تظل التدابير التي تتخذها دولة الكويت على طريق الانتقال نحو الديموقراطية، وتحقيق التنمية ناجحة ومتينة لأنها تستحضر ضمن مقوماتها إصلاح القضاء وتعزيز استقلاليته، على اعتبار أنه يشكل الدعامة الأساسية التي يفترض أن تحمي الديموقراطية وتقويها وتوفر فضاءً آمنا ومستقرا مناسبا لقيام تنمية محورها الإنسان باعتباره وسيلة وهدفاً، وذلك من خلال فرض سيادة القانون وإعطاء القوة والفعالية للمؤسسات القضائية.فإذا كان العدل يشكل مدخلاً حقيقياً لتحقيق استقرار المجتمع وحماية الأفراد، فهو بلا شك وسيلة حيوية لدعم التنمية بكل أشكالها ومظاهرها، والتي تتماشى مع رؤية صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله.واستقلالية القضاء دائما بحاجة إلى فضاء مجتمعي يحفز على الإبداع والاجتهاد في مختلف المجالات، ولذلك شرعت مختلف الشرائع السماوية والثورات الإنسانية منذ فجر التاريخ وحتى يومنا إلى إقامة موازين العدل بين أوساط الأمة واستئصال دابر الظلم والفساد.وذلك بالنظر إلى خطورة الفساد بمختلف تجلياته ومظاهره على الدولة والمجتمع وتكلفته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الكبرى، وانعكاساته السيئة على مسار الديموقراطية والتنمية، وأقصد هنا باستقلالية القضاء هو عدم وجود أي تأثير مادي أو معنوي أو تدخل مباشر أو غير مباشر وبأي وسيلة في عمل السلطة القضائية، بالشكل الذي يمكن أن يؤثر في عملها المرتبط بتحقيق العدالة.كما يعني أيضاً رفض القضاة أنفسهم لهذه التأثيرات والحرص على استقلاليتهم ونزاهتهم، وذلك من خلال مجموعة من المرتكزات التي تعززه من قبيل اختيار قضاة من ذوي الكفاءات والقدرات التعليمية والتدريبية المناسبة، ومنحهم سلطة حقيقية تتجاوز الصلاحيات الشكلية وتسمح للقضاء بأن يحظى بنفس القوة المتاحة للسلطتين التشريعية والتنفيذية؛ وتجعله مختصاً على مستوى طبيعة الهيئة القضائية والصلاحيات المخولة مع توفير الشروط اللازمة لممارستها في جو من الحياد والمسؤولية.
* كلية الدراسات التجارية - تخصص القانون