لا شك أنه عرض مغر جداً لأي إنسان أن تتوفر له وسيلة نقل يستطيع من خلالها قضاء مهامه اليومية، الاعتيادية منها والطارئة، خلال وقت قصير جداً، بعيداً عن أي اختناقات مروية، ودون أي تأخير.هذا العرض، تَعِدُك به أكثر من 100 شركة تعمل على تطوير طائرة الاقلاع والهبوط الكهربائية العمودية «eVTOL»، التي تعتبر بمثابة سيارة طائرة وتاكسي متنقل، من المؤمل أن تحدث تغييراً كبيراً في قطاع النقل. وتعقد تلك الشركات آمالاً عريضة على هذا النوع من الطائرات لتقديم خدمة نقل، توفر الكثير من التكلفة والوقت على الراكب، لاسيما وسط المدن المكتظة بالازدحامات المرورية.وبحسب تقرير نشرته شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، فإن طائرات «eVTOL» كنظيراتها من الطائرات المروحية، لن تحتاج إلى مدرج للاقلاع، ولكن بخلاف المروحيات الأخرى فستكون هذه الطائرات «هادئة» ورخيصة.وفي حين يرى خبراء أن حلم تغلغل مثل هذه الطائرات يبدو بعيد المنال، إذ يقول خبراء الصناعة أن شركات خدمات النقل التي تستخدم مثل هذه الطائرات لن تكون ظاهرة منتشرة في الأسواق حتى عام 2030، فإن هناك من يتوقع أن تحلّق 5 آلاف «تاكسي طائر» في سماء لندن مطلع عام 2023!ولفت تقرير «بي بي سي» إلى أن هناك أسباباً وجيهة تجعل صناعة هذه الطائرات تركز في المقام الأول على التنقلات القصيرة داخل وخارج المدن، ذلك لأن هناك الكثير من العملاء المحتملين هم من سكان المدن، علاوة على أن هذه الطائرات لا تستطيع التحليق بعيداً، خصوصاً وأن معظمها يتمتع ببطاريات تسمح لها بالطيران لمدة نصف الساعة تقريباً.

نقاط جذب من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي في شركة «Vertical Aerospace»، مايكل سيرفينكا، أن واحدة من أهم نقاط الجذب لاستخدام طائرات «eVTOL» أنها هادئة نسبياً، فبينما تحلق في السماء نجد أنها تصدر ضجيجاً أقل بثلاثة أضعاف من ذلك الذي يصدر من المروحيات العادية، مشيراً إلى أن ذلك قد يخفف من مخاوف الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات العمودية، لكن يمكن أن يعترض البعض على التدفق المستمر للحركة الجوية، فحادث واحد فقط قد يخلق معارضة واسعة النطاق لوجود مهابط في المناطق المكتظة بالسكان.من ناحية أخرى، أشار تقرير «بي بي سي» إلى أن هيئات تنظيم الطيران في أوروبا والولايات المتحدة تعمل حالياً على وضع معايير تضبط عمل هذه الطائرات الجديدة، وبمجرد الموافقة على تلك المعايير، من المرجح أن تمر طائرات «eVTOL» بسنوات من الاختبار قبل تحقيقها للمعايير المطلوبة، وهي عملية من المحتمل أن تكلف مئات الملايين من الدولارات.وأوضح التقرير أن الطائرات الكهربائية هي أبسط بكثير من طائرات الهيلوكوبتر أو طائرات الركاب، لذلك فمن الناحية الميكانيكية تعتبر نسبة تعرضها للفشل أقل بكثير من غيرها، وعلى سبيل المثال تحتوي العديد من تصاميم طائرات «eVTOL» على محركات متعددة، بحيث يمكنها الطيران حتى في حالة فشل محرك واحد.ورغم أن شركة «أوبر»، التي تمتلك مشروع طائرات «eVTOL» يُطلق عليه «Uber Air»، قالت إن خدمات سيارات الأجرة الطائرة لا تحتاج إلا أن تكون أكثر أماناً من قيادة السيارة، وربما ضعفها، فإن تقرير «بي بي سي» أشار إلى أن الجمهور والجهات المنظمة قد يتوقعون معايير سلامة أقرب إلى معايير شركات الطيران، كما أن هناك سؤالا آخر لم يُجب عنه أحد، وهو: كيف ستعمل طائرات «eVTOL» وسط الظروف المناخية السيئة؟!وقال التقرير «في حال أصبحت طائرات «eVTOL» تشكل نظام نقل ذا سوق كبير مع وجود آلاف الطائرات، سيتعين وضع أنظمة جديدة لإدارة المجال الجوي، كما هو الحال بالنسبة للطائرات العادية، وسيكون هذا هو الحال بالتأكيد إذا حققت الصناعة هدفها النهائي، وهو أن تكون هذه الطائرات من دون طيارين، ولذلك ستحتاج تلك الطائرات أن تكون قادرة على استشعار ما يجري من حولها وتحديد الطائرات الأخرى».بدوره، أوضح المستشار المتخصص في صناعة الطائرات الكهربائية، داريل سوانسون، أنه ليس بالأمر المفاجئ تماماً، إذا رأينا نحو 5 الآف مركبة تحلق فوق العاصمة لندن في الأول من يناير من العام 2023، مبيناً أنه بالرغم من أنه سيكون هناك تراكم بطيء لحركة المرور، لكن مع مضي الوقت سيتيح لنا ذلك إثبات أن هذه الأنظمة تعمل بشكل صحيح.وتعتقد «Uber Air» أن مثل هذه الخدمات ستصبح شكلاً مقبولاً من وسائل النقل اليومية للجماهير، وحتى أقل تكلفة من امتلاك سيارة، ومع ذلك فإن هذه الخدمات ستستهدف في البداية العملاء الأغنى المستعدين لدفع علاوة أكثر.