ما أكثر الاجتماعات في عالمنا العربي، من دون وجود مردود حقيقي، أو أثر ملموس في كثير من الأحيان وكثير من الأماكن، وما أكثر الخلافات والنزاعات، وذلك رغم وحدة الدين واللغة والأصول والتاريخ والمصير المشترك والعدو المشترك، ورغم وجود خطط عالمية تستهدف المنطقة العربية والعالم من حولنا، في تطور متسارع ويقفز قفزات تكنولوجية وصناعية وعلمية ويدخل في تحالفات حقيقية!وفي سياق الموضوع، أريد أن أضرب مثالاً بسيطاً، وذلك في إحدى زيارتي السابقة والمتكررة إلى ألمانيا - وبالتحديد إلى مدينة «هايدلبيرغ» - حيث أقمت لفترة وجيزة، وهذه المدينة تقع في جنوب غربي ألمانيا بالقرب من مدينة فرانكفورت، و«هايدلبيرغ» مدينة ثقافية وسياحية واقتصادية، وكذلك تحوي معالم تاريخية من أهمها القلعة القديمة، والتي تعود تاريخها إلى قرون خلت، وتحوي أساليب العمران أثناء القرون الوسطى وعصر النهضة ويرجع تاريخ بناء هذه القلعة إلى القرن الثامن للميلاد.وقد أعجبت بها وبحدائقها الغناء ونوافيرها وعمرانها الفريد، وفي أحد الأيام وأثناء هذه الزيارة غادرنا المدينة بالسيارة أنا ورفيقي وبرفقة صديقين ألمانيين، وذلك في رحلة إلى مدينة «بادن بادن»، وهي مدينة تحوي أشهر المنتجعات الصحية في العالم، وتقع في الشمال الغربي من الغابة السوداء في ألمانيا، ولقد أعجبت بجمالها وأزهارها وطرازها القديم وهدوئها وبساطة أسواقها، ثم أكملنا الرحلة بعد ذلك واجتزنا نهر الراين إلى فرنسا، وبالتحديد مدينة «ستراسبورغ»، حيث العراقة والفن الأوروبي الرائع في المعمار، وبعد جولة قصيرة بها رجعنا عائدين إلى «هايدلبيرغ»، وكل تلك الرحلة في أقل من يوم. لكن اللافت للنظر هو الإحساس بسلاسة وبساطة الطريق، بحيث انه فعلاً طريق أوروبي ودولي سالك، فإن الطريق سهل ومباشر بين ألمانيا وفرنسا، فلا جوازات ولا تفتيش أو تدقيق جمركي للمسافرين، ولا شرطة تعترضك لتسأل عن «الفيزا»، ما يدل هذا كله على قوة ومتانة الاتحاد الأوروبي والمسافر يجد الوحدة الأوروبية على أرض الواقع، بالإضافة - بالطبع - إلى وحدتهم وتعاونهم في كثير من المجالات منها السياسية والاقتصادية، وأهم صورها العملة الأوربية الموحدة «اليورو» - كما يعرف الجميع - وقد حدث هذا التلاحم بين دولهم رغم الفوارق الدينية واللغوية والحروب الدامية السابقة مثل الحرب العالمية الاولى والثانية، وقد أدركوا بإتحادهم هذا كل تحديات ومتطلبات العصر. وللأسف لم نصل في واقعنا العربي إلى ربع ما وصلوا إليه من إتحاد وتضامن، وما زلنا في مرحلة التنظير والخطب الرنانة والكلام على الأوراق من دون ترجمته على أرض الواقع! فمتى يدرك العرب والمسلمين في عصرنا الحاضر معنى وفائدة الإتحاد مثل الإتحاد الأوروبي؟!
ahmed_alsadhan@hotmail.comTwitter @Alsadhankw