وصف تربويون وأكاديميون ووزراء تربية سابقون، خطة إصلاح التعليم التي أطلقتها وزارة التربية أخيراً بأنها «سفينة تجري ضد التيار في بحر متلاطم الأمواج، فمن يضمن لها الوصول إلى الشاطئ قبل أن تغرق في بحر التغيير الوزاري؟» مشددين على ضرورة «وجود مرجعية وسلطة أعلى من سلطة الوزير تضمن لهذه الخطة وغيرها، البقاء على قيد الحياة سواء بقي الوزير أم رحل».وفيما أكد وكيل وزارة التربية الدكتور سعود الحربي لـ«الراي» أن «الخطة خلاصة للمشاريع السابقة وإن شاء الله تستمر»، قال وزير التربية وزير التعليم العالي السابق الدكتور محمد الفارس لـ«الراي» أن «الحربي موجود اليوم في هذه الإدارة، ولكن قد يتغير الوزير في أي لحظة وتلغى الخطة بأكملها» مبيناً أن «الخلل ليس في التغيير الوزاري وحده، ولكن هو سبب رئيسي يقابله عدم وجود مرجعية عليا لوزارة التربية تكون سلطتها أعلى من سلطة الوزير».وشدد الفارس على «ضرورة وجود مجلس أعلى للتعليم يتبع رئيس مجلس الوزراء مباشرة، فمنهجية التعليم يجب ألا تخضع لقناعات الوزير الشخصية، وإن كانت لديه بعض الملاحظات يستطيع أن يرفعها إلى المجلس الأعلى وتناقش»، مبيناً أن «وجود الإستراتيجية يتطلب دراسة متكاملة وفريق عمل يضم كافة الشرائح المستفيدة وعلى رأسهم الميدان التربوي وأولياء الأمور».من جانبه، تمنى الوكيل المساعد للمنشآت التربوية والتخطيط، رئيس فريق البرنامج الحكومي لوزارة التربية السابق الدكتور خالد الرشيد أن يكتب النجاح للخطة «فأنا شخص متفائل ولا أملك إلا التفاؤل مع أي خطة، وفي ظل أي وزير، ولكن لو كانت المشاريع والخطط التي أعدت في عهد الوزير الأسبق الدكتور بدر العيسى قائمة، لكنا نتحدث الآن عن النتائج دون الحاجة إلى خطة جديدة».وأعلن الرشيد تأييده لتفعيل دور مجالس التعليم ومنحها الاستقلالية المطلقة في رسم السياسات التعليمية، متمنياً لهذه الخطة والقائمين عليها النجاح والتوفيق حتى في ظل التغيير الوزاري.وبين مراقب التربية الخاصة في منطقة الجهراء التعليمية الدكتور محمد الرشيدي لـ«الراي» أن «الخطة مثالية أكثر من اللازم، وإن كانت تبدو جيدة في خطها العام ولكن السؤال الأهم هل ستنفذ؟». وأوضح أن «وجود خطة في أي مشروع شيء إيجابي، ولكن الخطة تحتاج إلى فريق عمل أشبه بفريق عمل الحكومة وميزانيات. فتشكيل اللجان لا ينفع بل يجب وجود مكتب خاص للمتابعة والتقييم»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «الشيء المميز في الخطة دعوة الميدان التربوي للمشاركة في وضع الآراء والملاحظات».وعن تنفيذ القانون رقم 8 /2010 في شأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قال الرشيدي «أشك في تنفيذ هذا البند من الخطة لأن الأمر يتطلب ميزانيات كبيرة».بدوره، أثنى مدير إدارة البحوث في قطاع المناهج عبدالله العجمي على «البادرة الإيجابية للوكيل الحربي، في دعوة الميدان التربوي للمشاركة في الخطة، وهذا دليل على شفافيته وصراحته ووضوحه، ولكن في أي مشروع أو خطة يجب أن تكون آلية التنفيذ واضحة ومحددة ومقرونة بجدول زمني، إذ كيف نتحدث عن تصميم المباني المدرسية ونحن لا نملك عقود صيانة؟».وأضاف العجمي «نحتاج إلى خطط طارئة قصيرة المدى لمعالجة أزمة الاستعداد للعام الدراسي والاستعداد للاختبارات ويجب أن تقسم الخطة إلى 3 خطط قصيرة المدى لمعالجة الوضع الحالي وغير ذلك نحن نتفلسف»، مبيناً أن الخطة التي سوف تصاغ إلى وثيقة دائمة تحتاج إلى معالجة الخلل قبل البدء في التنفيذ.