بعيد تسجيل البلجيكي روميلو لوكاكو هدفه في مرمى ليتشي، الإثنين، في ختام المرحلة الأولى من الدوري الإيطالي لكرة القدم، وقيادته إنتر ميلان، إلى تحقيق فوز كبير برباعية، بدا وكأن مسماراً جديداً دُقّ في نعش لاعب الفريق، الأرجنتيني ماورو إيكاردي.معروف عن المدرب أنتونيو كونتي، صرامته أينما حلّ وارتحل، بيد أن إصراره على نبذ إيكاردي، القائد السابق للفريق وهدافه الأول، وجد مبرراً جديداً تمثّل في تألق لوكاكو، إلى حد دفع بالبعض إلى تشبيهه بنجم ميلان السابق، الرئيس الليبيري الحالي جورج ويا، الحاصل على «الكرة الذهبية» 1995.يدرك كونتي ما يريد وقد حصل على أموال كافية لتعزيز تشكيلة نادٍ باحثٍ عن لقب أول في الدوري منذ 2010، ما لبثت أن تعززت بوصول التشيلي أليكسيس سانشيز معاراً من مانشستر يونايتد الإنكليزي.كونتي أراد لوكاكو، لاعب «يونايتد» الآخر، أوّلاً وأخيراً، وبدا أنه سيبني منظومته حوله.حتى عندما كان المؤشر يميل إلى إمكان عدم تحوّل البلجيكي إلى «جيوسيبي مياتزا»، لم يكن أنتونيو مسلّماً بالأمر المتمثل في القبول بإيكاردي الذي لا ينتمي إلى فئة اللاعبين الذين يروقون للمدرب الفذّ.كونتي من نوعية المدربين الباحثين عن عناصر «تعطي من قلبها» و«تثور» داخل الملعب، لا خارجه.عندما كان مدرباً لمنتخب إيطاليا في «يورو 2016»، بلغ ربع النهائي بتشكيلة عادية، وواجه ألمانيا المدججة بالنجوم، ولم ينحنِ أمامها إلا بركلات الترجيح. يومها، تحدث الجميع عن «روحية كونتي» الحاضرة في الملعب والتي دفعت باللاعبين إلى أبعد من حدود طاقاتهم.

اللعب على المعنوياتيعرف أنتونيو ما يريد، وهو ما كفل له النجاح بصفة دائمة. عندما تولى الدفة الفنية لتشلسي اللندني، نجح فوراً في ترجمة تفوقه تتويجاً بلقب الدوري، في موسمه الأول، أتبعه بلقب الكأس في الثاني.الإدارة الصينية المالكة للنادي اللومباردي أنفقت 65 مليون يورو لجلب لوكاكو، كما وصل الأوروغوياني دييغو غودين من أتلتيكو مدريد الاسباني، إلى جانب ستيفانو سينسي ونيكولو باريلا، ثم تعززت التشكيلة بسانشيز الذي يؤمن كثيرون بأن «إعادته إلى الحياة» ستتم، لا محالة، على يد كونتي الذي «يلعب كثيراً على المعنويات».سيحمل لوكاكو، وهو أفضل هداف بلجيكي (48 هدفا دوليا)، الرقم 9 في «نيراتزوري» بدلاً من إيكاردي الذي ينتظر مصيره بعد صراعه الحديدي مع إنتر.المدير الرياضي للنادي جوسيبي ماروتا، أعلن بأن إيكاردي لن يكون جزءاً من «مشروع كونتي»، مطالباً إيّاه بالبحث عن ناد آخر سريعاً، وذلك رداً على تصريحات وكيلة أعمال وزوجة اللاعب، الأرجنتينية واندا نارا، التي أشارت فيها إلى أن مسيرة الأخير ستستمر مع إنتر، مؤكدةً بأن ماورو اتخذ قراره بالبقاء، وشددت على أنه يُحب النادي وسبق أن رفض الكثير من العروض لأجله.

