عاش العراق الغني بنفطه وموارده الطبيعية وشعبه، منذ ما بعد سقوط الملكية عقودا من الانقلابات والمغامرات العسكرية التي أورثت الشعب الفقر والفاقة والحاجة، وأحالت ذلك البلد العظيم بخيراته إلى بلد منهك متعب شاحب، ينتظر من يشيح عن وجهه غبار الحروب ورائحة الموت المنتشرة في كل زواياه، حتى ينهض من جديد لعل شعبه أن يستنشق طعم الحياة الحقة بعدما أنهكه العيش بطعم الموت.تسلط على حكم العراق الشيوعيون والبعثيون فكانت الانقلابات لا تكاد تهدأ، ومحاولات الاغتيالات المتعددة للحكام لم تكد تتوقف، إلى أن حكم العراق صدام حسين - الديكتاتور الدموي - الذي أرسى قواعد حكمه بأعواد المشانق وبارود الأسلحة لكل معارض، خصوصاً حروباً عبثية في المنطقة أرجعتها 100 عام إلى الوراء، قبل أن تسقط الولايات المتحدة حكمه وتسلم العراق على طبق من ذهب لأحزاب عراقية الشكل والمظهر إيرانية الولاء والاتباع والارتهان، فعاثت هذه الأحزاب في العراق فساداً، ونال الشعب الذي وعدته أميركا بديموقراطية لا شبيه لها في الشرق الأوسط جزاء سنمار، فضاع الأمن وجاع الناس، وانتشرت عمليات القتل على الهوية، وهدمت مناطق بأكملها على رؤوس أهلها، وشهد العراق خلال 16 عاماً من بعد سقوط نظام صدام الديكتاتوري جرائم ضد الإنسانية وعمليات تعذيب ممنهجة لأبرياء وعزّل لم يشهدها التاريخ الحديث قط، فاقت كل ما يمكن أن يخطر على بال أحد، باعثها الطائفية وهدفها التغيير الديموغرافي الذي يخدم مصلحة النظام الإيراني كما هو حاصل تماما في سورية واليمن ولبنان.منذ ما بعد سقوط النظام السابق في العراق، بدأنا نسمع من العراقيين اشتياقهم للأمن وحاجتهم لتأمين الغذاء وتوفر فرص العمل والماء الصالح للشرب، والرعاية الصحية مع عودة الديكتاتورية!اليوم وبعد سنوات من الحال السيئة انتفض العراقيون في وجوه الأحزاب الدينية المرتهنة للخارج، رافضين كل «وعود التخدير» التي أطلقها رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ومتصدين بصدورهم العارية لرصاص الميليشيات الأمنية، أملا في تحقيق أمنيات الشعب بوطن آمن مستقر يحكمه عراقيون يمثلون شعبهم وتطلعاته وبولاء تام للدولة العراقية.كل أشكال الحكم المستوردة وأنظمته الشيوعية، الماركسية، البعثية، الرأسمالية، أو الدينية لن تحقق للشعوب رغباتها، ما لم تكن متوافقة مع مبادئ شعوبنا ورغباتها المشروعة. فعمائم الشر الداعشية وعمائم الشر الإيرانية وجهان لعملة ظالمة إقصائية واحدة، تزعمان احتكار الحق وفي سبيل نشر معتقداتهم الباطلة فإنهم يستسهلون القتل والتفجير والاعتداء على حق الإنسان بالعيش الكريم، لمجرد مخالفتهم أو عدم الانضواء تحت مظلة جهالتهم، وهذا ما أدى إلى نفور أعداد من الشباب عن التدين، واعتناق الإلحاد الذي بدأ ينتشر في دول الاضطرابات القائمة على أسس مذهبية أو طائفية.العراقيون اليوم يثورون على المؤامرة الإيرانية - الأميركية ضد بلادهم وضد وجودهم وضد كرامتهم ولقمة عيش أبنائهم، ولهم بإذن الله النصر وللعراق الآمن المستقر السؤدد والسلام.

@mh_awadi