فيما أشاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» ينس ستولتنبرغ، بالإنجازات التي حققها الحلف ومبادرة إسطنبول للتعاون طوال 70 عاماً من عمر الحلف، و15 عاماً على المبادرة، حذّر من أنّ الحلف الذي يضم أقوى دول العالم يواجه أكثر بيئة أمنية تعقيدا منذ نشأته قبل 70 عاما، داعياً إلى الاستعداد للرد على التهديدات.وخلال اجتماع ممثلي دول مبادرة اسطنبول للتعاون مع مجلس حلف شمال الأطلسي للمرة الثانية، الذي استضافته البلاد أمس، أثنى ستولتنبرغ على دور الكويت الكبير وتعاونها المثمر في دعم جهود «الناتو»، لافتاً إلى مساهمات المركز الإقليمي في الكويت، قائلا «إنني فخور بهذا التعاون وما تحقق من انجازات». وبيّن أن الشراكة مع دول الخليج أصبحت أفضل وأكثر فعالية، وأن أمن الخليج من أمن «الناتو». وأكد أن «الناتو» يساعد العراقيين للحيلولة دون ظهور تنظيم الدولة «داعش» مرة أخرى، حيث لا يزال يمثل خطرا رغم إحراز تقدم في القضاء عليه.ويأتي التحذير الذي أطلقه الأمين العام من التحديات الأمنية التي تواجه الحلف، في وقت تسود الخلافات بين أعضائه، وهي توتّرات طغت على قمة الحلف الأخيرة في الرابع ديسمبر على مشارف لندن للاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس المجموعة. وقال «في كل هذه السنوات، لم يختبر حلف الناتو بيئة أمنية أكثر تعقيدا من تلك التي (يواجهها) اليوم. ومن أجل الحفاظ على أمننا، علينا أن نكون مستعدين للرد على التهديدات الصادرة من كل الجهات، برا وبحرا وجوا وفي الفضاء والفضاء الخارجي، وكذلك من قبل الدول والجماعات الأخرى».من جانبه، أكد رئيس جهاز الأمن الوطني الشيخ ثامر العلي متانة العلاقات المتميزة بين الكويت وحلف شمال الأطلسي التي تخدم ترسيخ الأمن والسلم الدوليين.وفي كلمة ألقاها خلال الاجتماع، قال العلي إنه في الوقت الذي يواجه المجتمع الدولي تحديات جمة، تتطلب من الجميع ترسيخ التعاون وتكثيف التنسيق لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها، حرصت الكويت، بناء على تعليمات القيادة السياسة فيها ممثلة بسمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، على إيلاء حلف الناتو أولوية قصوى وتقديم يد العون وترسيخ مبدأ الشراكة معهم، مشيرا الى الصرح الذي يلتئم فيه الاجتماع للمرة الثانية خلال عامين، وهو المركز الإقليمي لمنظمة حلف شمال الأطلسي ومبادرة اسطنبول للتعاون.وأشاد العلي بالجهود المتعددة التي يضطلع فيها حلف الناتو في عمليات حفظ السلام وضمان الأمن والسلم الدوليين في مختلف أنحاء العالم، وهو الامر الذي يؤكد السياسة الراسخة في الحلف، والرامية لردع ومواجهة التحديات الأمنية المتعددة، سواء العسكرية منها أو المتعلقة بالارهاب والحرب السيبرانية، مؤكدا رغبة الكويت ودول مبادرة اسطنبول في التنسيق والتعاون مع الحلف لمواجهة هذه التحديات.ولفت الى أن «لقاء اليوم الذي يتسم بالمصارحة في شرح المواقف والتفاهم في مجال التعاون في شتى المجالات، يؤكد السعي إلى المحافظة على قصص النجاح التي تحققت وتطويرها وتوفير المناخ الصحي للتباحث والتحاور لما فيه الخير والفائدة لعلاقاتنا المشتركة». ووجه الشكر الى امين عام مجلس التعاون عبداللطيف الزياني، لدعمه اللامحدود لجميع أوجه التعاون القائم بين الأمانة العامة والحلف، مثنيا على جهوده طوال فترة عمله أمينا عاما لدول مجلس التعاون. من جانبه، قال نائب الامين العام لحلف الناتو ميرسيا جيوانا، ان الكويت صاحبة المبادرة لتوسيع التعاون بين حلف الناتو ومبادرة إسطنبول للتعاون، وكانت أول دولة خليجية تنضم الى هذه المبادرة، لافتا الى وجود مقر للتحالف في الكويت يدل على الأفعال وليس على الأقوال فقط، كما ان التعاون بين الناتو والكويت مبني على الثقة المتبادلة بين الطرفين ومع الدول الأصدقاء في المنطقة، حيث إن الناتو لا يقوم بتدريبات عسكرية مع الجانب الكويتي لتعزيز قدراتها فحسب، بل في التعاون السيبراني والتعليم العسكري، معربا عن شكره لكرم الضيافة والاستقبال الكويتي والدعم المالي السخي للحلف.