ما بين السطورما يُقرأ بين السطور يعي بأنّ واندا، الحائزة على إجازة جامعية في الحقوق، تسعى لاستغلال إحدى المواد القانونية التي تشير إلى أنه «في حال بقاء اللاعب لموسم كامل دون خوض أي مباراة، فإن ناديه يكون مهدداً بفقدانه بصفقة انتقال مجاني في الصيف التالي»، علماً أن عقد ماورو يستمر حتى يونيو 2021.وسيكون هذا السيناريو كارثياً لإدارة النادي التي تعوّل على الأموال المتأتية من صفقة بيع إيكاردي لتغطية نفقاتها، أضف إلى ذلك أن سعر اللاعب انخفض أخيراً نتيجة عدم مشاركته في المباريات.وبحسب القانون، فإن اللاعب يجب أن يشارك في ما لا يقل عن 10 في المئة من المباريات الرسمية للنادي، وإلا يصبح بإمكانه أن يُطالب بفسخ العقد قبل 15 يوماً من نهاية الموسم.سوق الانتقالات في إيطاليا يقفل أبوابه، في 2 سبتمبر المقبل، وبحسب موقع «كالتشيو ميركاتو»، فإن لدى إيكاردي عرضين، من نابولي وآخر من موناكو الفرنسي، رغم أن صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت»، تحدثت، قبل فترة، عن أن نجم يوفنتوس، البرتغالي كريستيانو رونالدو، أعطى إدارة ناديه، الضوء الأخضر لضم الأرجنتيني.وعاد ماروتا نفسه ليؤكد، في مناسبة أخرى، أنه «يمكنني أن أنفي بشكل قاطع أن شخصاً ما في النادي وافق على بقاء إيكاردي، لا سيما الرئيس (الصيني) ستيفن تشانغ».وتابع: «الإستراتيجية التي انتهجها إنتر دقيقة، وسرنا عليها بوضوح في إطار زمني محدد. سنواصل حتى النهاية ولا يمكن لأحد في النادي تغيير النهج الذي يشترك فيه الجميع».

شارة القيادةآثر كونتي الابتعاد عن معضلة إيكاردي وإبعاد فريقه عنها، في خطوة واضحة إلى أنه يريد التركيز في الاستحقاقات التي تنتظره على أرض الملعب.صحيح أنه أصرّ على رحيل اللاعب، خلال فترة الانتقالات الصيفية، غير أن كونتي ضمه إلى قائمة مباراة ليتشي، وقال في المؤتمر الصحافي الخاص باللقاء: «إيكاردي ليس جزءا من مشروعي الرياضي للموسم الحالي. المسار الذي اتخذه النادي واضح. أكن الاحترام للجميع، ما يمكنني قوله هو أن وجوده لا يزعجني، فجميعنا نعمل بشكل جاد».بدأت المشاكل، في منتصف الموسم الماضي، عندما جُرِّد إيكاردي من شارة القيادة وأُسقط من التشكيلة، على خلفية مطالباته وواندا، بزيادة راتبه.ويعيد كثيرون سبب المشاكل إلى الزوجة التي يبدو أنها تركز أكثر على كسب الأموال منه على مسيرة اللاعب.حتى أن إيكاردي اعترف يوماً بأن نارا تؤثر في حياته خاصة، وهو ما يبرره كونها تكبره سناً (32 مقابل 26)، وهي ممثلة، وشخصية مؤثرة تلفزيونياً وإذاعياً، ومصممة وعارضة أزياء.ومن يذهب في عمق المشهد، يكتشف بأن واندا تسعى دائماً للاستفادة من غيرها لتحقيق أهدافها.فقد اكتسبت شهرتها في مجال التلفزيون والأزياء عبر شقيقتها، زايرا، التي تملك شعبية أكبر، وحققت شهرة مُعتَبَرَة إثر زواجها من لاعب كرة القدم الأرجنتيني ماكسي لوبيز (2008-2013)، صديق إيكاردي، قبل أن تتركه لترتبط بالأخير ابتداءً من 2014، في «قصة خيانة» شغلت الأقلام بين الأرجنتين وإيطاليا.إيكاردي نفسه اعترف يوماً بأن واندا هي من قام بالخطوة الأولى تجاهه عندما كانت مرتبطة بلوبيز.ورغم الاتهامات التي طاولتها، نجحت نارا في الحصول على حكم بحضانة الأطفال الثلاثة الذين نتجوا عن علاقتها بزوجها السابق.وبالنسبة إلى إيكاردي، فهو لم يجد أرضية صالحة في منتخب بلاده، بعدما أفقدته زوجته، الذي رزق منها بطفلة، ثقة زملائه به إثر «خيانة» لوبيز. يبدو أن واندا تملك شيئاً من «السحر»، خصوصاً أن إيكاردي اعتمد وشماً يحمل صور أبناء لوبيز وزوجته وعلّق على ذلك قائلاً: «أحب هؤلاء الثلاثة».

... إنّ كيدهن لعظيم.