... واستقالت الحكومة، على أمل الإتيان بحكومة «بفريق متجانس»، على ما أعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، موجباً، من وجهة نظره «معالجة الخلل الموجود في الفريق الحكومي وحسمه»، وهو ما دعا اليه عدد من النواب أيضا، فيما كانت جلسة الثلاثاء المحملة باستجوابين، مؤشرا لسباق بين التعديل الحكومي وجلسة التصويت على طلب طرح الثقة بنائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح... فكانت الاستقالة أسرع.وقال الرئيس الغانم أمس، إنه لا نية لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد لحل مجلس الأمة في الوقت الحالي، مشيرا الى عدم تسلمه رسمياً استقالة الحكومة. وأضاف الغانم في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة، انه أوصل أول من أمس رسالة الى القيادة السياسية حول رأيه ومجموعة من النواب، بأن «المشكلة تكمن بعدم تجانس الفريق الحكومي، وحتى يستمر المركب يجب أن يكون هناك فريق متجانس». وبيّن أنه «وفقاً لما أخبرني به سمو أمير البلاد، لا اعتقد بوجود أي نية لحل مجلس الامة في الوقت الحالي، انما الامر يحتاج الى إعادة ترتيب الفريق الحكومي»، مؤكدا ان «حل المجلس هو حق دستوري أصيل لصاحب السمو ولا ينازعه فيه أحد». وأضاف انه لم يتسلم رسمياً استقالة الحكومة حتى الآن، لكن من وجهة نظره انه «يجب معالجة الخلل الموجود في الفريق الحكومي وحسمه... وأعتقد أنه سيحسم»، مشددا على أنه «يجب أن يكون هناك فريق حكومي متجانس».

وقال النائب محمد الدلال لـ «الراي»، إن «استقالة الحكومة جاءت في وقتها ومستحقة ومطلوبة، ونحن بحاحة إلى حكومة أقوى ومنسجمة ومتفاهمة، وذلك لم يكن موجودا في الحكومة المستقيلة»، مطالبا بأن «أي تشكيل حكومي قادم يجب أن يكون على أسس معينة و يستقطب وزراء لديهم خبرة سياسية وادارية، والنظام السياسي يتطلب ذلك من واقع تجربة فهم للوضع القائم».ودعا الدلال إلى «تشكيل حكومة تضم فريق عمل منسجماً ومتفاهماً، حيث إن إحدى الإشكاليات في الحكومة الأخيرة تكمن في عدم الانسجام والتفاهم، إذ زادت الخلافات عن حدها في مجلس الوزراء، واذا توافر الانسجام مع وجود قدرة على صنع رؤية وتنفيذها بشكل واضح وشفاف وقدرة على المواجهة، وقتذاك نقول عندنا حكومة قوية وأمينة وصالحة في ظل هذه الاوضاع».وفضل الدلال «عدم المبالغة في التفاؤل، إذ يجب ألا نتفاءل كثيرا، وعلينا أن نحتاط، ولكن هذه رؤانا ومجلس الأمة يده ممدودة للتعاون، وسوف نكون داعمين، لكن اذ رجعنا الى ذات الآلية في الاختيار والطريقة في عملية الاختيار وعدم الانسجام فلا طبنا ولا غدا الشر». من جهته، قال النائب محمد هايف لـ «الراي» إن المهم في التشكيل الحكومي الجديد أن يضع في الاعتبار الاستفادة من الحكومات السابقة، ويجب على الحكومة أن تكون متميزة في اختيار الوزراء، الذين ينالون ثقة سمو الأمير في إدارة الحكومة.وأكد هايف: «إن توالي الحكومات المتعاقبة بأداء متواضع وأقرب ما يكون الى السيئ، جعل الكويت في مؤخرة الدول، ليس العالمية فحسب وإنما الخليجية بسبب الفساد الذي استشرى في الوزارات وفي الاداء الحكومي».وأكد أن «الشعب الكويتي سئم من الحكومات المتعاقبة التي كان أداؤها من سيئ إلى أسوأ، ونتطلع الى حكومة أفضل بنهج جديد ومتميز، يقضي على الفساد ويعبر بسفينة الكويت إلى الامام».وأعلن النائب خالد العتيبي أن «الحكومة لا تستحق البقاء، فلتستقل، ولكن يجب تغيير النهج، والحكومة وصلت إلى الدرك الأسفل من التردي، حكومة ديدنها تمييع القضايا والضحك على الناس».وذكر العتيبي: أن «الحكومة غرقت في شبر ماء ليس لها القدرة على السباحة في البحر المتلاطم (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)».وفي السياق قال النائب عبدالوهاب البابطين «إن استقالة الحكومة ورحيلها واجب، والأوجب أن يكون لدينا مشهد جديد يقوم على أركان رئيسية، أولها مصالحة وطنية شاملة وطي صفحات الماضي وحل مجلس الامة والدعوة لانتخابات مبكرة، يختار من خلالها أبناء الشعب الكويتي ممثليه، وأخيرا رئيس وزراء جديد بنهج جديد».من جهتها، رجحت مصادر نيابية أن يشهد التشكيل المرتقب تغييرا واسعا ربما يشمل 6 حقائب من ضمنها حقائب سيادية.وقالت المصادر لـ «الراي» إن التشكيل سيتم اختياره على «نار هادئة، وقد يستغرق بعض الوقت بغرض التريث في الاختيار وانتقاء وزراء قادرين على صنع نهج جديد، يعتمد على رؤى اصلاحية»، لافتة إلى أن «هناك استياء نيابيا من بعض الوزراء الذين من المتوقع استبعادهم».وذكرت المصادر أن «أروقة مجلس الأمة شهدت (أمس) اجتماعات نيابية عدة، بهدف توحيد المواقف تجاه التشكيل المرتقب»، مشيرة إلى اجتماع ثنائي عقد في مكتب النائب محمد هايف ضمه والنائب الدكتور بدر الملا، «بحثا خلاله ضرورة استبعاد بعض الوزراء الذين يشكل وجودهم استفزازا لبعض النواب».وأشارت المصادر إلى أن «اجتماعا آخر عقد في مكتب النائب خالد العتيبي ضمه والنواب عبدالله فهاد ونايف المرداس والدكتور عادل الدمخي، بحثوا فيه استقالة الحكومة وتوقيتها، والحاجة إلى حكومة منسجمة ومتفاهمة، وأن يكون اختيار الوزراء الجدد على أسس معينة، وبعيدا عن المحاصصة والترضيات»، داعين إلى «حكومة تحمل رؤى تطويرية وتقضي على البيروقراطية».