وعما اذا كان الحلف لايزال قويا في ظل الانتقادات الموجهة له من قبل دول حليفة وعضوة، اجاب جيوانا «لا شيء جدياً في هذا الموضوع، فنحن معتادون على وجود آراء مختلفة بين أعضاء التحالف، وهذه احد أوجه الديموقراطية، فعلى مدار الـ70 سنة الماضية مررنا بأوقات عصيبة مثل أزمة قناة السويس في الستينات من القرن الماضي، وكذلك بالنسبة للتحالف ضد العراق، حيث كان بعض الأعضاء غير سعداء بالمشاركة في هذا التحالف، وحتى في الوقت الحالي ايضا بالنسبة للازمة السورية، ولكن سحر التحالف يكمن انه عندما نجتمع معا نعلم كيف ندير خلافاتنا ونخرج بقوة اكبر».وأضاف «أتوقع ان الحلف قادر على الاستمرار 70 سنة مقبلة، ونحن بصحة جيدة جدا» وحول وجود مشكلة تمويل التحالف، خصوصا من قبل الولايات المتحدة، قال «أصدقاؤنا الأميركان لديهم وجهة نظر جيدة في هذا الأمر، ولكن شركاءنا الأوروبيين رفعوا من ميزانياتهم الدفاعية الى 130 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل الى 400 مليار عام 2024، وقد تكون هناك مشكلة في التمويل، إلا أن أصدقاءنا في الاتحاد الاوروبي وكندا استجابوا بالإيجاب الى دعم الحلف».كما شدد جيونا على أن «الناتو» ينظر الى أمن منطقة الخليج كجزء من أمن العالم، والأمن لا يمكن ان يتجزأ. وأشار الى أهمية وجود مركز إقليمي للناتو في الكويت، حيث يقوم بدور كبير في تبادل الخبرات والتدريبات ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، وهو ما يعزز أمن المنطقة والعالم. وأكد مرونة حلف الناتو وقدرته على استيعاب المستجدات الجيوسياسية، وانفتاحه على توسيع التعاون مع الدول حول العالم، لضمان استقرار وأمن الجميع، لافتا الى حرص الحلف على تخصيص برامج عدة تناسب كل دولة على حدة من الدول الأعضاء.

5 مبادرات  لأمن الخليج والممرات المائية

قال رئيس جهاز الأمن الوطني الشيخ ثامر العلي، إن اجتماع ممثلي دول مبادرة إسطنبول للتعاون مع مجلس حلف شمال الأطلسي، تركز على مختلف القضايا التي تهم المنطقة، بالإضافة الى التداعيات التي بدأت تحدث في المنطقة، مشيراً إلى وجود 5 مبادرات تعنى بأمن الخليج والممرات المائية فيه، متمنياً أن يكون هناك ترابط ذهني وفكري حول هذه المبادرات.وأضاف العلي، في تصريح لدى خروجه من الاجتماع، ان «انعقاد الاجتماع الثالث للتحالف، والثاني خلال عامين، يعتبر دلالة على ان هناك اهتماماً من الحلف الأطلسي ودول المبادرة الأربع المتمثلة في الكويت والبحرين والإمارات وقطر، مضيفا ان الكويت دعت المملكة العربية السعودية وعمان للاجتماع فلبتا الدعوة».وعن مبادراته الخمس لتطوير مبادرة إسطنبول للتعاون، قال «إنها لا تزال أفكاراً طرحتها على أصدقائنا في حلف الناتو، وستتم دراستها، وأهمها ان تكون هناك اجتماعات على مستوى وزراء دول مجلس التعاون ووزراء من مبادرة إسطنبول والناتو، وان تكون هناك ديمومة لهذه الاجتماعات لتكوين فكر استراتيجي موحد من قبل دول المبادرة والناتو». وعما اذا كانت هذه المبادرات قد تؤدي الى التخفيف من حدة الخلاف الخليجي، قال: «ليست هناك مبادرة قد خرجت من اجتماع اليوم (أمس)، بل بعض الأفكار التي تناولت المبادرات التي تم طرحها سابقا».من جانبه، أعرب وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية البحريني الشيخ عبدالله الخليفة عن اعتزازه لانضمام بلاده إلى المبادرة، لافتاَ إلى أنهم يعملون منذ خمس سنوات على تعزيز علاقاتهم مع الحلف، وإن تقديمه الدعم في المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية وغيرها، مكنهم من تطوير القدرات العسكرية في بلادنا لموجهة التحديات المشتركة في المنطقة.واضاف ان «جهود الكويت، خصوصاً جهود جهاز الامن الوطني، باتت واضحة، وكذلك رؤيتهم المبكرة الثاقبة لاستضافة، مثل هذا المركز في الكويت لخدمة ليس فقط مجلس دول التعاون بل لخدمة الدول الأعضاء في حلف الناتو بشكل أرحب».

