شدّد صندوق النقد الدولي على أهمية قيام الكويت بالإصلاحات المالية العميقة، مشيراً إلى ضرورة معالجة أوجه الجمود في الإنفاق، وزيادة الإيرادات غير النفطية مع تعزيز النفقات الرأسمالية لتحسين البنية التحتية، وزيادة النمو.وأوضح «النقد» في تقرير له بمناسبة اختتام مشاورات 2019 بين الكويت والصندوق، أن استمرار حدوث التراجع في أسعار النفط، وتأجيل تحقيق الإصلاحات، يعتبران من أهم المصادر الرئيسية للمخاطر، التي قد تواجه الاقتصاد الكويتي، مؤكداً في الوقت ذاته على أهمية أن تكسب الإصلاحات دعماً على نطاق واسع، وأن تتمكّن من تحقيق التحسّن في جودة الخدمات العامة، وتعزيز الحوكمة.وحث «صندوق النقد» على أهمية معالجة فاتورة الأجور المرتفعة في القطاع العام، مشيراً إلى أن أجور هذا القطاع يجب أن تتوافق تدريجياً مع تلك التي يتقاضاها المواطنون في القطاع الخاص لتحفيز الدخول إلى هذا القطاع ودعم التنافسية. كما شجع «صندوق النقد» الحكومة على المضي قدماً بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية (غير المباشرة).من جانب آخر، أشار «صندوق النقد» إلى أن التحسّن عاد إلى مؤشرات الاقتصاد الكويتي، ورصيد الحساب الجاري في 2018، إذ نما الناتج المحلي الحقيقي للقطاع النفطي بنسبة 1.2 في المئة، بعد انكماشه في 2017، في حين تسارع النمو في القطاع غير النفطي إلى 2.5 في المئة، مدفوعاً بتحسّن الثقة والإنفاق الحكومي، متوقعاً أن يتعزز النمو الاقتصادي، وأن يتحسّن وضع المالية العامة الأساسي تدريجياً على المدى المتوسط.وأوضح التقرير أن وضع المالية العامة للكويت قد تحسّن على خلفية ضبط الإنفاق العام، إلا أن الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة لا تزال ضخمة.وتابع التقرير «مع ذلك فإن وضع المالية العامة الأساسي المعبر عنه برصيد الموازنة العامة غير النفطي (باستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية منسوباً إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي) يشير إلى تحسّن متواضع في السنتين الماليتين 2018/‏2017 و2019/‏2018».وبيّن «صندوق النقد» أن الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة لاتزال كبيرة وذلك بعد التحويل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة وباستبعاد دخل الاستثمارات الحكومي، لافتاً في الوقت عينه إلى أن التأخير في إصدار قانون جديد للدين العام جعل الحكومة غير قادرة على إصدار الدين منذ أكتوبر 2017، ونتيجة لذلك اعتمدت الحكومة على السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام لسد الاحتياجات التمويلية.وفي السياق ذاته، أكد«صندوق النقد»أن وجود إطار مالي قوي وحوكمة مالية قوية أمران ضروريان لتعزيز مصداقية السياسة المالية، كما أن تعزيز الشفافية المالية، وتحسين إطار المشتريات العامة وزيادة كفاءة الإنفاق من شأنه أن يساعد على زيادة مساءلة الحكومة، وتقليل الهدر، وتقليل تعرض الكويت للفساد.من ناحية أخرى، لفت التقرير إلى أن الكويت بحاجة إلى تحقيق إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال، ودعم ريادة الأعمال وتعزيز الإنتاجية، لاسيما على مستوى تخفيف الإجراءات الإدارية وتسهيل التجارة العابرة للحدود وبذل الجهود اللازمة لتشجيع المنافسة.كما دعا التقرير إلى تهيئة بيئة أكثر تمكيناً للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، من خلال تعزيز وصولهم إلى التمويل، وتيسير المشاركة في المناقصات العامة، علاوة على تدريب رواد الأعمال.من جهة أخرى، أوضح «صندوق النقد» أن القطاع المصرفي أبدى مؤشرات سليمة جداً، مع تعافي الائتمان من البداية البطيئة في 2018، وبلوغ معدل كفاية رأس المال في القطاع 18 في المئة في سبتمبر 2018، في الوقت الذي بدت فيه معدلات السيولة متوافقة مع المتطلبات التنظيمية، مبيناً أن القطاع شهد ارتفاعاً على مستوى الربحية وتحسن في جودة الأصول، مع تراجع تاريخي لصافي الديون المتعثرة.كما أشار التقرير إلى نمو قروض القطاع الخاص بواقع 4.1 في المئة على أساس سنوي خلال ديسمبر 2018، وهو نمو جاء متركزاً على عدة قطاعات منها البناء والسكن بالإضافة إلى القطاع النفطي.وفي الوقت الذي رحب فيه «صندوق النقد» بالوضع السليم الذي يتمتع به النظام المصرفي والإشادة بحصافة التنظيم والمراقبة لهذا القطاع من قبل البنك المركزي، لفت إلى هناك المزيد من العمل الواجب بذله في سبيل تعزيز مقاومة القطاع المالي مع تشجيعه للحكومة لأهمية تنفيذ توصيات تقرير تقييم استقرار النظام المالي للكويت، لافتاً إلى أن هناك مجالا لتعزيز إطار إدارة الأزمات لاسيما من خلال إنشاء نظام خاص لتسوية أوضاع البنوك وإلغاء الضمان الشامل للودائع بمجرد الوفاء بالشروط المسبقة، كما حث التقرير على أهمية تعزيز إدارة السيولة وتعزيز الرقابة على المخاطر النظامية، مع التخفيف التدريجي لأسقف سعر الفائدة.

 تعافي الائتمان أشار «صندوق النقد» إلى قيام بنك الكويت المركزي برفع سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو)، مرات عدة مع الإبقاء على سعر الخصم عند نحو 3 في المئة منذ مارس 2018، موضحاً أنه ننتيجة لذلك ارتفعت أسعار الفائدة على القروض بنسبة تقل عن مستويات أسعار الفائدة على الودائع، مشيراً إلى أن السيولة الوفيرة الناتجة عن نمو الودائع وسداد الديون الحكومية في 2018 تدعم تعافي الائتمان.من جانب آخر، أوضح التقرير أن ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات ما زالت تعتبر سياسة ملائمة للاقتصاد المحلي كونها مستمرة بتقديم دعامة فعالة للاستقرار النقدي.