الرسول صلى الله عليه وسلم له حق علينا بعد الله تعالى، فهو الذي أنقذنا الله به من النار، وأذهب عنا به عِبّية الجاهلية، وأخرجنا به من الظلمات الى النور، وما ترك شيئاً يقربنا إلى الله إلاّ وأخبرنا به، ولا شيئاً يقربنا إلى النار إلاّ وحذرنا منه، واجتهد في نصيحتنا ولم يألُ وقتاً ولا جهداً ولا مالاً في تعليمنا وتزكيتنا وتطهيرنا ظاهراً وباطناً، إلاّ وكرره علينا ليشدّ انتباهنا بل وخاطب فينا جميع مكونات المجتمع، فجلس مع الصغير والفقير والشريف والضعيف وجادل بالحكمة ونصح بالموعظة الحسنة اليهود والنصارى، وراسل رؤساء الدول واستقبل زعماء القبائل، كل ذلك امتثالاً لأمر الله له: «يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ». وعلى هذا الأساس المتين والخلق القويم أوجب الله له الأدب - عليه الصلاة والسلام - على كل مؤمن ومؤمنة وذلك بصريح كلامه - عز وجل - إذ قال: «يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ».وإن الله - تعالى - قد فرض على المؤمنين طاعته وأوجب محبته فقال: «يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ»، ومن وجبت طاعته وحرمت مخالفته لزم التأدب معه في جميع الأحوال.إن الله - عز وجل - قد حكّمه فجعله إماماً وحاكماً قال تعالى: «إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ»، والتأدب مع الإمام والحاكم تفرضه الشرائع وتقرره العقول ويحكم به المنطق السليم والحكمة.وإن الله - تعالى - قد فرض محبته على لسانه فقال - صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)، ومن وجبت محبته وجب الأدب إزاءه ولزم التأدب معه.هذا مع ما اختصه به ربه - تعالى - من جمال الخُلق والخَلْق وما حباه به من كمال النفس والذات، فهو أجمل مخلوق وأكمله على الإطلاق ومن كان هذا حاله كيف لا يجب التأدب معه.ولكن كيف يكون الأدب؟ وبماذا يكون؟ أولاً: بطاعته واقتفاء أثره وترسم خطاه في جميع مسالك الدنيا والدين.ألّا يقدم على حبه وتوقيره وتعظيمه حب مخلوق أو توقيره أو تعظيمه كائناً من كان.موالاة من كان يوالي ومعاداة من كان يعادي، والرضا بما كان يرضى به والغضب لما كان يغضب له.إجلال اسمه وتوقيره عند ذكره والصلاة والسلام عليه، واستعظامه وتقدير شمائله وفضائله.ثانياً: تصديقه في كل ما أخبر به من أمر الدين والدنيا، وشأن الغيب في الحياة الدنيا وفي الآخرة.ثالثاً: إحياء سنته وإظهار شريعته وإبلاغ دعوته وإنفاذ وصاياه.خفض الصوت عند قبره وفي مسجده لمن أكرمه الله بزيارته وشرفه بالوقوف على قبره - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.حب الصالحين وموالاتهم بحبه وبغض الفاسقين ومعاداتهم ببغضه. هذه هي بعض مظاهر الآداب معه - صلى الله عليه وسلم -. فالمسلم يجتهد دائماً في أدائها كاملة والمحافظة عليها تامة إذ كماله موقوف عليها وسعادته منوطة بها. فاحرص أخي الصائم على هذا المنهج والتزم به في رمضان وبعد رمضان، لتفوز بالدارين وأسأل الله أن يوفقنا للتأدب مع نبينا وأن يجعلنا من أتباعه وأنصاره وشيعته، وأن يرزقنا طاعته وألا يحرمنا من شفاعته اللهم آمين.
مقالات
قيم ومبادئ
أدبك مع الرسول صلى الله عليه وسلم
09:59 ص