فيما تترقب الأوساط المالية والاستثمارية، ما سيترتب على المراجعات التي تُجريها مؤسسة مورغان ستانلي «MSCI» في شأن ترقية الشركات الكويتية، والتي سيعلن عن أسمائها خلال يناير المقبل، يبرز السؤال حول القصة الكاملة لترقية الكويت لمصاف الأسواق الناشئة؟في البداية يتعين الإشارة إلى أن ترقية الكويت لسوق ناشئ جاءت بعد الانضمام لمؤشري «فوتسي» و«ستاندرد آند بورز»، وكانت نتيجة لجهود تطوير السوق، والتي تمت بشكل سلس، حيث تم تنفيذ اصلاحات عديدة وتحسينات تنظيمية وتشغيلية في سوق الأسهم.وستصبح الترقية نافذة اعتباراً من مايو 2020، فيما حددت «MSCI» تاريخ 20 مايو المقبل موعداً لضخ سيولة أجنبية غير نشطة يرجح أن تبلغ نحو 3.5 مليار دولار، باتجاه نحو 7 إلى 10 شركات قيادية مُدرجة، فيما يتوقع أن يتقدم هذه القائمة كل من «الوطني» و«زين» و«بيتك».وتجري نقاشات حالياً حول إمكانية تأجيل ذلك إلى بعد رمضان، ليتم الأمر بمرحلة واحدة حسب مضمون قرار الترقية، خلال يونيو المقبل.وينتظر أن تعمل بعض المؤسسات العالمية والمحلية المتخصصة في أمانة الحفظ على توفير الكميات المطلوبة للشراء من قبل المؤسسات الاستثمارية الخاملة التي تتبع المؤشر، إلا أن الخطأ وارد، في حين يتطلب الأمر مزيداً من التجهيز والاختبارات الجماعية بمشاركة البورصة والشركة الكويتية للمقاصة والوساطة وبإشراف من قبل هيئة أسواق المال.ولنبدأ القصة من البداية، حيث في 20 ديسمبر 2018، أكملت بورصة الكويت المرحلة الثانية من مراحل إدراجها ضمن مؤشر فوتسي راسل «FTSE Russell» للأسواق الناشئة، بعد إتمام المرحلة الأولى في سبتمبر من العام نفسه، حيث تخلل ذلك ضخ مبالغ مالية على مرحلتين نحو أسهم سبق تحديدها من قبل فوتسي، وجميعها لا يخرج عن إطار المتوقع أن تتضمنها ترقية «MSCI».وفي 5 ديسمبر 2018 أعلنت ستاندرد آند بورز داو جونز (S&P Dow Jones) أنها ستقوم في 23 سبتمبر 2019 بإداج الشركات الكويتية المؤهلة ضمن مؤشرها للأسواق الناشئة، حيث تم ذلك فعلياً لتحصل البورصة على البطاقة الثانية، علماً أن المبالغ المالية التي واكبت ذلك كانت متواضعة.وفي 25 يونيو الماضي كشفت شركة «MSCI» ضمن المراجعة السنوية لعام 2019 عن ترقية بورصة الكويت إلى «سوق ناشئ»، لكن الوكالة أصدرت توصية مشروطة للترقية، بوضع شرطين جديدين، هما «تقابل الصفقات» و«الحسابات المجمعة».وخلال الفترة من يونيو 2019 حتى اصدار قرار «MSCI»، قام فريق العمل لدى «هيئة الاسواق» بعقد أكثر من 45 اجتماعاً واتصالاً هاتفياً مع جهات أجنبية، إضافة إلى المئات من المراسلات الإلكترونية علاوة على جولات تعريفية مختلفة آخرها في الولايات المتحدة (نيويورك وبوسطن تحديداً)، قام بها فريق «الهيئة»، بالتعاون مع «البورصة». كما اجتمعت «الهيئة» مع مدراء الأصول العالميين، ومتتبعي المؤشرات العالمية للتعريف بالسوق الكويت ولعرض أخر التطورات، وأهمها استيفاء تطبيق هيكل الحسابات المجمعة «Omnibus Account» وتقابل عمليات الحساب الواحد «Same NIN Crossing».وكان التواصل مستمراً وبشكل مباشر ودوري بين فريق الترقية و«مورغان ستانلي» تقريباً كل اسبوعين، فيما تضمنت العملية المتابعة والتواصل مع 155 جهة أجنبية مؤسسية مهتمة بالاستثمار في الأسواق الناشئة خلال فترة ما قبل الترقية لاستطلاع آرائهم في شأن هيكل الحسابات المجمعة «Omnibus Account» وتقابل عمليات الحساب الواحد «Same NIN Crossing» في يوليو 2019.