منذ فترة أُهديت كتاباً من مجلس الأعمال الكويتي في دبي بعنوان «تأملات في السعادة والإيجابية» للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. الكتاب وصلني في الوقت المناسب، فبعد الهجوم غير المبرر على جمعية السعادة والإيجابية الكويتية التي كان لي شرف تأسيسها، كانت لديّ تساؤلات كثيرة، أخذت أبحث عنها عن طريق محرك البحث «غوغل»، ولم أجد أجابة لكل تساؤلاتي سوى في هذا الكتاب، الذي أصبح جليسي وصديقي، فكنت أبحث عن سبب التشاؤم الكبير لدى الناس، واستنكارهم وجود جمعية تدعو إلى بث روح السعادة والإيجابية في المجتمع الكويتي. وقد وجدت الإيجابية في المحتوى الثاني من الكتاب وهو بعنوان «السعادة والإيجابية هل تغرد خارج السرب»؟ فحتى سمو الشيخ محمد بن راشد، منذ أن قرر القيام بإجراء تغييرات هيكلية في الحكومة، ونتج عنها تعيين وزيرة للسعادة، واجهته تعليقات وآراء وطرح عليه سؤال: ألا تعتقد بأنكم تغردون خارج السرب؟ فكانت إجابة سموه: لا توجد منطقة في العالم بحاجة إلى السعادة والإيجابية أكثر من منطقتنا، فثمة قدر هائل من التشاؤم في المنطقة ويمكن الإحساس بذلك في إعلامنا ونشرات أخبارنا، ومقالات كتابنا وآراء المثقفين عندنا، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا التشاؤم أكده تقرير السعادة العالمي 2015، الذي أورد دراسة حول التشاؤم والاكتئاب بين الشباب والمراهقين عالمياً، حيث قسم التقرير الشباب جغرافياً، فكانت المنطقة العربية الأعلى عالمياً في معدل اكتئاب الشباب وتشاؤمهم، بسبب أن منطقتنا العربية فيها من الأخبار السلبية والتوترات ما يفوق عددا كبيرا من مناطق العالم. وما يؤلم حقاً أنه إذا سيطر التشاؤم على المراهقين والشباب، فما المستقبل الذي ينتظر منطقتنا العربية. واستوقفتني حقيقة جميلة وهي عندما يسعى العمل الحكومي لتحقيق السعادة المجتمعية، واهتمام الحكومة بعمل دراسات عالمية حول السعادة المجتمعية وكيفية تحقيقها، فالنتيجة الحتمية لهذه الدولة تكون وفرة مالية ستحققها من خلال سعادة مجتمعها، لأن السعادة المجتمعية تتحقق عند الشعور بالأمن والأمان في محيط المجتمع، الذي نعيش فيه ووجود سكن كريم وخدمات صحية، وتوفر العلاج، وفرص العمل والتعليم، استعداداً للمستقبل والبنية التحتية والمرافق التي توفر حياة مريحة للناس، هذا جزء من السعادة المجتمعية، فعندما يتحقق الرضا على الصعيد النفسي والمجتمعي يتحقق النجاح، والسعداء ينتجون أكثر ويعيشون حياة أطول، ويقودون التنمية الاقتصادية في بلادهم، أفلاطون كان يرى السعادة ليس شأناً. شخصياً بقدر ما هي قضية تتعلق بالمدينة ككل، إذ أرى أنه لا يمكن تحقيق الكمال إلا في مدينة محكمة التنظيم. كان الفيلسوف أفلاطون يدعو الى «المدينة الفاضلة»، وأفلاطون العرب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بفضل الله سبحانه وتعالى وبفلسفته ورؤيته الواضحة لقراءة المستقبل حقق المدينة الفاضلة في دبي، وجعل منها مدينة محكمة ومنظمة حققت السعادة للجميع. الشيخ محمد بن راشد شكراً على هذا الكتاب الذي يعتبر تحفة فلسفية لمنهجية دولة.