لا خلاف على عبقرية الأرجنتيني ليونيل ميسي التي جعلت منه رمزاً لفريق برشلونة الإسباني لكرة القدم خلال الحقبة الأخيرة، لكن ما يؤخذ على «البرغوث» فشله المتكرر في نقل نجاحاته إلى منتخب بلاده اللاهث منذ العام 1993 خلف لقب دوليّ كبير، سواء على جبهة كأس العالم أو حتى على جبهة «كوبا أميركا» التي فقدت الكثير من بريقها منذ بدأت بتوجيه دعوات إلى منتخبات من خارج القارة الأميركية الجنوبية للمشاركة في منافساتها.لا يمكن لـ«كوبا أميركا»، بأي حال من الأحوال، أن تمنح لقب «الأسطورة المطلقة» لميسي، بخلاف كأس العالم التي سبق أن نصّبت مواطنه دييغو أرماندو مارادونا كأفضل لاعب في التاريخ إثر انفجاره غير المسبوق في مونديال 1986 في المكسيك، الأمر الذي دفع كثيرين إلى تفضيله حتى على «ملك الكرة» بيليه المتوّج مع البرازيل بثلاث كؤوس عالمية أعوام 1958 و1962 و1970.وبعد فشله في ولوج النقطة الأعلى من منصة التتويج في أربع كؤوس عالمية سابقة (2006 و2010 و2014 و2018)، يبدو «ليو» بعيداً جداً عن إمكان خوض مونديال خامس في قطر العام 2022 حين سيكون في سن الـ35.وإذا كان «العرس العالمي» المرتقب في الدوحة «خارج نطاق التغطية» بالنسبة إلى ميسي، فإن قطر تبقى «بوابة» لعبوره نحو الدور ربع النهائي من «كوبا أميركا 2019»، ومنه، ربما، إلى التتويج بلقب عزّ عليه طويلاً، لكن «العنابي» أثبت في مباراتيه الأولين أنه لم يأتِ إلى البرازيل للسياحة بل للمنافسة والوقوف الند للند أمام خصومه.اللقاء المقرر بين قطر والأرجنتين في الساعة 10:00 مساء اليوم بتوقيت الكويت، يقام في الوقت نفسه مع مباراة أخرى ضمن المجموعة الثانية بين كولومبيا والبارغواي.وتجد الأرجنتين نفسها في موقع مخجل إذ تتذيل الترتيب بنقطة واحدة خلف قطر التي تتفوق عليها بفارق الأهداف، فيما تحتل البارغواي المركز الثاني (نقطتين) وراء كولومبيا المتصدرة (6 نقاط) والتي ضمنت التأهل كزعيمة عن المجموعة.هذا يعني بأن نتيجتي مباراتَي، اليوم، ستحددان مصير الفرق الثلاثة علماً أن نظام البطولة يشير إلى تأهل أول وثاني كل من المجموعات الثلاث بالإضافة إلى أفضل منتخبين حلّا في المركز الثالث.الفارق هائل بين الأرجنتين التي توّجت بلقب البطولة 14 مرة، وقطر التي تخوض غمارها للمرة الأولى بدعوة من الاتحاد الأميركي الجنوبي للعبة (كونميبول) ضمن استعداد الفريق لكأس العالم 2022، وهذا يحتم على ميسي تحقيق الفوز، اليوم، بأي ثمن والمضي قدماً بفريقه نحو اللقب الذي عانده في النسختين السابقتين (2015 و2016) تحديداً، عندما خسر في المباراة النهائية أمام تشيلي بركلات الترجيح.وبعد الإخفاق في نهائي كأس العالم 2014 في البرازيل أمام ألمانيا، والخروج من الدور الثاني لمونديال 2018 في روسيا أمام فرنسا، باتت «كوبا أميركا 2019» تمثل طوق نجاة وفرصة أخيرة لميسي الذي قد لا يستمر مع «راقصي التانغو»، إلا إذا قرر البقاء مع الفريق بانتظار النسخة المقبلة من «كوبا أميركا» المقررة بالمشاركة بين كولومبيا والأرجنتين، الأمر الذي يعزز حظوظه بلقب دولي، مع إقامة الدورة في بلاده وبين جماهيرها.ولا شك في أنه من شأن تنظيم البطولة القارية بصفة غير منتظمة، أن يفقدها «الجدية» البدهيّة والصفة الرسمية، إذ أقيمت، كما ذكرنا آنفاً، في سنتين متتاليتين (2015 و2016) وستقام كذلك في 2019 و2020 في وقت تقام فيه بطولة كأس أوروبا مثلاً مرة واحدة كل أربع سنوات، وهي لم تشذ عن هذه القاعدة منذ انطلاقها في 1960. وتأتي مباراة الليلة في ظل استمرار الحديث عن الأفضلية بين ميسي ومارادونا.