إن السلوك يستجيب إلى إرادة الإنسان بالكف والامتناع، أو الرغبة الشديدة، الرغبة العازمة والجازمة للقيام بعمل من الأعمال، سواء كان هذا العمل إيجابياً أم سلبياً، أما القدرة فهي الطاقة والقوة على فعل الشيء والتمكن منه، كما أنها تعني التمكن من الامتناع عن الأمور التي يرغب الإنسان في الامتناع عنها، وعلى سبيل المثال، الصائم الذي يريد وجازم على الفوز بنفحات ورحمات الرحمن في شهر البركات فإنه يحشد كل إمكاناته وطاقاته لعمل الخير والتمكن من العبادة حتى يستطيع الفوز في شهر رمضان.إنّ توافر الإرادة أهم بكثير من توفر القدرة، وذلك لأن الإرادة حين تتوافر فإن توفير القدرات والإمكانات يصبح في معظم الأحيان مسألة وقت. إن القدرات منها ما هو معنوي مثل الإمكانات الذهنية، ومنها ما هو مادي مثل قدرة البدن، لكن الإرادات لا تكون إلا معنوية، ولهذا فإن إدراك النقص الذي يعتري الأشياء المعنوية يكون أضعف، والإنسان حين يأتي إلى معالجة مشكلة يتجه إلى نقص الإمكانات لأنه أسهل من معالجة القصور الروحي والنفسي، الذي قد يكون موجوداً لدى الشخص الذي يعالج تلك المشكلة، إن قدراتنا تتحدى إرادتنا، كما تتحدى الأرض الفلاح كي يزرعها ويستخرج خيراتها، ومهما كانت عزائمنا ماضية، فإننا سنظل مقصرين في استثمار إمكاناتنا على الوجه الأكمل.وانطلاقاً من كل هذا نستطيع أن نقول إن الذي يقرر مصير الكثير من الأعمال هو ذلك القصور في الإرادة والمشيئة، وليس القصور في القدرة والإمكانية، وفي كل الأحوال لا بد أن نعلم بأن الأفق ليس مسدوداً إلى هذا الحد، فكل عابد وصائم يرجو مغفرة ورحمة ربه ويطمع بالعتق من النيران فليجعل بدايته هي الثقة بالله - تعالى - والاستعانة به، ثم المحاولة للقيام بعبادات تعينه وتقربه إلى الله إلى أن يكتب من المقبولين الفائزين بشهر العطايا والمنحات، وهذا ما يشكل بداية جيدة لامتلاك الإرادة الصلبة.
m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@