نستخدم بالعامية كلمة (هبش)، ونقصد بها الحصول على الشيء بالعنوة، كأن نقول: فلان هبش من فلان كذا وكذا رغماً عنه. ويرادفها بالمعنى العربي الفصيح كلمة (سطا)، ومعناها كما جاء في معجم المعاني الجامع: سطا على الشَّيء: سرقه، انتهبه في بطْش، سطَا اللّصُّ على منزلٍ. فـ«هبش» وسطا معناهما واحد. والهبش عزيزي القارئ له أنواع عدة، وما يهمنا من أنواع الهبش في هذا المقال هو الهبش الفكري. في الحقيقة ما استفزني لكتابة هذا المقال هو ما قام به أخيراً أحد كُتاب الأعمدة في إحدى الصُحف، بهبش مقال لكاتب آخر ووضعه في عموده!بعد تأكدي من تطابق المقال ذاته - المهبوش والمنشور - في كلتا الصحيفتين أصابني العجب مما قام به ذلك الكاتب! فإلى هذه الدرجة وصل الحال به كي يهبش مقالاً بالكامل من دون خوف أو تردد؟ وهل فكره ليس خصباً بما فيه الكفاية لأن يسعفه لكتابة «كم» سطر حتى يخرج في النهاية بمقال يمكن نشره؟ولعل ما يجعل بعض الكُتاب يتجرؤون على هبش المقالات يعود لأسباب عدة، منها: اليباس الفكري الذي لم يعد يسعف صاحبه لكتابة الجديد، والانشغال الكبير الذي يعتري الكاتب ويبعده عن أجواء الكِتابة، وعدم مخافة الكاتب وغيرته على اسمه وعلى اسم الصحيفة التي يكتب فيها، وإعجاب الكاتب الشديد بالمقال الذي سطا عليه من دون تفكير. الكتابة يا سادة تريد دافعاً وسبباً ليمسك الكاتب بالقلم والورقة ويبحر في عالم الفكر والأدب، والكتابة تريد من الكاتب محبة وصدق وقوة حتى تجعل اسمه يصل للناس.
مقالات
أبعاد السطور
الهبش الفكري !
02:37 م