فقد أشارت وكالة الأنباء الألمانية في تقرير إلى أن الجدل لا يزال محتدماً في الأرجنتين بين أنصار النجمين الكبيرين حول أحقية كل منهما بلقب أفضل لاعب في التاريخ.فقد رفع ميسي رصيده من الأهداف الدولية مع المنتخب إلى 68، بعد هدف التعادل الذي أحرزه في مرمى البارغواي في المباراة الثانية ضمن «كوبا أميركا» الحالية، ما جعله يتفوق على مارادونا (34 هدفا) بمقدار الضعف.ميسي احتاج إلى 123 مباراة ليصل إلى هذا العدد من الأهداف، فيما استلزم الأمر مارادونا 69 مباراة من أجل تسجيل 34 هدفا، أي أن المعدل التهديفي للنجمين في المباراة الواحدة يصل إلى 0.51 و0.49 هدف على التوالي.ويتضح الفارق بين اللاعبين بشكل أكبر إذا انتقلنا إلى المقارنة في عدد الأهداف الإجمالية التي سجّلاها طوال مسيرتيهما، حيث يتفوق ميسي بشكل كاسح بـ671 هدفا، 603 منها مع برشلونة و68 مع المنتخب.أما مارادونا فقد أحرز 345 هدفاً فقط طوال مسيرته، ما يعني أن ميسي يحتاج إلى 19 هدفا ليتفوق على مدربه السابق بمقدار الضعف.وبالإضافة إلى ذلك، يتربع ميسي على صدارة ترتيب هدافي المنتخب عبر التاريخ، بفارق 14 هدفا عن صاحب المركز الثاني غابرييل باتيستوتا، و29 عن سيرخيو أغويرو الثالث.ورغم تفوقه الكاسح على مارادونا، الذي نشدد على أنه لم يكن هدّافاً صريحاً بل صانع ألعاب هداف، الا ان المباريات الـ132 لميسي مع الأرجنتين لم تجلب ولا حتى لقباً واحداً لبلاده، وجاء فوزه بذهبية أولمبياد بكين 2008 مع منتخب تحت 23 عاما، وتتويجه بكأس العالم للشباب في هولندا 2005 مع منتخب تحت 20 عاما، بينما يكفي دييغو أنه حقق المجد لوطنه عندما قاد منتخبه إلى الفوز بكأس العالم 1986 فارضاً نفسه النجم الأوحد لتلك النسخة من دون منازع.يؤخذ على ميسي، من قبل أبناء جلدته، التألق في برشلونة حصراً دونها مع منتخب الأرجنتين. ورغم ما يسوقه كثيرون لجهة عدم توافر نجوم مساندة لـ«ليو» أو توافر مدرب قادر على توظيفه في التشكيلة الأرجنتينية، فإن الحقائق تكذّب ذلك، إذ عايش «البرغوث» لاعبين من الصف الأول أمثال بابلو أيمار، خوان رومان ريكيلمي، خوان سيباستيان فيرون، روبرتو أيالا، غونزالو هيغواين، كارلوس تيفيز، أغويرو، وغيرهم، بيد أنه فشل في صناعة الفارق، ما يجعله غير جدير بمنافسة بيليه ومارادونا الذي نفى، أخيراً، تقارير أشارت إلى إصابته بمرض الـ«زهايمر».وبالنسبة إلى قطر المتوّجة قبل أشهر بلقب بطلة كأس آسيا 2019 في الإمارات للمرة الأولى في تاريخها، فإن ميسي يجد نفسه ملزماً بتحقيق الفوز عليها، الليلة، واللحاق بركب المتأهلين الى ربع النهائي الذي سبقته إليه أخيراً تشيلي حاملة اللقب بعد فوزها الثاني على حساب الاكوادور 2-1، وقبلها كولومبيا، لكن «العنابي» الذي فاجأ الجميع بأدائه لا يجد عقدةً في إسقاط «راقصي التانغو» بعدما تجاوز رهبة المنافسة في قارة وأجواء تختلف تماماً عمّا اعتاد عليه.يبدو مونديال قطر 2022 بعيداً بالنسبة إلى ميسي، لكن قطر نفسها قد تكون بوابة عبور مهمة بالنسبة له في «كوبا أميركا»، من حقبة الشك في عطاءاته لبلاده إلى حقبة اليقين بأنه قادر على منح الذهب... لـ«بلاد الفضة».
رياضة
مباراة الليلة بين الأرجنتين و«العنابي» في «كوبا أميركا»... منفذ «البرغوث» لـ «نيل الرضا الشعبي»
هل تمرّ «أسطورية» ميسي... بـ «قطر»؟
قطر قد تقف حائلاً بين ميسي واستمراره في «كوبا أميركا 2019»
03:57 م