنتاب بعض الناس في تناول الأطعمة السكرية (الحلويات عموما)؟الدراسة سعت إلى سبر أغوار هذه الأمر بشكل علمي، واجريت تحت إشراف البروفيسور مايكل وينتردال الأستاذ المشارك والباحث في قسم الطب الاكلينيكي في جامعة «آرهوس» في الدنمارك. وسعى وينتردال مع زملائه الباحثين إلى استكشاف وتحليل تأثير تعاطي السكر على شبكة «منظومة المكافأة» في أدمغة فئران تجارب.ونشر الباحثون نتائج دراستهم أخيراً في العدد الحالي من مجلة «ساينتيفك ريبورتس» العلمية المتخصصة في مجال علم النفس السلوكي والتعليمي.طريقة البحثقام العلماء بتحليل تأثيرات تناول السكر على سبع فئران تجارب، مستخدمين في ذلك تقنيات التصوير المقطعي للدماغ بالإصدار البوزيتروني (PET) مع منبهات مستقبلات المواد الأفيونية ومضادات مستقبلات الدوبامين لفحص منظومة المكافأة الدماغية لدى تلك الفئران.وقال البروفيسور وينتردال: «بعد مرور 12 يوماً فقط من جعل الفئران تناول السكر بانتظام، رصدنا من خلال تقنيات التصوير الدماغي حدوث تغيرات كبيرة في شبكة الدوبامين والأفيونيات في أدمغتها»، مشيراً إلى أنماط تلك التغيرات بدت شبيهة إلى حد كبير بالتغيرات التي تنشأ عن الإدمان على العقاقير المخدرة.استنتاجات تحليليةومن خلال تحليل النتائج، خلص الباحثون إلى أن السكر والأطعمة الغنية بالسكروز تؤثر على شبكة «منظومة المكافأة» في الدماغ بطرق مماثلة لتلك التي لوحظت عند استهلاك العقاقير المسببة للإدمان.وعن ذلك اختتم وينتردال بالقول: «ليس هناك شك بعد الآن في أن السكر له عدد من التأثيرات الفسيولوجية التي تجعله مسبباً لأعراض الإدمان... فبما أن السكر يمكنه أن يغير منظومة المكافأة في الدماغ بعد 12 يوماً فقط مثلما رأينا في تجاربنا، فيمكننا أن نستنتج أن ذلك له تأثير إدماني يطغى على المحفزات الطبيعية - كالتعلم أو التفاعل الاجتماعي - ويدفعها إلى ذيل قائمة«منظومة المكافأة».

جرس إنذار

 سعت دراسة بحثية جديدة إلى استكشاف ما إذا كان التعوّد على تناول السكر (الحلويات عموماً) يؤدي إلى تغيير كيمياء «منظومة المكافأة» في الدماغ بطريقة مماثلة لما يسببه الإدمان على المخدرات.فما النتائج التي خلصت إليها تلك الدراسة؟