في بيان وقعه 16 نائباً: لتغيير كامل في النهج والسياسات العامة

أكد عدد من النواب «ان استقالة الحكومة لا تعني شيئا مالم يعقبها تغيير كامل في النهج والسياسات العامة، وانه من الواجب أن يكون ذلك النهج نهجا جديدا مبنيا على تقوية الجبهة الداخلية بالمصالحة الوطنية، من خلال إقرار قانون العفو الشامل إعمالا بالمادة (75) من الدستور الكويتي، وانتشال البلاد من حالة تردي الأوضاع في جميع المجالات والأصعدة، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين».وقال النواب الـ16 في بيان لهم: «إن قضية دخول المجلس تشكل محطة مفصلية في تاريخ الحياة السياسية، طالت سياسيين وناشطين من أكثر الرجال إخلاصا وتفانيا ومحبة للكويت وأميرها. وتجاوز هذه القضية وكافة تبعاتها هو السبيل الوحيد لرص الصفوف والحفاظ على وحدة وتماسك المجتمع، في ظل ما نشهده من غليان إقليمي يحيط بنا».وأعلنوا ان «لا عزة لبلاد إلا برجالها المخلصين، ولا مكانة لبرلمان سوي بالدفاع عن الحريات ومحاربة الفساد وإرساء العدل. حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه».ووقع على البيان النواب: خالد العتيبي، عادل الدمخي، محمد هايف، الحميدي السبيعي، أسامة الشاهين، عبدالكريم الكندري، عبدالله فهاد، شعيب المويزري، مبارك الحجرف، عبدالله الكندري، عبدالوهاب البابطين، ثامر السويط، نايف المرداس، محمد المطير، محمد الدلال، وعمر الطبطبائي.