لا ينفكّ المشهدُ الاقليمي البالغ التوتر «يُطْبِق» على الواقع اللبناني الذي يرصد بعنايةٍ انفلاش المواجهة الأميركية - الإيرانية وتَطوُّرها في اتجاهاتٍ جديدة تشي بأن لعبة «حافة الهاوية» دخلتْ مرحلةً أشدّ قسوة وخطورة بحيث أن أي «عود ثقاب» بات يمكن أن يشعل صِداماً لا أحد يريده ولكن قد لا يعود ممكناً تَفاديه. ورغم «غرَقِ» بيروت في العناوين المحلّية ذات الصلة بالوضع المالي - الاقتصادي و«الحروب الصغيرة» التي تدور على تخوم التسوية السياسية من دون أن تخترق «تحصيناتها» الداخلية - الخارجية، فإنّ «الرسالةَ الواضحةَ» التي وجّهتْها طهران و«بالفم الملآن» لواشنطن في سماء الخليج حضرت بقوّة في الكواليس السياسية، وسط تَهيُّبٍ لبناني من أيّ تفلُّتٍ لعملية «ترسيم» توازن الردع على الجبهة الأميركية - الإيرانية والتي ما زالت تتمحور بين حدّيْ «حماية العقوبات الخانِقة» (بالنسبة إلى الولايات المتحدة) والسعي إلى كسْر طوق العقوبات أو لفّه على خناق كل الخليج العربي والاقتصاد العالمي (بالنسبة إلى إيران). وإذا كان إسقاطُ الحرسِ الثوري الإيراني الطائرةَ الأميركية من دون طيار شكّل تطوراً نوعياً أولاً لجهة انتقال طهران من «الاختباء» وراء ميليشيات حليفة لها ومن خوض المواجهة «بالواسطة» لتقوم بهجومٍ «يحمل توقيعها» الصريح وثانياً لناحية ذهابها «نحو الهدف مباشرة» أي الأميركي بعدما كانت تجنّبت ذلك في الفترة الماضية مركّزة فقط على «الأهداف الخليجية»، فإنّ هذا الأمر قوبل في بيروت بقراءتيْن:واحدة عبّرت عنها أوساط سياسية رأتْ عبر«الراي» أن تولّي إيران «بيدها» أمر المواجهة «المدوْزنة» مع الولايات المتحدة، يعزّز الاقتناع بأن لبنان، عبر «حزب الله» الذي يشكّل «السلاح الاحتياطي» لإيران، لن يكون من «خطوط التماس» في هذه المواجهة ضمن حدودها الحالية، وهو الاقتناعُ الذي تزيدُ من واقعيّتِه المساعي الأميركية والروسية الرامية إلى ترسيم الحدود البحرية للبنان مع كل من اسرائيل وسورية بهدف إطلاق مسار التنقيب عن النفط على مقلبيْ المنطقة الاقتصادية الخالصة.والثانية، اعتبرتْ أن «الغليان» التصاعُدي في المنطقة وتَدَرُّج طهران في مسار محاولة «الإفلات» من «الموت البطيء» الاقتصادي، يمكن أن يؤدي في أي لحظة إلى مفاجآتٍ غير محسوبةٍ قد تضع المنطقة برمّتها أمام الانفجار الكبير الذي لن يكون ممكناً عزْل لبنان عنه بعدما كان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله جدّد في خطابه الأخير «صلاحية» عنوان «وحدة الجبهات» بحال أي حربٍ على إيران.وفي ضوء هذا المناخ غير المسبوق في الإقليم، يصبح للرسائل الروسية الداعية إلى حفظ استقرار لبنان وعدم الخروج عن النأي بالنفس في هذه المرحلة الدقيقة أهميةً كبرى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإشارات المعلَنة المتزامنة التي عكستْ احتضاناً خليجياً متجدّداً لـ«بلاد الأرز» وتَمَسُّكاً من لبنان الرسمي بأفضل العلاقات مع العمْق العربي والخليجي. وفي هذا الإطار تكتسب الزيارة التي بدأها رئيس الحكومة سعد الحريري لأبوظبي دلالة خاصة، في توقيتها كما مضمونها حيث من المرتقب أن يلتقي الحريري عدداً من المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة بحسب ما اعلن مكتبه الإعلامي، وهو الذي كان حرص خلال تمثيله لبنان في القمة العربية الاستثنائية في مكة المكرمة على تأكيد التضامن الكامل مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج وإدانة الاعتداءات الإيرانية.وفي السياق نفسه، تمت مقاربة الزيارة التي يقوم بها وفد مجلس الشورى السعودي لبيروت حيث التقى كبار المسؤولين حاملاً رسالة دعم من قيادة المملكة للبنان واستقراره وتأكيد على ترجماتٍ ستبرز لقرار رفْع الحظر عن سفر السعوديين إلى بيروت.وخلال لقائه أمس، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أعلن رئيس الوفد السعودي صالح بن منيع الخليوي حرْص «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان على استقرار لبنان ووحدته وعروبته ليبقى كعهدنا به واحة حرية ووطنية ومحبة واعتدال والوجه المشرق للعرب والمسلمين في دوره ورسالته». بدوره، أكد المفتي دريان «أن ما يحصل من عدوان بين الحين والآخر على المملكة العربية السعودية مُدان ومرفوض وهو اعتداء على كل العرب والمسلمين ولا يمكن السكوت عنه لأنه يشكل إرهاباً بكل المقاييس والقوانين الدولية».وفي موازاة ذلك، كان قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يستكمل محادثاته في الرياض حيث عقد لقاءاتٍ بالغة الأهمية تناولت التعاون العسكري وسبل دعم الجيش وتسليحه.وفي حين بقيتْ هذه المحطة السعودية لقائد الجيش محط متابعةٍ لما تعبّر عنه من مضيّ المملكة، إضافة إلى المجتمع الدولي، في خيار تحصين الشرعية اللبنانية وعمادها الجيش بوصفْه صاحب الإمرة الوحيد في الدفاع عن لبنان وسيادته، حمل الكلام القليل الذي أدلى به العماد عون من الرياض رسائل ودّ وإيجابية لافتة.فخلال الاحتفال الذي أقامتْه له السفارة اللبنانية في المملكة، أكد العماد عون أن «الوضع الأمني في لبنان مستقرّ، وأنه على استعداد لاستقبال أبنائه المغتربين، وأبناء الدول الخليجية والعربية الشقيقة وخصوصاً السعوديين.وشدد على «أهمية العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية»، مثنياً على «دور الرياض في دعم الدولة اللبنانية وجيشها»، ومؤكداً «الدور الأساسي الذي تؤديه الجالية اللبنانية في تعميق هذه العلاقات».ويُذكر أن من المحطات المعلنة في زيارة قائد الجيش اللبناني قيامه بجولة في مقر مركز التحالف الإسلامي في الرياض حيث استقبله اللواء الطيار الركن محمد المغيدي أمين عام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.

