لأكثر من 50 عاماً ومجتمعاتنا في منطقة الخليج العربي وبعض الدول العربية الأخرى، كانت تحت سيطرة دعاة الصحوة الإسلامية، الذين لا يرون في الآراء الفقهية إلا رأيهم ولا صوت آخر غير صوتهم، وأنهم هم حماة الدين وأنصاره الحقيقيون. لأكثر من 50 عاماً ودعاة الصحوة يوسعون دائرة التحريم في مجتمعاتنا الإسلامية، حتى اتسعت. لأكثر من 50 عاماً ودعاة الصحوة يفتون الناس بالرأي الفقهي الواحد الذي هم يريدونه، ودائماً كانت فتاواهم تلك تجنح إلى التشدد، ودائماً كانوا يلغون كل الآراء الفقهية الأخرى للكثير من العلماء والمدارس الفقهية التي لا تماشي ميولهم. لأكثر من 50 عاماً ودعاة الصحوة يغلظون ويشددون ويعنفون وينكرون على الناس في كل المسائل الفقهية الخِلافية، من تغطية الوجه للمرأة وتقصير اللحية وإسبال الثوب وأداء صلاة الفريضة في البيت وإخراج زكاة الفطر مالاً... وغيرها من المسائل الفقهية التي اختلف العلماء حولها.لأكثر من 50 عاماً ودعاة الصحوة يعتلون المنابر، ويحشدون الناس لحضور دروسهم ويحتلون سوق الأشرطة السمعية والكُتيبات الدعوية... ويوجهون الناس بما يرونه ويحبونه ويُسلمون به من دون أن يضعوا أي اعتبار لأي شيء آخر غير مصالحهم، وكأنهم هُم الوصاة على الأمة الإسلامية. وفي آخر لقاء كان مع الشيخ عائض القرني - الذي هو من أبرز دعاة الصحوة - على برنامج الليوان مع الإعلامي عبدالله المديفر على قناة روتانا، اعتذر القرني باسم الصحوة للمجتمع السعودي عن الأخطاء مثل التشديد على الناس أو التي خالفت كتاب الله تعالى وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وخالفت سماحة الإسلام وخالفت الدين المعتدل الوسطي الرحمة للعالمين. في الحقيقة جاء هذا الاعتذار متأخراً رغم أهميته وشجاعته، والأهم من هذا الاعتذار هي القُوة التي استطاعت أن تجعل سطوة دعاة الصحوة تنتهي وتفك أغلالها من عنق مجتمعاتنا التي رزحت تحت وطأتها لأكثر من 50 عاماً.
مقالات
أبعاد السطور
انتهاء تاريخ «الصحوة»
02:35 م