بعيداً عن قناعة هذا بليونيل ميسي أو عدم قناعة آخر به، فإن هذه الموهبة النادرة في ملاعب كرة القدم لا تقبل تشكيك أحد. قد لا يعطي البعض «القيمة» لميسي، لدواعٍ مختلفة، بيد أن من شأن «البرغوث» أن يجعل من اللعبة الأكثر شعبية، «يتيمة»، ما أن يقرر إدارة ظهره لها وتعليق حذائه إلى الأبد.ميسي لا يحتاج شهادة أحد ليثبت عبقرية افتقدتها الملاعب من أيام مواطنه دييغو مارادونا والبرازيلي بيليه وعشرات ممن دمغوا كرة القدم بأدائهم، بيد أن المشكلة تكمن في عدم قدرة «ليو» على فرض أحقية ريادته «بوضوح»، خصوصاً على جبهة منتخب بلاده.قبل أيّام، توّج ميسي بجائزة «الأفضل» (the best) التي يمنحها الاتحاد الدولي (الفيفا) سنوياً لأفضل لاعب بحسب تصويت يشارك فيه بالتساوي الجمهور ومدربو المنتخبات وقادتها ووسائل الإعلام، متفوقاً على الهولندي فيرجيل فان دايك (ليفربول الإنكليزي) والبرتغالي كريستيانو رونالدو (يوفنتوس الإيطالي).4 أسباب تنال من «أحقية ميسي» في جائزة «الفيفا» 2019 وفق ما جرى استخلاصه من مجمل التحاليل التي تطرقت للمسألة.

1 القيمة الفنية

يرتبط اختيار ميسي للفوز بالجوائز الفردية دائماً بقيمته الفنية، بغض النظر عمّا يحققه في الملعب، سواء مع برشلونة أو منتخب الأرجنتين. وإذا سلّمنا جدلاً بهذا الكلام، فإن الجوائز الفردية، بمجملها، لن تحتاج إلى «بروتوكولات» اختيار، وتصنيفات وحفلات، وما إلى ذلك. ثمة حقيقة واحدة تتمثل في أن ميسي هو اللاعب الأفضل فنياً في الملاعب منذ 2006، وبالتالي لا حاجة لصوغ مقارنات بينه وبين غيره.حجة إقحام ميسي دائماً في السباق نحو الجوائز الفردية بسبب «القيمة الفنية» مردود في ما خصّ جائزة «the best» مثلاً، لأن لاعب باريس سان جرمان الفرنسي، البرازيلي نيمار، قيمة فنية راسخة أيضاً، سواء حقق الألقاب أو لم يفعل، فلمَ لم يجرِ اختياره بدل فان دايك أو حتى رونالدو في اللائحة الثلاثية الأخيرة؟

2 الإعلام أكثر مصداقية

الاختيار في ما خصّ جائزة «الفيفا» يخضع للأهواء. الجماهير (25 في المئة من نسبة التصويت) ومدربو المنتخبات (25 في المئة) وقادتها (25 في المئة)، فضّلوا ميسي على فان دايك ورونالدو، بنسب متفاوتة، بينما اختارت وسائل الإعلام (25 في المئة) فان دايك.قد تكون للجماهير والمدربين والقادة حسابات مختلفة، لدى الاختيار، فيما يبقى الإعلامي أكثر صدقاً لأن اختياره مرتبط بمصداقيته، مع العلم أن نتائج التصويت تُكشف للعلن بعد الإعلان عن الفائز. وفي هذا الإطار، فإن ميسي أدان نفسه، قبل سنوات، عن غير قصد، عندما سئل عن اختياراته لمواطنه سيرجيو أغويرو وزميليه في برشلونة، الإسبانيين تشافي هرنانديز وأندريس إنييستا، لشغل المراكز الثلاثة الأولى. وعن السبب في عدم انتقائه رونالدو بين الثلاثة الأوائل، قال: «سيكون من الغباء عدم اعتبار رونالدو بين الأفضل على الإطلاق. فكّرت فقط بأن هؤلاء هم اللاعبون الذين يتوجب علي اختيارهم».معلوم أن جائزة الأفضل في أوروبا ذهبت إلى فان دايك، ويجري الاختيار فيها عبر إعلاميين وعدد من المدربين.

3 ازدواجية غريبة

هل يعقل أن يتوج لاعب ما بلقب الأفضل في العالم ولا يكون في الوقت ذاته الأفضل في أوروبا؟هذه إشكالية من شأنها أن تربك أرباب اللعبة وتضع معشر كرة القدم في حيرة.قبل أسابيع وتحديداً في نهاية أغسطس، انتزع فان دايك جائزة أفضل لاعب في أوروبا، متفوقاً على ميسي ورونالدو. وبعدها فاز ميسي بلقب الأفضل في العالم متفوقاً على فان دايك ورونالدو.فكيف يكون «ليو» بعبعاً في العالم ووصيفاً لـ«زعيم القارة العجوز»؟هذا الواقع يكشف الكثير من اللغط في معايير الاختيار، وسيربك الشارع أكثر فأكثر في حال عاد فان دايك ليثأر من ميسي وينتزع جائزة «الكرة الذهبية» التي تقدمها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية لأفضل لاعب في العالم، بعد أشهر قليلة.

4 أرقام وألقاب

يدّعي كثيرون بأن التتويج بالألقاب ليس حاجة ضرورية للفوز بالجوائز الفردية، ويركّزون على عدد الأهداف والأرقام وما إلى ذلك. وهنا نسأل: لمَ وكيف انتزع الإيطالي فابيو كانافارو جائزة «الفيفا» و»الكرة الذهبية» متقدماً في الأولى على الفرنسي زين الدين زيدان الذي يتفوق عليه فنياً؟ أليس لأنه توج بكأس العالم 2006؟ميسي اكتفى بتحقيق لقب الدوري الإسباني في الموسم الماضي، وسقط في دوري أبطال أوروبا وكأس إسبانيا و«كوبا أميركا»، بينما بلغ فان دايك القمة القارية متوجاً بدوري الأبطال فضلاً عن وصوله بمنتخب بلاده الى نهائي دوري الأمم الأوروبية. وعلى مستوى التأثير، كان تأثير فان دايك موازياً في ليفربول لتأثير ميسي في برشلونة، إن لم يكن أكبر.والأكثر من ذلك أن معظم الجوائز تركز على سيرة اللاعب خارج الملعب أيضاً كرسالة الى النشء الصاعد، ونستذكر هنا التصاريح «القاسية» التي أدلى بها ميسي بعيد المباراة أمام البرازيل في «كوبا أميركا» والتي أدت إلى إيقافه.