يومان مريران اخترقا حياة أسطورة كرة القدم فتحي كميل الملأى بالفرح والمتعة والابداع.يومان زاحم الدمع فيهما سحابة الحزن وآية التضرع.الأول كان في يوم 21 فبراير 1987 حين قرر «الفارس الأسمر» كما يحلو لمحبيه أن يطلقوا عليه وداع «المستطيل الأخضر». فقد كان ذلك اليوم أشبه بيوم حداد، إذ فضلت غالبية الجمهور التصفيق بحماسة وترديد الصيحات المدوية لإخفاء نشيج الدموع.والثاني عندما تلقى المواطنون خبر تعرض كميل إلى عارض صحي أدخله العناية المركزة قبل فترة، فارتفعت الأكف إلى السماء متضرعة إلى الله أن يمنّ على باعث الفرح في نفوس الكويتيين بالشفاء.وحين تلمع الذاكرة الراسخة في الأذهان منذ 45 عاما، يسجل على شريطها تحديدا العام 1974 عندما جاء ابن الفروانية النحيل فارع الطول إلى ملعب نادي الكويت في كيفان بعدما اختاره المدرب اليوغوسلافي ليوبيسا بروشتش للمنتخب.ظن الكثيرون أنه سيكون مجرد لاعب مكمل للتشكيلة التي تضم كبار النجوم، لكن المدرب الخبير كان يعي جيدا ما يفعل، فقد أشركه أساسيا وهو في الـ18 من عمره. لم يخيب «ابن كميل» ظن بروشتش به، فأبدع وسجل على المنتخب السعودي في نهائي كأس الخليج الثالثة، هدفين في غاية الروعة والابداع. وعلى مدى سني الإبداع، لم يكن فتحي كميل لاعبا عابرا، بل موهبة فذة، وعلامة فارقة، ولا تزال مراوغاته وأهدافه عالقة في ذاكرة ووجدان الكويتيين، حتى أن «ابن التضامن» جعل من ناديه الصغير في إمكاناته قبلة للجماهير لدرجة أن المدرجات كانت تغص بالحضور خلال تمارين الفريق.وعندما تكر سبحة الإبداع، تعلق في الذاكرة مباريات تجلّت فيها موهبة «الفارس الأسمر»، ومنها مباراة الدور نصف النهائي لكأس آسيا 1976 في ايران على ملعب «آزادي» بحضور ابن شاه ايران.في تلك المباراة، كان ابن كميل في يوم «غزالته»، فقد تلاعب بدفاع المنتخب العراقي، وسجل هدفين رائعين قادا «الأزرق» الى النهائي أمام أصحاب الارض، ما حدا بالاتحاد الايراني الى التقدم بطلب قبل المباراة النهائية للتحقق من جنسية فتحي كميل، وما اذا كان كويتياً أم برازيلياً جاء بمعية المدرب ماريو زاغالو.ومن المباريات الشهيرة في العام 1977 تلك التي خاضها في مدينة سيدني الاسترالية عندما أفرغ كل ما في جعبته من فن، وسجل في مرمى المنتخب المضيف هدفاً من ركلة حرة على الطريقة البرازيلية، لتحمله الجالية العربية بعد المواجهة على الأعناق. وفي الذاكرة الجميلة أيضا، كأس العالم العسكرية التي اقيمت في قطر صيف العام 1981، ومبارتان تعتبران من أجمل ما قدمه «الفارس الأسمر».ففي الدور نصف النهائي أمام تركيا، لم يسجل بل قاد المباراة بأكملها، وقدم كل ما يمكن أن يفعله لاعب.وفي المباراة النهائية، سجل برأسه هدفاً رائعا من الوضع الطائر وحصلت الكويت للمرة الأولى في تاريخها على كأس العالم العسكري.لن تسقط من الذاكرة أيضاً «الملحمة التاريخية» في استاد الشعب في بغداد عندما حوّل الخسارة بهدفين إلى فوز بثلاثة أهداف على المنتخب العراقي، ما أدى إلى تأهل منتخب الكويت إلى اولمبياد موسكو 1980. وهناك، تلاعب بمنتخب الاتحاد السوفياتي، قبل أن يعود ليحمل كأس آسيا في العام نفسه، حتى التتويج الأخير والمشاركة في كأس العالم 1982 في إسبانيا. 32 عاما مضت من يوم الاعتزال وما زالت مراوغات «فتحي» تدرّس، وأهدافه تشكل تحف نادرة وراسخة في تاريخ الكرة الكويتية.
رياضة
الأول نشيج دموع الاعتزال... والثاني آيات التضرع بالشفاء
يومان مريران في مسيرة «الأسطورة» كميل
فتحي كميل
08:36 ص