في الطريق إلى الدوام ومع زحمة الصباح الباكر، يكون صوت فيروز هو الصديق المفضل لدى البعض في رحلتهم المملة إلى مقار عملهم! هذا الصوت الجميل الذي غنى العديد من الأغنيات الرائعة، والتي ما زالت تردد حتى يومنا هذا رغم مرور الزمن وتعاقب الأجيال!فمن منا ينسى أغنية (شايف البحر شو كبير) وأغنية (بكتب اسمك يا حبيبي)، ومن منا يمكن أن يغفل عن أغنية (أنا لحبيبي وحبيبي إلي) وأغنية (عهدير البوسطه)، ومن منا لا يردد أغنية (سألتك حبيبي) وأغنية (حبيتك بالصيف)، أما أغنية (كيفك أنت؟) فلها حكاية من نوع آخر!فأنا شخصياً - وأعتقد أن الكثيرين كذلك يعتقدون - أن قصة الأغنية تدور حول سؤال امرأة عن حال حبيبها وعن أبنائه بعد أن هجرها وتزوج امرأة أخرى، إلا أن كاتب الأغنية زياد الرحباني وهو ابن المغنية فيروز فكان له رأي آخر!يقول زياد الرحباني إنه هاجر لبنان ليتزوج من حبيبته دلال كرم، وعاش خارج بلاده لفترة طويلة. قرر زياد العودة إلى وطنه من دون أن يخبر والدته فيروز أنه سيرجع إلى بلده لبنان. كان زياد في زيارة إلى أحد أصدقائه وأراد أن يشتري بعض الحاجيات من أجل وجبة الغداء.يضيف زياد أن ما حدث كان بمثابة مشهد سينمائي، فبينما كان هو بجوار المبنى الذي يسكن به صديقه رأته والدته فيروز فجأة وصدفة، فقالت له: (كيفك أنت؟ عم بيئولوا صار عندك ولاد، أنا كنت مفكرتك برات البلاد)، فكان ما حدث بمثابة الصدمة لابن يرى والدته بعد فترة غياب طويلة، عكست مشاعر الحنين والشوق والعتب والسؤال لأي أم يبتعد عنها ابنها من دون أن تعلم عن حاله.ظلت تلك الكلمات عالقة في ذهن الرحباني فترة من الزمن، فقام بكتابة كلمات الأغنية وتلحينها وتسجيلها على شريط كاسيت وذهب إلى بيت والدته في الروشة ليسمعها الأغنية، تساءلت فيروز عن المطلوب؟ فأجاب: (بدنا نغنيها إذا أمكن). استغربت فيروز من طلب ابنها خصوصاً أنها لم تكن مقتنعة بكلمات الأغنية وخصوصاً (ملا أنت).حاول زياد إقناع والدته بالأغنية لمدة أربع سنوات، حتى وافقت فيروز على غنائها عام 1991 وباتت واحدة من أشهر أغانيها، رغم أنها أثارت جدلاً في بداياتها خصوصاً في ما يتعلق بكلماتها كما توقعت فيروز، إلا أنها أصبحت الأكثر مبيعاً والأكثر طلباً في حفلاتها!ومنذ أن استمعت لقصة هذه الأغنية قبل أسبوع، حتى أصبحت تلازمني في طريقي إلى العمل صباح كل يوم، فما أجمل الأغنية التي تخرج كلماتها من القلب، وأي قلب أجمل من قلب الأم، وما أجمل أن تكون الأغنية بصوت فيروز الرائع! فالله الله على جمال وحلاوة صوتك يا فيروز.
مقالات
اجتهادات
كيفك أنت؟
01:02 م