من الحلقة النقاشية

4 مجالات لتعاون  الكويت و«الأطلسي»سبق اجتماع ممثلي حلف شمال الأطلسي ومبادرة اسطنبول، حلقة نقاشية استهلها مدير معهد سعود الناصر الديبلوماسي السفير عبدالعزيز الشارخ، بكلمة استعرض فيها بدايات فكرة انضمام الكويت إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، عندما كان سفيراً في بروكسل، وطرح فكرة حوار مباشر بين بلاده والحلف، خصوصاً أن دول الحلف ساهمت في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.وأشار الشارخ الى أن الفكرة توسعت ولاقت الدعم المطلوب من القيادة الكويتية والدول الأعضاء في «الناتو»، كما كانت الكويت أول دول خليجية تنضم لمبادرة اسطنبول للتعاون، واختارت أربعة مجالات للتعاون مع «الناتو»، تتمثل في أمن الحدود البحرية والبرية ومحاربة الاٍرهاب والتدريب العسكري وإدارة الازمات.ولفت الى قرار الكويت بأن يكون جهاز الأمن الوطني نقطة اتصال مع «الناتو»، واصفاً هذا بالصائب جداً. وأشار الى أن هذا الحلف ديناميكي بشكل كافٍ، وان الكويت راضية كل الرضا في شأن التحالف مع «الناتو».التصدي لإيرانأكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية في مملكة البحرين الشيخ الدكتور عبد الله الخليفة، أهمية الدور الذي تلعبه الكويت في توسيع دائرة التعاون مع «الناتو» ودول مجلس التعاون الخليجي، وأشاد بالإنجازات الكبيرة التي تحققت من خلال دور «الناتو» في العالم، أو على مستوى مشاركة أعضاء مبادرة اسطنبول للتعاون، خصوصاً في مجال محاربة الإرهاب، ومواجهة التهديدات المتزايدة للخطر الايراني.واشار الخليفة الى ان «منطقتنا تعصف بها الأزمات والكثير من المشاكل التي تهدد أمنها خصوصاً بوجود دولة داعمة للإرهاب، ما يتطلب مزيداً من تضافر الجهود والتعاون من دول مجلس التعاون الخليجي مع الناتو». واكد حرص بلاده على التعاون مع «الناتو» من خلال مبادرة إسطنبول للتعاون. واشار الى ضرورة التصدي للخطر الايراني بوحدة الصف، واستعرض جهود البحرين ومشاركتها الفعالة مع «الناتو» في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني وتبادل المعلومات.الخلافات البينية  وأطماع الآخرينأفاد مدير إدارة السياسات العامة في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية في جامعة قطر الدكتور ماجد الأنصاري، أن الخلافات البينية موجودة بين كل الدول، وليست بين دول مجلس التعاون فقط، وموجودة ايضا في العالم العربي بشكل عام، ما يزيد مطامع دول أخرى مثل ايران وروسيا وغيرهما في المنطقة، وبالتالي فان الخطوة الاولى لمواجهة تحديات المنطقة هي التعامل معها بصدق وصراحة.وأشار الانصاري، في ردوده على أسئلة الصحافيين عقب الحلقة، الى وجود تقدم إيجابي على مستوى حل الأزمة الخليجية، حسب تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري ووزير الخارجية السعودي، وأن هذا التقدم لم يكن في السابق ولكن تم احرازه بفضل من الله عز وجل، ثم الوساطة التي يقوم بها سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد. اقتراح فرنسي  لتحسين العمل قالت سفيرة فرنسا لدى حلف الناتو ميريان دومينيك ان بلادها قدمت مقترحاً لتطوير عمل حلف الناتو في اجتماع لندن الذي عقد في بداية الشهر الجاري وتمت الموافقة عليه لتحسين عمل الحلف. وعن التعاون مع الكويت، أشادت دومينيك الى العلاقات الكويتية ـ الفرنسية خصوصاً في الجانب العسكري والأمني، مشيرة الى ان اتفاقية التعاون الأمنية بين البلدين والتي وقعت في عام 1992 كانت من أولى الاتفاقيات التي توقع في هذا الجانب بالمنطقة بعد حرب تحرير الكويت. ولفتت الى ان الكويت تعلم جيداً أهمية هذا التعاون، وأن قرار بلادها أن تشارك وتساهم بشكل فعال في استتباب الأمن بالمنطقة والعالم.ولفتت إلى أن سفارة بلادها لدى الكويت تعمل جيداً من أجل تطوير هذه العلاقات الاستراتيجية مع الكويت، مشيدة بدعم الكويت للجانب الفرنسي ومساهماتها الفاعلة في مبادرة إسطنبول للتعاون.