لغة الموسيقى وهويتها واحدة، ولهذا لم يجد أعضاء فريق «مجموعة كونكورديا» صعوبة في الاجتماع تحت سقف النغمات ليجوبوا معاً في بقاع الأرض ناثرين ثقافة البهجة.مساء أول من أمس، وقف أعضاء فرقة «مجموعة كونكورديا»، المنتمية في تكوينها إلى ثلاث دول مختلفة، فوق خشبة مسرح عبدالحسين عبدالرضا، ليحيوا أمسية موسيقية غنائية ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى الدولي، بدورته الثانية والعشرين الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الدكتور بدر الدويش، إلى جانب عدد من الديبلوماسيين وحشد من الجمهور المتعطش لهذه النوعية من الحفلات الموسيقية والمتذوق بشكل حقيقي للفن.الحفل الذي قدمته المذيعة الجازي الجاسر بدأ بكلمة ترحيبية منها، بعدها عرّفت بإيجاز عن هوية الفرقة وكيفية نشأتها ونوعية الموسيقى التي تعيشها وتقدمها للجمهور، فاسحة المجال بعد ذلك أمام الثلاثي الموسيقي أعضاء فرقة «مجموعة كونكورديا» الذين أثبتوا تلك المقولة التي لطالما نسمعها ونرددها في كل مناسبة بأن الفن لا جنسية له، وأن المرء يمكنه التجانس والانسجام مع أي شخص مهما اختلفت لغته من خلال الموسيقى، حتى إنه يمكنه التواصل من خلال المشاعر تلقائياً، إذ من البحرين أطلّ على الخشبة عازف آلة «الفلوت» والمؤلف الموسيقي أحمد الغانم مرافقاً إياه كل من مغنية السوبرانو إيما برواتي القادمة من المملكة المتحدة البريطانية وعازفة البيانو جيين يوو ابنة جمهورية كوريا الجنوبية، لينطلق هذا «التريو» المتفاهم فنياً والمتجانس في مشاعره طوال ساعتين من الوقت في بحر موسيقاهم المتنوعة وفنهم الراقي الذي أسر القلوب والعقول وهو ما كان واضحاً وبادياً على الحضور.البداية في تلك الليلة كانت مع مقطوعة موسيقية تحمل عنوان «أندلسية»، ثم تبعها عزف لـ«فالس الزهور» من متتابعة كسارة البندق للمؤلف الموسيقي الروسي بيتر تشايكوفسكي. ومع اندماج الحضور، قدموا مقطوعة «دروب الحب» للموسيقار الفرنسي فرانسيس بولانك، ثم «كارديشي»، وهي رقصة مجربة لمؤلفها ماونتي. ومن قلب الدول اللاتينية انتقوا أيضاً مقطوعتين من «رقصات تانغو» لمؤلفها الأرجنتيني أستور بياتزولا هي «تانغو الحرية» و«أوبليفيون»، ليحلقوا بعدها إلى عالم موسيقى «أرابيسك»، قبل أن يقدم الغانم منفرداً مقطوعة على آلته بعنوان «نحو الحرية»، إلى جانب مقطوعات أخرى عالمية منها «مونامور» التي غنّتها أيضاً بوراتي مرافقة عزف آلتي البيانو و«الفلوت».وفي ختام الأمسية، قام الدويش بتكريم أعضاء الفرقة ومنحهم درعاً تذكارية باسم المجلس تقديراً لمشاركتهم في الدورة الحالية من المهرجان.يذكر أن فرقة «مجموعة كونكورديا» هو اسم مستلهم من اللغة اللاتينية، ويعني الانسجام والتآلف تعبيراً عن طبيعة الموسيقى التي تؤلّف قلوب الناس بمختلف أصولهم وعروقهم، خصوصاً أن أعضاء الفرقة ينتمون إلى جذور مختلفة، لكنهم في الوقت ذاته اجتمعوا وتجانسوا لتقديم موسيقى من مختلف الأمم، وبهذا أصبحوا نموذجاً جميلاً وواقعياً لمعنى «كونكورديا».