لا يكفي الحب وحده لكي يستمر الزواج خصوصاً في سنته الأولى، ورغم أن هناك نسبة من المتزوجين حديثاً قادرين - في معظم الأحوال - على تدبر أمورهم وحل خلافاتهم، إلا أن هناك نسبة كبيرة أخرى تصبح غير قادرة على التعبير بدقة عمّا يحدث بين زوجين في سنتهما الأولى، فيعتقد الزوج أنه أساء الاختيار وتعتقد الزوجة أن الفرق بين فارس أحلامها وبين الحصان الذي يركبه، هو أن الأول يسير على قدمين والثاني يسير على أربع.وكما أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان في ملكوت الرب، فكذلك ليس بالحب وحده يحيا الزوجان في غرف البيت.يمثل إدارة الحوار والإنصات وفن السؤال خطوة مهمة جداً، لتجنب مظاهر الخلط وسوء الفهم عندما تتعارض المسلمات الاجتماعية لشخص ما تعارضاً ملحوظاً مع ما لدى شخص آخر من المسلمات الاجتماعية، مما يترتب عليه أن يختلفا في ضبط المعنى النسبي لنفس القول أو الفعل.يحدث هذا الشيء في البيوت ومجالس الإدارات وبين الباعة المجائلين على الأرصفة، ولكنه يحدث بكثرة بين الزوجين في السنة الأولى، وهي السنة التي تكثر فيها نسب الطلاق لأسباب أقل ما يقال عنها إنها استهلاكية، بل ويمكن القول أيضا وبجرأة إن هناك ظاهرة تستفحل وهي الطلاق قبل إغلاق باب البيت للمرة الأولى على زوجين «فترة الملجة»، وهو ما أشارت إليه الدراسة التي قامت بها وزارة العدل حيث إن نسبة كبيرة من حالات الطلاق تتم في السنوات الأولى للزواج، وأحياناً يتم الطلاق بعد عقد الزواج وقبل إتمام مراسمه، ولا علاقة للمال والأولاد أو حتى ظروف العمل بهذا النوع من الطلاق.أحد أصدقائي طلق قبل إتمام مراسم الزواج، بسبب خلاف على هل نسافر شهر العسل على كراسي الدرجة الأولى أم السياحية؟تكمن كلمة السر في «الاستهلاك» على جميع الأصعدة، بوصفه حلاً وهمياً للمشكلات الحقيقية في الحياة الزوجية أو حتى الاجتماعية. وبجانب الاستهلاك السطحي، قد يستطيع الحب أو النسب الجيد أو الجمال أن يحافظ على الزواج لبعض الوقت، ولكن ضعف امتلاك المعرفة حول فروق النوع الاجتماعي وتميزها وتفردها وخصائص المرحلة العمرية وأهم القيم فيها، ونهج دورة الحياة وكيف أن الشخص الواحد منا لا يستيقظ في الخامسة والعشرين من عمره، وقد وجد نفسه واعياً ناضجاً راشداً، كل ذلك قد يكون من مسرعات وقوع الطلاق.يجد الزوجان نفسيهما في عامهما الأول بين طرفي المقص المنزلي، ما بين الأمور المشتركة بينهما، وما بين الفروق التي بينهما من جهة، ومن جهة أخرى التوقعات الحادة التي لدى كل طرف منهما، ومساحة كبيرة من المسكوت عنه من جهة أخرى.أحد أصدقائي في جلسة التعارف مع الفتاة التي أراد أن يتزوجها، سأل ثلاثة أسئلة مهمة؟- ما توقعاتك مني؟ وما توقعاتي منك؟- كيف سنتعامل مع فروقاتنا؟- ما نظرتنا المشتركة تجاه المال والأولاد وطريقة التخاطب والعلاقة الزوجية؟وبعد أن تزوجا، اتفقا على تكرار هذه الأسئلة مع كل عيد فطر، وبعد الخروج من صيام رمضان.وسائل الاتصال الإعلامية والرقمية ترفع سقف التوقعات وتنميط الأفكار حول الزواج، وهذا شيء لا يمكن تجنبه في عالم متشابك مثل عالم اليوم، وتشير معظم دراسات وأبحاث الطلاق في منطقة الخليج العربي إلى أن نسبة كبيرة من العنف أو الانفصال داخل العلاقات الزوجية، كان يمكن تجنبها عبر تعزيز حالة التهيئة والاستعداد للإنصات والحوار ومهارات حل النزاع والخصام وتقوى الله في السر والعلن.وقد أظهرت دراسة حديثة صادرة عن إدارة الإحصاء في وزارة العدل الكويتية، أن إجمالي عدد حالات الطلاق خلال المدة من 2007 وحتى 2017 بلغ 71445 حالة.
دراسة حالة:جلست وهي تتذكر بانوراما يوم الانفصال عن زوجها... ثم قالت:- لقد شعرت أن القوانين والتشريعات وأهلي والمميزات المعيشية، التي لن أحصل عليها مع استمرار الزواج، ووجود نسبة كبيرة في المجتمع من المطلقات... كل ذلك كان يقول لي «تطلقي ونحن ندعمك»، في الواقع إلى الآن لا أعرف لماذا طلبت الطلاق؟! كل ما أتذكره أن البيئة المحيطة بي كانت محفزة لذلك.
@moh1alatwan