الخرطوم - وكالات - وسط حضور رسمي واسع وأجواء شعبية احتفالية، وقّع المجلس العسكري وحركة الاحتجاج في السودان، أمس، على «الوثيقة الدستورية»، وهي الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، ما من شأنه أن يمهد لبدء مرحلة انتقالية تؤدي الى الحكم المدني الذي يأمل السودانيون أن يجلب لبلدهم الحرية والازدهار الاقتصادي. ووقّع الاتفاق كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، وممثل تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» أحمد الربيع. وبدأ حفل التوقيع بالنشيد الوطني ثم تمت تلاوة آيات من القرآن الكريم، قبل أن يتلو أحدهم صلاة مسيحية «هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنبتهج ونفرح به»، وعلقت لافتات داخل القاعة كتب عليها «فرح السودان». وجلس حميدتي والربيع إلى المنصة الرئيسية وبجوارهما رئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد ورئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي. كما حضر الحفل وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، ووزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إلى جانب رؤساء دول وحكومات إفريقية وممثلون عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وعلا التصفيق في الصالة فور الانتهاء من التوقيع الذي استغرق بضع دقائق وشمل أوراقاً عدة تحدّد فترة حكم انتقالية مدّتها 39 شهراً، وتتضمن وثيقتي الإعلان السياسي الموقعة في 17 يوليو الماضي، ووثيقة الإعلان الدستوري الموقعة بالأحرف الأولى في 4 أغسطس الجاري.وعقب التوقيع، حمل رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح البرهان الوثيقة التي وضعت في غلاف سميك باللون الأخضر عاليا ولوح بها وسط تصفيق الحاضرين. وقال الناطق باسم المجلس العسكري الانتقالي، شمس الدين كباشي، لـ «سكاي نيوز عربية»، إن المجلس السيادي سيضم البرهان، الذي سيترأسه، كما سيضم ونائبه «حميدتي» والفريق ياسر العطا. واعتبر الزعيم المعارض الصادق المهدي، أن هذا «يوم عبور الى الحكم المدني الذي سيحقق السلام والتحوّل الديموقراطي عبر انتخابات حرة احتكاما للشعب السوداني». وكتب الجبير، في تغريدة، أن «اتفاق السودان هو اللبنة الأولى التي سوف تسهم في بناء دولة متمكنة أمنياً واقتصادياً وسوف يسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق». ورغم أنّ الطريق إلى الديموقراطية لا تزال حافلة بالكثير من العقبات، تجمع آلاف السودانيين قرب القاعة التي تم فيها التوقيع للاحتفال. كما احتفت الصحف بـ«الانتقال التاريخي». في المقابل، اعتبرت «الجبهة الثورية» أن «الوثيقة الدستورية» في شكلها الحالي «لن تحقق السلام والاستقرار».وينهي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 4 أغسطس نحو 8 أشهر من الاضطرابات بدأت بتظاهرات حاشدة ضدّ الرئيس عمر البشير الذي أطاح الجيش به تحت ضغط الشارع في أبريل الماضي. ومع التوقيع الرسمي، يبدأ السودان عملية تشمل خطوات أولى فورية مهمة، إذ سيتم اليوم الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيتألف بغالبيته من المدنيين، فيما سيشهد، غداً، أداء أعضاء مجلس السيادة اليمين الدستورية كما يؤدي رئيس الوزراء اليمين في 21 أغسطس.وأعلن قادة الحركة الاحتجاجية الخميس، أنّهم اتّفقوا على تعيين المسؤول السابق في الأمم المتحدة عبدالله حمدوك، وهو خبير اقتصادي مخضرم، رئيساً للوزراء.ومن المتوقّع أن يركّز حمدوك جهوده على إصلاح الاقتصاد الذي يعاني من أزمة منذ انفصل الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال، وشكّل الوضع المعيشي شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير. لكنّ العديد من السودانيين يشكّكون في قدرة المؤسسات الانتقالية على كبح جماح القوى العسكرية خلال فترة السنوات الثلاث التي ستسبق الانتخابات. وسيحكم البلد الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة مجلس سيادة يتألف من 11 عضواً، وينص الاتفاق على أنّ يعين العسكر وزيري الداخلية والدفاع.إلى ذلك، طالب رئيس البرلمان العربي، مشعل بن فهم السلمي، برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.في سياق آخر، سمحت الخرطوم، لشبكة «الجزيرة» القطرية بإعادة فتح مكتبها في الخرطوم والذي تم إغلاقه في مايو الماضي.