ضجّة بعد قرار بلديّة «مسيحية» منْع تأجير أو بيع منازل لمسلمين

| بيروت - «الراي» |

عاد الى الواجهة في لبنان قرار بلدية الحدث (جنوب بيروت) بمنْع بيع أو تأجير منازل في البلدة للمسلمين تحت عنوان «منْع التغيير الديموغرافي» و«صون العيش المشترك».ومع تَحوُّل هذا القرار «حَدَثاً» في لبنان، رغم أنه سارٍ منذ أعوام، تَداخَل فيه السياسي بالطائفي ولا سيما أن رئيس البلدية جورج عون محسوبٌ على «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية ميشال عون) شريك «حزب الله» في تفاهم «مار مخايل»، اتخذ الملف بُعداً آخر مع دخول وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن على الخط واصفة قرار البلدية بأنه «غير دستوري وغير مقبول»، موضحة أنها ستوجّه كتاباً الى محافظ جبل لبنان كي يستدعي رئيس البلدية «للتأكد من وجود مثل هذا القرار»، ولافتة الى «ان ما يحصل يتخطى أي اتفاق سياسي».وكان رئيس بلدية الحدث دافع عن القرار «فنحن فخورون به واتخذناه منذ 2010 ومستمرون به، وخلفيّته وجوديةٌ تطبيقاً لما ينص عليه الدستور بالحفاظ على العيش المشترك، والضجة المثارة اليوم هي نيشان على صدرنا، ونقول للمسيحي في البلدة علناً: ممنوع ان تبيع ارضك وتؤجرها بل اصمد فيها، وراعينا (في القرار) هو الرئيس العماد ميشال عون، وحسن نصرالله داعم لقراراتنا في هذا الإطار وكذلك دولة الرئيس نبيه بري». وأوضح أنه «من العام 1990 حتى 2010، تملّك إخواننا الشيعة نحو 60 في المئة من الحدث، ما دفعنا الى اتخاذ هذا التدبير».