عواصم - وكالات - على وقع العملية العسكرية المستمرة للقوات التركية في شمال شرقي سورية ضد القوات الكردية التي تخوض معارك عنيفة للحد من تقدم «نبع السلام» في مناطق نفوذها، أعلنت واشنطن أن جنوداً أميركيين تعرضوا لاطلاق نار مدفعي من مواقع تركية قرب الحدود السورية الشمالية.وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الكابتن بروك ديوالت، ليل الجمعة - السبت، إن «جنودا أميركيين تعرضوا لاطلاق نار مدفعي من مواقع تركية قرب الحدود السورية الشمالية»، محذرا من أن الولايات المتحدة جاهزة للرد على أي اعتداء بـ«عمل دفاعي فوري».وأكد أن انفجارا وقع على بعد مئات الأمتار من موقع أميركي قرب بلدة كوباني (عين العرب)، وفي منطقة «يعرف الأتراك أن جنودا أميركيين يتواجدون فيها».وأشار الى عدم وقوع اصابات بين الجنود الأميركيين، وأن «القوات الأميركية لم تنسحب من كوباني».في المقابل، نفت أنقرة استهداف الأميركيين، مؤكدة أنها «اتخذت كل الإجراءات التي تضمن عدم إلحاق ضرر بأي موقع أميركي». وذكرت وزارة الدفاع في بيان أن «عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية أطلقوا النار من رشاش ثقيل وقذائف هاون من موقع يبعد نحو ألف متر جنوب نقطة مراقبة أميركية على مخافر حدودية في بلدة سوروج التركية».وأضافت أن «الجيش التركي رد على قصف القوات الكردية في اطار الدفاع عن النفس»، مشيراً إلى ان «القصف توقف بعد ان طلب الجانب الاميركي ذلك».وجاءت تلك التطورات فيما أعلن وزير الخزانة الاميركي ستيفن منوتشين أن الرئيس دونالد ترامب أجاز ولم يأمر بتفعيل «عقوبات جديدة كبيرة جدا» ليثني تركيا عن توسيع هجومها العسكري.وقدم نواب أميركيون تشريعا جديدا، الجمعة، بهدف فرض عقوبات قاسية على تركيا بسبب عملية «نبع السلام». ويتضمن مشروع القانون فرض عقوبات على مسؤولين أتراك شاركوا في العملية وبنوك شاركت مع قطاع الدفاع التركي وذلك إلى حين أن تنهي تركيا عملياتها، كما سيمنع مشروع القانون إرسال الأسلحة إلى القوات التركية في سورية ويلزم الإدارة الأميركية بتطبيق عقوبات قائمة على تركيا لشرائها نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس-400».لكن وزارة الخارجية التركية أكدت أن أنقرة «سترد على أي خطوات تتخذ ضد جهودها لمحاربة الإرهاب»، وذلك في تعليقها على احتمال تعرضها لعقوبات أميركية.وأضافت في بيان «تركيا في حرب مع منظمات إرهابية تشكل تهديدا لأمنها القومي...لا يجب أن يشك أحد في أننا سنرد...على أي خطوات تتخذ ضد ذلك».وقال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، رداً على سؤال صحافي حول إمكانية وساطة مع «وحدات حماية الشعب»، «لا تفاوض مع إرهابيين»من ناحية أخرى، دخل الجنود الأتراك والمقاتلون السوريون الموالون لهم أمس إلى أحد أحياء بلدة رأس العين في شمال شرقي سورية، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد).وأعلنت وزارة الدفاع التركية سيطرتها على البلدة، الأمر الذي نفته «قسد» ومصادر أخرى بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد عن مقتل 10 مدنيين في نيران القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها.وخاضت «قسد» معارك عنيفة للحد من تقدم القوات التركية في مناطق سيطرتها، وتركزت المعارك في منطقتي رأس العين (في شمال محافظة الحسكة) وتل أبيض (في شمال محافظة الرقة).وقال مسؤول في «قسد»: «رأس العين لا تزال تقاوم، والاشتباكات العنيفة مستمرة».ودعت «قسد» واشنطن إلى «تحمل مسؤولياتها الأخلاقية» تجاهها وإغلاق المجال الجوي أمام الطيران التركي، معتبرة أن «الغزو التركي أنعش داعش». وأكد المرصد السوري دخول القوات التركية والمقاتلين السوريين الموالين لها إلى البلدة من دون أن تتمكن من السيطرة سوى على حي الصناعة عند أطرافها. وأشار مراسل «فرانس برس» أشار إلى صعوبة في تقدم القوات التركية والفصائل الموالية لها في البلدة بسبب القناصة المنتشرين داخلها.وأشار المرصد ومسؤول في «قسد» إلى أن سيارة ملغومة انفجرت عند سجن يُحتجز فيه أسرى من تنظيم «داعش» في مدينة الحسكة في شمال شرقي البلاد.ومنذ بدء هجومها، سيطرت القوات التركية وفق المرصد على 27 قرية حدودية، غالبيتها في محيط تل أبيض.وارتفعت حصيلة القتلى في الهجوم التركي إلى 28 مدنياً، فضلاً عن 74 مقاتلاً من «قسد»، وفق المرصد.وفي الجهة التركية من الحدود، قتل منذ الخميس 18 مدنياً في قذائف اتهمت أنقرة المقاتلين الأكراد بإطلاقها.ومساء أمس، أفاد المرصد بأن مقاتلين موالون لأنقرة «أعدموا 9 مدنيين» في جنوب تل أبيض.وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من الضغط على المستشفيات في شمال شرقي سورية جراء الهجوم، وقد جرى إغلاق مستشفى تدعمه في مدينة تل أبيض بسبب فرار أفراد الطاقم الطبي مع عائلاتهم.وأفاد الهلال الاحمر الكردي عن قصف طال نقطته الطبية جنوب رأس العين، ما أسفر عن إصابة سائق وتضرّر سيارات الإسعاف. وأشار إلى أنه «تم إخلاء النقطة» ولم يعد بوسعه الدخول إلى رأس العين لنقل المصابين. وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 100 ألف شخص نزحوا من مدينتي رأس العين وتل أبيض مع تصاعد العنف هناك، فيما ذكرت الإدارة الكردية الذاتية أن نحو 191 ألف شخص نزحوا بسبب العمليات العسكرية التركية.وعلى صعيد المواقف الدولية من العملية التركية، -أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن بلاده ستوقف تسليم تركيا أسلحة «يمكن أن تستخدم في شمال شرقي سورية» ضد المقاتلين الأكراد.وفي طهران، عرض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إدخال الأكراد السوريين ودمشق وأنقرة في محادثات لفرض الأمن على الحدود التركية - السورية.وقدمت باكستان دعما نادرا لتركيا في هجومها، فيما من المتوقع أن يزور الرئيس رجب طيب أردوغان إسلام أباد في وقت لاحق هذا الشهر.وفي نيويورك، عطّلت موسكو، ليل الجمعة - السبت، مشروع إعلان لمجلس الأمن يدعو تركيا لوقف عمليتها العسكرية في شمال شرقي سورية.