واهتم فريق الجهوزية بالعمل على تحليل جميع الردود على استبيان الهيئة، حيث كانت معظم الآراء إيجابية بشأن هيكل الحسابات المجمعة «Omnibus Account» وتقابل عمليات الحساب الواحد «Same NIN Crossing».وتوزعت تلك الجهات بين 5 مديري محافظ عالميين، ووسيطين (أجنبيين)، و7 أمناء حفظ (محليين وعالميين)، إلى جانب جهة إيداع مركزية عالمية.واستوفت منظومة السوق الشرطين المحددين قبل الموعد المُحدد، ويمكن القول ان التقنيات المتبعة لدى «المقاصة» أسهمت في إنجاز العملية قبل الموعد المُحدد بشهر كامل، أي بنهاية أكتوبر الماضي. أما بالنسبة لأبرز الإنجازات التي تمت خلال فترة التحضير للترقية فيمكن حصرها في 9 نقاط أساسية هي كالتالي:1 - تغيير دورة التسوية إلى (T+3) لاستيعاب عمليات السداد للمستثمرين الأجانب، خصوصاً في ظل اختلاف التوقيت وبعض الأمور التي كانت تستدعي إعادة النظر في دورة التسوية T+0.2 - تقديم مبدأ التسليم مقابل الدفع (DvP) بحيث لا يتم تسليم الورقة المالية المباعة لطرف ما يتداول في البورصة إلا بعد سداد ثمنها، علماً بأن مبدأ التسليم مقابل الدفع أحد أهم المعايير المطبقة عاليماً، الامر الذي ساعد في القضاء على ممارسات سلبية مختلفة.3 - تقديم خاصية رفض الالتزام لأمين الحفظ، بحيث يمكنه ألا يلتزم بسداد قيمة المشتريات، وان كانت تلك الأمور تهدد وضع الوسيط المنفذ للعمليات، إلا أنه أوج مساحة جديدة تطورات في ما بعد لتشمل منح الفرصة لأمين الحفظ للتفكير بعد رفض الالتزام بصفقة ما، كي يعاود الالتزام بها، وذلك خلال جدول زمني مُحدد.4 - أصدر وزير التجارة والصناعة خالد الروضان، قراراً سمح بموجبه للمستثمر غير الكويتي بتملك وتداول أسهم البنوك الكويتية، مشترطا موافقة بنك الكويت المركزي إن تجاوزت الملكية 5 في المئة من رأسمال البنك، بعد توصية من هيئة أسواق المال بضرورة اتخاذ هذه الخطوة، ما أسهم في تسهيل بيئة الاستثمار لغير الكويتيين في البورصة بما يتوافق مع المعايير العالمية ويتماشى مع رؤية الكويت.وواكب القرار إطار التطوير المستمر لمنظومة السوق بقيادة هيئة أسواق المال للبنوك كونها من أكبر القطاعات المؤثرة في السوق بقيمة رأسمالية 1.9 مليار دينار.5 - وجود جهاز مركزي واحد لحفظ الاوراق المالية (CSD).6 - تنفيذ قرارات الجمعيات العمومية حسب المعايير العالمية (Corporate Actions).7 - فتح سقف تملك الأجانب في البنوك، حيث كان لهذا الإجراء أثر إيجابي كبير لدى المؤسسات الاستثمارية العالمية التي تبحث عن فرص تملك مريحة بالبنوك الكويتية، حيث ارتفعت ملكيات العديد من التكتلات الاستثمارية الخارجية في بنوك كبيرة مثل «الوطني» إلى أكثر من 15 في المئة، و«الخليج» ما يزيد على 11 في المئة، وأيضاً «بيتك» فوق 7 في المئة، وغيرها من الكيانات المصرفية التي باتت هدفاً واضحاً للشراء.8 - تقابل الصفقات والحسابات المجمعة.9 - السيولة والقيم السوقية، إذ تبقى السيولة السبب الرئيسي وراء اختيار الاسهم المنضمة لمؤشر «MSCI» على أن تحدد السيولة والحجم معيار الإدراج بالمؤشر، فيما واكب فريق البورصة الترقيات بمزيد من التطوير وإطلاق الأدوات الاستثمارية التي تواكب التطلعات العالمية.

