المعلومة السلعة الأكثر تأثيراً في العالم، مَن يمتلكها يستطيع أن يدير نشاطه بميزة تنافسية تجعله دوماً في الصدارة، ولا تقتصر تلك الميزة على نشاط بعينه إذ يستفيد منها الجميع بدءاً من الأعمال التجارية وصولاً إلى الاستخباراتية.ووفقاً لمتخصصين في جرائم تقنية المعلومات، فإن حياتنا اليومية لا تخلو من استخدام التطبيقات على الهواتف الذكية التي تطلب موافقة المستخدم ليلج التطبيق إلى العديد من البيانات على هاتفه كشرط أساسي للتشغيل، الأمر الذي باتت الموافقة عليه روتينية من قبل المستخدمين.ونوه المتخصصون إلى أن الموافقة على دخول التطبيقات على بيانات مستخدميها تُعد خطوة أولى في بناء قاعدة بيانات يمكن استغلالها بصور عديدة من خلال آليات تحليل متخصصة تكشف العديد من السلوكيات والتوجهات، ما يمكّن من يمتلك تلك البيانات من الحصول على المعلومات التي تفيده في نشاطه.
قاعدة بياناتوفي البداية، يقول المتخصص في جرائم المعلومات، رائد الرومي، إن البيانات والمعلومات التي يتيحها المستخدمون للتطبيقات، وفق بروتوكولات وأذونات التشغيل على الأجهزة الإلكترونية، تشكل في مجملها قاعدة بيانات يمكن استخدامها للعديد من الأغراض من بينها «التجاري»، وصولاً إلى «الاستخباراتي».وأفاد بأن البعض لا يدرك قيمة هذه البيانات، كونها شخصية، إلا أنها تُعد كنزاً ثميناً للمتخصصين، حيث يمكن استغلالها من خلال آليات تحليل متخصصة تركّز على أعداد المستخدمين، ومراحلهم السنية، وتوزيعهم الجغرافي، وسلوكهم على الشبكة العنكبوتية، واهتماماتهم حال البحث عبر الإنترنت، وسلوكياتهم التجارية، وغير ذلك.ونوه الرومي إلى أن تحليل هذه البيانات لشركات تجارية يحدّد لها أبرز ما يبحث عنه العميل من السلع ومواصفاتها، ما يمكّنها من تلبية احتياجاته بصورة تحقق رضاء العميل، وتحقيق عائد ربحي مجدٍ.وذكر الرومي أن ما يحققه الوصول إلى تلك البيانات وتحليلها من نجاح على المستوى التجاري، يفتح سوقاً سوداء لها، دون الحفاظ على هوية العميل، إذا لم يكن هناك قانون يحمي خصوصية العملاء، وهو الأمر الذي نفتقده في غالبية دول المنطقة، وبينها الكويت. وأضاف « يجب على المعنيين في الدولة العمل على سنّ قانون لحماية خصوصية المواطنين والمقيمين حال استخدامهم أي تطبيقات على أجهزتهم الإلكترونية، والتشديد على الشركات المالكة للتطبيقات بخصوصية معلومات عملائها، وأن استخدامها في أي غرض تجاري أو خلافه يعرضهم للمساءلة القانونية».
شروط وأحكامبدوره، قال المحامي المتخصص في جرائم تقنية المعلومات، المحامي، محمد الجاسم، إن أذونات التطبيقات الخاصة بالولوج إلى البيانات الشخصية لا تحمل أي خطر على مقدّمي الخدمة، خصوصاً أنها تقدم شروطاً وأحكاماً خاصة يجب على المستخدمين الاطلاع عليها قبل إعطاء الموافقة على استخدامها، فالموافقة على تلك الشــروط والأحكام تعني أنها لا تتعارض مع خصوصية العميل، وهي متغيرة حسب اعتقادات وبيئة وديانة وثقافة كل شخص.وبيّن أن المخاطر التي قد يواجهها المستخدمين تبدأ عند كشف بعض المعلومات الخاصة، مثل عناوينهم وأرقام هواتفهم، في حال استخدام الكيانات المالكة للتطبيقات أو موظفيها تلك المعلومات بشكل يعاقب عليه القانون، موضحاً أن التطبيقات يحق لها تجميع البيانات الخاصة بالعملاء واستشفاف توجهاتهم، من أجل تقديم العروض المناسبة لهم. وحول وجود تطبيقات تتبع أجهزة استخبارات قد تستغل بيانات ومعلومات المستخدمين لأغراض غير محسوبة، أفاد الجاسم بأن لا أحد يستطيع التأكيد أو الجزم في هذا الشأن، ولكن يظل الأمر متاحاً إذ إنه يمكن لأي جهة استخباراتية إنشاء شركة رسمية ضمن نطاق ذات الدولة وتقديم خدماتها للجمهور وجمع المعلومات من خلال هذه الخدمة.