ورد في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرّماً، فلا تظالموا). الشيء الوحيد الذي حرمّه الله عز وجل على نفسه هو «الظلم».إن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وغالباً ما يقع الظلم بين طوائف أو قبائل أو أعراق بسبب جرائم ارتكبها أفراد منها، ورغم أنه اتسعت اليوم مفاهيم دائرة العدالة لتشمل المكونات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، إلا أن الظلم انتشر بين أفراد الأسرة الواحدة وتفتتت الروابط الإنسانية، لخلاف عائلي سببه طفل أو بنت أو ولد أحد الأخوة أو الأخوات.بعض الأسر تعاني أفرادها من التهميش ونقص الرعاية والاهتمام، وقد كان ذلك سبباً في تدهور العلاقات بين الأهل. وكلنا يعلم أن عدم الإنصاف والظلم حين يشيع في أي مجتمع يؤدي إلى كثرة النزاعات والمشاحنات والعدوات بين الأقارب وبين الأغراب، وحينها تصبح الفرقة والقطيعة التي حذر الله تعالى منها، بل وشرّع عقاب لمن يقطع رحمه، دستور يُسير حياتهم في مراحلهم المقبلة. وهنا حتما سيشيع الظلم بين أفراد العائلة الواحدة لأنه لا يبقى في نفوس المظلومين شيء مقدس لأرحامهم، بل كل ما يبقى هو الحقد والغل والانتقام من الظالم.سيكون الشعور بالظلم مضاعفاً حين يكون الظالم شقيقا أو شقيقة، وسيعاني المظلوم من صراع شعوري بين ما يقع عليه من ظلم وبين ما تنصه النصوص الشرعية من عدم قطيعة الرحم، المظلوم يشعر بالاضطهاد والأسى ليس من الظلم ذاته بل من الصدمة! لأن الظلم وقع عليه من قريب وحبيب تربى معه سنين، وشاركه ألعابه في الطفولة، والمشاغبة في المراهقة، والاندفاع في فترة الشباب، والاستشارة والحكمة في مرحلة النضج، يعز عليه أن ينسف الطرف الآخر (الظالم) تاريخ حياتهم من الطفولة إلى الشيخوخة من أجل سوء تربية أحدهم لأولاده وعدم غرس قيمة الاحترام قبل الحب للخالة والخال أو العمة والعم، فيفقدون الأبناء الحس الأخلاقي ويبدأون بالتطاول على من هم في مقام والديهم، وخصوصاً إن كان موقف الأم أو الأب سلبي تجاه ما يصنعه أبناؤهم مع الخالات أو الأخوال، والعمات أو الأعمام، هنا يقع الظلم على أقرب قريب، وتبدأ معاناة المظلوم في دائرة الظلم، يدور داخلها ويسأل الله كيف السبيل للخروج منها بأقل خسائر؟!
m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@