ماذا بعد الترقية؟تطرح الأوساط الاستثمارية سؤالاً حول الخطوة التالية للانضمام لـ «MSCI»، حيث من المقرر مواصلة التطوير وإطلاق الأدوات الاستثمارية التي تواكب التطلعات العالمية للترقية إلى سوق ناشئ متطور.وطرحت البورصة في المرحلة الثالثة (الدفعة الأولى) من تطوير السوق منتجات وأدوات استثمارية مبتكرة، ستسهم بدورها في توفير فرص استثمارية واعدة، وفتح مجالات أوسع للمستثمر المحلي والاقليمي والعالمي.

إجراءات احترازيةيرى المراقبون أن السوق بحاجة إلى إجراءات إحترازية كافية لاستقبال المبالغ المتوقع ضخها خلال الفترة المقبلة، سواء من قبل المؤسسات الاستثمارية الحرة التي تتحرك في نطاق ما يتوافر أمهامها من فرص تشغيلية تضمن لها عوائد مجزية، أو على صعيد المؤسسات التي تتبع «MSCI».وقدر المراقبون حجم السيولة المنتظر دخولها بورصة الكويت بنحو 7 مليارات دولار أي ضعف المبالغ المتوقع استقطابها من قبل المؤسسات التي تتبع المؤشر، فيما ينتظر أن تكون الأسهم القيادية التي تتجاوز قيمتها السوقية حدود النصف مليار دينار في مقدمة أهداف المؤسسات العالمية قبل وخلال مايو المقبل.معظم تلك التقديرات تمثل اجتهادات، إلا أن ارتفاع وزن السوق الكويتي إلى 0.69 في المئة من إجمالي «MSCI» فرض زيادة بحجم الاموال المتوقع مواكبة الترقية بها، فيما يتوقع ان تتزايد مع زيادة الحجم لأبعد من ذلك، حال وجود إدراجات نوعية أو ضم شركات جديدة بملف الترقية.وعملياً هناك حزمة إجراءات تخضع للدراسة حالياً لاستيعاب المبالغ المتوقع ضخها بنهاية جلسة 20 مايو، وأبرزها مد الوقت المخصص للتداول وتحديد لمزاد الاقفال الذي يبلغ مداه 10 دقائق، حيث هناك مقترح بإضافة نحو 10 دقائق إضافية لاستيعاب جلسة المزاد ليصل الوقت إلى نحو 12 دقيقة أو ما يزيد التي سيتخللها تنفيذ الصفقات.كما أن هناك توجهاً إضافياً لاستغلال جلسة الشراء بسعر الاغلاق على الأسهم المُدرجة للاستقبال جانب من السيولة الاجنبية المنتظرة.

