وأنا جالس في أحد مقاعد مسرح التكريم في قاعة إكسبو في إمارة الشارقة، التي خُصصت لفعاليات ملتقى «الراوي» السنوي، وعنوان دورته لهذا العام «ألف ليلة وليلة»، والذي يقيمه ويشرف عليه معهد الشارقة للتراث، نادى باسمي مُقدم الحفل، وذلك لمشاركتي بورقة عمل، بعنوان «الخليفة العباسي هارون الرشيد في كتاب ألف ليلة وليلة». فاتجهت على الفور نحو خشبة المسرح بتأنٍ، حتى وصلت إلى من برعايته حفل التكريم الدكتور عبدالعزيز المسلّم، فمددت يدي وصافحته، فقدم لي هدية التكريم، التي كانت عبارة عن مصباح في شكله التراثي المعروف، الذي يشبه مصباح علاء الدين، الذي رأيناه في المسلسلات القديمة، فسألته: هل ستعطوني المصباح بالمارد؟ أو أن مصباحكم بلا مارد؟ فبادرني بضحكة صادقة. «شبيك لبيك خادم المصباح بين يديك». هذه العبارة لا توجد ولن توجد سوى في الأساطير التراثية الخيالية، لكننا في طفولتنا كنا نؤمن بحقيقة وجود مصباح علاء الدين السحري، ووجود خادم المصباح الضخم، المخيف بعضلاته المفتولة ورأسه الأصلع الذي لا يوجد به سوى قرن واحد من الشعر منسدل على قفاه، والذي يخرج مع دخانه المتصاعد من فم المصباح، وهو يقول عبارته التلفزيونية المشهورة تلك: «شبيك لبيك»، التي يسبقها بقهقهات ثقيلة ومرعبة. لكنني اليوم وبعد أن كبرت وفهمت وعاركت الحياة، وجربت من الدنيا حلوها ومرها، وبعد أن صقلني الكثير من التجارب القاسية، وبعد أن التقيت بالعديد من الوجوه التي أحببتها، والعديد من الوجوه التي خذلتني، والعديد من الشهادات الدراسية التي حصلت عليها، أيقنت وآمنت أن لكل واحد مِنا مصباحه السحري، الذي يمثل أحلامه وأمنياته ورغباته واحتياجاته، وأيضاً أيقنت وآمنت أن في روح كل واحد مِنا يوجد خادم يشبه خادم المصباح، يحتاج للعزم والجِد والتعب والسهر والطموح، كيّ يرتقي بصاحبه نحو المراتب العُليا والمراكز المتميزة، وقبل كل ذلك لابد أن ينطلق المرء متوكلاً على الله تعالى، وأنه يوجد في داخل حقيبة رحلة حياته ثلاثة أشياء، هُي،: الإيمان والحُب والأمل.
مقالات
أبعاد السطور
مصابيحنا السحرية
02:36 م