تزامناً مع موافقة اللجنة المالية البرلمانية أمس على مشروع قانون مراقبي ومدققي الحسابات، طالب غير نائب بتغليظ العقوبات على من يرتكبون أخطاء في التدقيق الحسابي، تؤدي إلى تحميل المال العام مبالغ باهظة، خصوصا بعدما نشرته «الراي» في عددها الصادر امس بعنوان «من يدقّق على مُدقّقي الحسابات؟». وقال النائب محمد هايف لـ «الراي» إن الأصل هو وجود رقابة على المدققين والمراقبين الحسابيين من قبل الجهات الرقابية، موضحا أنه في كل مؤسسة مالية توجد جهة يطلق عليها «إدارة المخاطر». وأوضح هايف أنه في حال كانت هناك تجاوزات وضعف في الاداء لبعض المدققين، فيجب أن تقوم الجهات الرقابية بدورها، وعند ادراج مثل هذه التجاوزات في الحسابات فيجب ألا تعتمد، ويفترض أن تغلظ العقوبات على من يرتكبون أخطاء تتعلق بتدقيق الحسابات، لأنهم مسؤولون وعليهم أن يتحملوا المسؤولية، لأن مثل هذه الأمور تدخل في باب خيانة الأمانة. وطالب النائب رياض العدساني أن يمارس النائب دوره وبكامل الاختصاصات، وخصوصا في ما يتعلق بالرقابة، موضحا أن هناك أكثر من جهة رقابية، مثل ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين وشؤون التوظيف، جميعها تأخذ بعين الاعتبار التدقيق على الحسابات المالية.وقال العدساني لـ «الراي» إن دور النائب في الرقابة، والتشديد في حال تصديق الميزانيات أو اعتمادها، وكذلك بالنسبة للحسابات الختامية، فإن من يراقب على وزارة المالية هو ديوان المحاسبة، والديوان تراقبه «المالية»، وكل جهة تراقب على الأخرى، والدور البارز يكون للنائب، الذي عليه عدم التصديق على الحساب الختامي، إلا بعد التأكد من خلوه من الملاحظات والمخالفات والتجاوزات الصارخة، مع التدقيق على القضايا المالية والإدارية والقانونية والفنية، لأن الحساب الختامي ما هو إلا انعكاس للميزانية، ولا تعتمد الميزانية إلا إذا كانت صحيحة.ورأى العدساني أنه قبل اعتماد الميزانية يجب الالتزام بالأبواب، وعدم النقل بين البنود، وذلك ينعكس في الحساب الختامي، وعموما هي أشبه بدائرة متكاملة للجهات الرقابية، تراقب الحكومة، وكل جهة حكومية لديها مدقق داخلي، والدور البارز والأكثر تفعيلا يقع على النائب من خلال الأسئلة البرلمانية ولجان التحقيق والاستجوابات في حال استدعت الحاجة.ولاحظ العدساني أن هناك من يعتمد على التقارير السنوية لديوان المحاسبة فقط، ولكن هناك مخالفات صارخة يكلف بها ديوان المحاسبة، وحصل ذلك في جهات حكومية عدة.وأوجب النائب الدكتور عادل الدمخي في تصريح لـ «الراي» أن تكون هناك رقابة على الصناديق الاستثمارية، معلنا: نحن في لجنة الميزانيات البرلمانية كنا ندعو أن تكون الشركة الكويتية للاستثمار تحت رقابة لجنة الميزانيات، لأن «الصناديق» لا تكون عليها رقابة حقيقية من أجهزة الدولة.وجاء في المشروع الحكومي لقانون مراقبي ومدققي الحسابات ضرورة إعادة تنظيم مهنة مراقبي ومدققي الحسابات، وفقاً لأحدث الممارسات المحاسبية الدولية، حيث كانت المهنة منظمة وفقاً لأحكام المرسوم بالقانون رقم (5 /1981) والصادر في يناير 25 يناير 1985 وقد مرّ أكثر من 38 عاماً على صدوره.وأشار المشروع إلى أن مهنة مراقبة الحسابات من المهن ذات الصلة الوثيقة والمؤثرة في نشاط الشركات، لضبط أوضاعها المالية وإظهار بياناتها المالية على وجهها الحقيقي، بما يحقق مصلحة أصحاب هذه الشركات أو الشركاء أو المساهمين فيها أو جمهور المتعاملين معها.وذكر المشروع حقوق وواجبات مراقبي الحسابات، فتناول المبادئ التي يجب أن يلتزم بها مراقب الحسابات، وبصفة خاصة العمل وفق معايير التدقيق الدولية واتباع قواعد سلوك وآداب المهنة، وأوضح المحظورات التي يجب على المزاول للمهنة تجنبها أثناء العمل، وإلا اعتبر مخالفاً لهذا القانون، وبين مسؤولية المراقب عن أخطائه، مع تأكيد المسؤولية التضامنية للشركاء في شركة التدقيق، وتطرق لمسؤولية مراقب الحسابات عند ارتكابه الأخطاء المهنية والتزامه بالتعويض عن الضرر الذي ينشأ عن تلك الأخطاء، منفرداً أو بالتضامن.وتضمن المشروع أحكام التأديب وكيفية تقديم الشكوى ضد مراقب الحسابات المخالفة، وبيان العقوبات التأديبية التي يمكن معاقبة مراقب الحسابات بها، وضمن القانون حقوق مراقب الحسابات عندما نص على حقه بالتظلم من القرارات العقابية الصادرة بحقه، وذلك أمام لجنة استئنافية برئاسة مستشار ينتدب من محكمة الاستئناف بقرار من وزير العدل، أما العقوبات الجزائية التي يخضع لها مراقب الحسابات، فهي إما بالحبس أو بغرامات مالية أو بالاثنين معا عند ارتكابه أخطاء مهنية.ومن ضمن المواد التي احتواها المشروع عدم جواز معاقبة مراقب الحسابات على مخالفة مضى عليها (خمس سنوات)، وعقوبة من امتنع عن الشهادة أمام لجنتي التأديب الابتدائية والاستئنافية.وكانت «الراي» تطرقت أمس الى فضائح عدة كشفت تلاعبات واختلاسات بمئات ملايين الدنانير، ذهب ضحيتها آلاف المساهمين الكويتيين الذين تبخّرت أموالهم إلى جانب مال الكويت العام، بجرة قلم مدقق لم يُراعِ أصول وشرف المهنة التي باتت سمعتها على المحك.وأكدت مصادر عليمة أن أبرز هذه الملفات والفضائح، فضيحة الاختلاسات الضخمة في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، التي كان بطلها المدير العام الأسبق لـ«المؤسسة» فهد الرجعان يسرح ويمرح بالميزانيات وأرقامها المعتمدة من قبل أكثر من مكتب تدقيق «مرموق» لتتجاوز حصيلة ما اختلسه الرجل بمعية صحبه عتبة الـ800 مليون دولار.