قال أحد تُجار العقار في الكويت إن الحكومة قائمة بدورها في توزيع البيوت على المواطنين، لكن الشباب في عجلة من أمرهم! وكلامه هذا ذكرني بالمثل الذي يقول: «اللي إيده في الماي مو مثل اللي ايده بالنار». وذلك التاجر العقاري لم ينكو بنار الإيجارات، ولم يعان من ضيق الشُقق التي يسكنها الشباب، ولا يعلم بأن ثلثي أعمار الشباب مضت وهم ينتظرون بيوتا تضمهم مع عوائلهم، يغلقون أبوابها ورؤوسهم مرتاحة ونفوسهم مطمئنة. كلام ذلك التاجر العقاري ذكرني بحادثة وقعت في أكتوبر عام 1789م، يوم اتجهت حشود الشعب الفرنسي الغاضبة نحو قصر فرساي حتى حاصرته، رغم تمترس العسكر حوله، إلا أن الشعب الثائر على الجوع وقف أمام القصر وهو يهتف بغضب وحماس بعبارات مليئة بالمعاناة والتي كان آخرها ارتفاع سعر رغيف الخبز. فلما وصل صوت الشعب الغاضب إلى الملكة ماري أنطوانيت، وهي في قصرها، سألت من كان حولها من مستشاريها:«لمَ الشعب غاضب؟ فأجابوها بأنه غاضب بسبب ارتفاع سعر رغيف الخبز»، فقالت وهي البعيدة كل البعد عن معاناة الشعب: «إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء دعهم يأكلون كعكاً»!يقول الماغوط: حبيبتيهم يسافرون ونحن ننتظرهم يملكون اللآلئونحن نملك النَّمَشَ والتواليلهم يملكون الليل والفجر والعصر والنهارونحن نملك الجلد والعظام نزرع في الهجير ويأكلون في الظلأسنانهم بيضاء كالأرزوأسناننا موحشةٌ كالغابات صدورهم ناعمةٌ كالحريروصدورنا غبراء كساحات الإعدامبيوتهم مغمورةٌ بأوراق المصنّفاتوبيوتنا مغمورةٌ بأوراق الخريففي نهاية المقال... أقول ذلك للمسؤول ومن يشبهه: شوّية رحمة يا هوه!

@alrawie