تدرك الحكومات في دول الخليج أن وجود قطاع خدمات مالية قوي ومرن أمر بالغ الأهمية للتنمية، والإصلاح الاقتصادي، وتمظهر هذا الاهتمام في 2019 من خلال ما قدمته هذه الدول من تقدم مطرد في 3 محاور رئيسية شملت التنظيم والاندماج والرقمنة.ووفقاً لتقرير نشره موقع «CPI Financial»، فإن الاتجاهات الـ3 تتمتع بكونها مرتبطة ببعضها البعض، ومن شأنها مساعدة القطاع المالي على النضج، لافتاً إلى أنه على صعيد الجبهة التنظيمية، كانت هناك تغييرات كبيرة في المنطقة، تطلبت استثماراً كبيراً في التقنيات الحديثة لضمان الامتثال.وبحسب التقرير، بدأت مجموعة العمل المالي، وهي منظمة حكومية دولية، جولة تقييمات متبادلة جديدة في دول الخليجي خلال 2018، وتركز هذه المراجعات على قوة لوائح مكافحة غسل الأموال، وكيفية عمل البنوك المركزية، وفعالية المنظمين، إضافة إلى مدى امتثال البنوك للوائح.ولفت إلى أن الفشل في تجاوز هذه المراجعات الصعبة، يمكن أن يؤدي إلى العزلة عن النظام المالي العالمي. واستعداداً لهذه المراجعات، زاد المنظمون في دول الخليج من التدقيق على البنوك، وفرضوا غرامات عند الضرورة، إلى جانب مراجعة مجموعة العمل المالي، تطالب البنوك المراسلة العالمية، والتي يجب أن تمتثل لمجموعة من لوائح ومعايير عالمية متنوعة، بأن تلتزم بنوك دول الخليج بهذه اللوائح. وفي حال لم يفعلوا ذلك، فإن البنوك المراسلة العالمية لن تتعامل معهم، وبالتالي حرمان بنوك المنطقة من الوصول إلى العناصر الأساسية في الأسواق المالية العالمية مثل تسهيلات المقاصة بالدولار.ونتيجة لذلك، أوضح التقرير أن الجهات التنظيمية في الخليج استجابت بتغيير في العقلية، ففي السابق، كان النهج يركز في الغالب على تحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية للعديد من الأفراد والشركات الأجنبية التي تجتذب إلى المنطقة، أما الآن، فإن المنظمون يدركون أن البنوك الخاضعة تحت نطاقها يجب أن تعرف المزيد عن عملائها ومصدر الأموال.وأفاد بأنه ورغم الجهد الكبير الذي تتطلبه التغييرات، إلا أنها تساعد القطاعات المالية في دول المنطقة على التطور السريع واعتماد الممارسات الرائدة، وبالتالي تمهيد الطريق للتنمية الاقتصادية المستدامة، مشيراً إلى أن بنوك المنطقة حظيت بتدقيق تنظيمي متزايد، في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال، والامتثال لسياسة «اعرف عميلك».من ناحية أخرى، تطرق التقرير إلى واقع الاندماجات في القطاع المالي في الخليج، لافتاً إلى أن معظم القطاعات المالية في دول المنطقة متفرقة باستثناء السعودية، حيث يوجد في الإمارات، على سبيل المثال، أكثر من 40 بنكاً، الكثير منها موجه للافراد وتمثل اجهاداً على المنظمين، ولذلك فإن العديد من الحكومات وصناديق الثروات السيادية والجهات التنظيمية تعتبر عمليات الاندماج خطوة نحو قطاع مالي أقوى وأكثر مرونة، مشيراً إلى أن هناك العديد من عمليات الاندماج والاستحواذ البارزة في دائرة الضوء في 2019، منها الاندماج ما بين بيت التمويل الكويتي (بيتك) والبنك الأهلي المتحد.من جانب آخر، تطرق التقرير إلى البنوك دخلت في تعاون مع شركات التكنولوجيا المالية واستثمرت في حلول رقمية جديدة لأسواقها المحلية، لافتاً إلى أن المصارف يتم دفعها نحو الرقمنة بسبب المنافسة المتزايدة من الداخلين غير التقليديين إلى هذا القطاع، مثل «Neobanks»، والتي تعد بنوكاً رقمية بنسبة 100 في المئة وتصل إلى العملاء على تطبيقات الأجهزة المحمولة ومنصات الكمبيوتر الشخصية.