وأكد بعض مديري المناطق التعليمية لـ«الراي» أنه «كان الأجدى بقياديي الوزارة مناقشة الاستعداد للعام الدراسي مع أهل الميدان التربوي ومناقشة أهم المشكلات التي تواجههم، بدلاً من إطلاق الخطة تلو الخطة، ونعلم جميعاً أن مصيرها سوف يكون الأدراج، أسوة بمشاريع سابقة أطلقت منذ عقد من الزمن وأنفق عليها الملايين وانتهت إلى عودة الوزارة مجدداً إلى نقطة الصفر».وضرب مديرو المناطق أمثلة لهذه المشاريع «منها التابلت الذي أنفق عليه 26 مليون دينار، ومشروع البرنامج المتكامل لتطوير التعليم واتفاقية البنك الدولي التي كلفت الوزارة الملايين، وبعض الدراسات الفاشلة والتقارير التي تبلغ قيمتها مئات الآلاف، والتي تعد بعد زيارة لمدرسة أو مدرستين من قبل أشخاص أجانب لا يفقهون واقع التعليم في الكويت ولا يعرفون من أين تشرق الشمس».وإلى بعض الآراء المغايرة في شأن الخطة، وصف مسؤول تربوي، آثر عدم ذكر اسمه، الخطة بأن 70 في المئة منها نسخ من خطط سابقة مشابهة، وهذه الخطة بالذات تشبه إلى حد كبير خطة وزيرة التربية السابقة نورية الصبيح، باستثناء إضافة بندين الأول عن البيئة والآخر عن قانون رعاية المعاق 8 /2010.وأوضح أن «الكلام النظري حلو، ولكن قانون رعاية المعاق بالذات منذ 9 سنوات لم تحقق الوزارة فيه خطوة إلى الامام، فمشروع الدمج فاشل بكل المقاييس، وطبق بشكل جزئي غير صحيح، حيث أخذوا حالات (الداون سندروم) وتم وضعهم في جزء من المدرسة الحكومية بمدخل ومخرج خاص، دون منحهم الثقافة أو التأهيل، الامر الذي خلف عشرات السلبيات، أهمها أنهم أصبحوا محل سخرية الطلاب الآخرين وحمل الواحد منهم لقب (الصيني) ووزارة التربية في غفلة عن هذا الأمر ولم تفكر حتى بدراسة المشكلة».وبين أن «نسبة الذكاء لدى هؤلاء الطلبة أقل من 40 في المئة، ومن المستحيل أن يتم تدريسهم في مدارس التعليم العام. فهم بحاجة إلى ورش تدريبية غير متوفرة في المدارس الحكومية»، مؤكداً أن الخطة التي عرضها الوكيل الدكتور سعدود الحربي مبالغ بها، وتحتاج إلى إصلاح الخلل القائم والتدرج في الرقي نحو الإصلاح«.وقال مصدر تربوي آخر إن «الخطة بحسب الوكيل الحربي تتطلب وجود مناهج دراسية ذات معايير محددة، ما يعني وقف العمل بجميع المشاريع السابقة لتطوير المناهج، وإلغاء منهج الكفايات الحالي وتبديد الجهود وهدر الأموال والميزانيات التي أنفقت على تلك المشاريع»، مبيناً أن الخطة ستدخلنا مجدداً في دوامة اللجان التي شكلها الوزير الأسبق الدكتور نايف الحجرف وكان مصيرها الأدراج.يذكر أن رؤية الخطة بحسب ما أعلنه الوكيل الحربي، هي بناء نظام تعليمي متطور وفعال ذي جودة عالية، وإعداد متعلمين يمتلكون مهارات ومعارف وقيم واتجاهات تساعد في نمو شخصيتهم، ويكونون مواطنين فاعلين في مجتمعهم، إضافة إلى تطوير النظم والسياسات التعليمية عن طريق إعداد وثيقة للسياسة التعليمية في الكويت، وتحديث فلسفة وأهداف ووثائق النظام وإعادة النظر في هيكلة الوزارة ومراجعة وتحديث قانون التعليم العام وإصدار وثيقة معتمدة للسياسة التعليمية.
محليات
تربويون طلبوا لها ضمانات لتصل إلى شاطئ التنفيذ قبل أن تغرق في بحر التغيير الوزاري
خطة إصلاح التعليم... إبحار ضد التيار!
05:10 ص