قائمة الترشيحاتتشمل قائمة الشركات المرشح ترقيتها شركات تشغيلية يتجاوز قيمة بعضها نصف مليار دينار، وذلك ضمن الشروط الأساسية التي حددتها المؤسسة العالمية لترقية البورصات (شرط وجود 3 شركات بقيمة تبلغ 1.55 مليار دولار لكل منها).وهنا تتوافق العديد من الشركات الكويتية المُدرجة في البورصة مع ذلك الشرط، أبرزها بنك الكويت الوطني الذي تبلغ قيمته السوقية بحسب الاقفالات الأخيرة للسهم نحو7 مليارات دينار، وبيت التمويل الكويتي «بيتك» بقيمة 5.65 مليار دينار، و«زين» بقيمة سوقية تبلغ 2.6 مليار، وبنك «بوبيان» بـ 1.83 مليار، و«أجيليتي» بـ 1.42 مليار، فيما تبلغ القيمة السوقية لبنك «الخليج» نحو 930 مليون دينار، وبنك برقان نحو 803 ملايين، والأهلي المتحد الكويتي 680 مليون دينار.

صناديق مُدرة للدخل

تم تدشين الصناديق العقارية المدرة للدخل (المتـداولة) - REITs، وهي صناديق تمتلك وتدير العقارات المدرة للدخل والأصول العقارية. ويشترك عدد من المستثمرين في رأسمال صندوق الـ «REITs»، ما يسمح للمستثمرين الأفراد الحصول على حصة من الدخل الناتج عن ملكية العقار من دون الحاجة إلى شراء أو تمويل ممتلكات أو أصول، فيما يتوقع أن تركز الجهات المعنية على تلك الأداة لترويجها بشكل جيد خلال الفترة المقبلة، عبر طرح كيانات تنظمها جيداً.وينتظر أن تكون شركة بيتك كابيتال أولى المؤسسات الكبرى التي ستقدم ذلك النموذج، إذ انتهت من تحضير البنية الأساسية لصندوق متخصص في الـ REITs، فيما تتضمن قائمة مميزات تلك الصناديق: - توزيع نسبة 90 في المئة من الإيرادات التشغيلية لحاملي الوحدات.- الاستثمار بعقارات قائمة ومدرة للدخل.- فرصة للاستثمار بسوق العقار الكويتي برأسمال منخفض نسبياً. - متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بحسب النظام الأساسي لكل صندوق.وفي المقابل، تجهز البورصة للدفعة الثانية من المرحلة الثالثة والتي تتضمن «CCP»، أو ما يسمى الطرف المقابل المركزي، والذي يهدف لتقديم مجال أكثر أمامناً للاوساط الاستثمارية خلال الفترة المقبلة، فيما يتوقع أن تشمل النقلة التي تُجهز حالياً فصل تقاص الأسهم عن المبالغ وتوظيفها على كيانات متخصصة تجهزها «المقاصة».

تطويرات إضافية

تسعى إدارة البورصة لإضافة تطويرات جديدة، لاسيما بعد نجاحها في تقديم بعض الأدوات المستحقة، التي يتوقع أن تشهد تفعيلاً كبيراً خلال الفترة المقبلة، مثل عرض الشراء من طرف واحد وإقراض الأسهم والبيع على المكشوف، خصوصاً في ظل إطلاق صانع السوق.ويرتقب أن يدخل نحو 4 صناع سوق المنظومة قبل نهاية النصف الأول من 2020، إلى جانب «كميفك» التي دشنت نشاطاتها كصانع السوق أول من أمس على أسهم «دبي الأول»، فيما ينتظر أن تلحق بها شركة «بيتك كابيتال» و«ثروة للاستثمار» و«المركز المالي».وعلى صعيد الشركات التي يتوقع أن تشملها عمليات صناعة السوق، تواردت أنباء حول مباحثات تجريها شركة الصالحية العقارية مع إحدى الكيانات المتخصصة للقيام بدور صانع السوق على أسهمها وسط احتمالات بأن تكون الأمور أكثر وضوحاً خلال الفترة المقبلة.كما ستقدّم «كميفك» خدمة صناعة السوق على سهمي شركتي «أسيكو» و«التمدين العقارية» بداية من الأسبوع المقبل، بعد أن بدأتها على سهم «دبي الأولى» هذا الأسبوع.