لأني شخصياً رأيت بعيني وسمعت بأذني وعن مقربة مني ما يتعرض له الصيادلة العاملون في وزارة الصحة، قررت أن أكتب هذا المقال، فهم يتعرضون يومياً لـ«المغثة» والنرفزة وضياع الوقت وتبدد الجهد بسبب فئة محددة من أولئك الذين يأتون لصرف الأدوية منهم، فمرّة سمعت امرأة تقول لصيدلي بعد أن أعطاها الأدوية التي كتبها لها الطبيب، وهي ممسكة بعلبة الدواء: ليش الدكتور يصرفلي هذا الدواء، هذا الدواء ما يصلحلي والدكتور ما يفهم! وامرأة ثانية سمعتها تقول للصيدلي بعد أن أعطاها الأدوية المطلوبة: لو سمحت ممكن تغيره لي؟ عطني العلاج الثاني اللي ما ينعس! وامرأة ثالثة وقفت بجانبي وطلبت مني أن أتنحى عن الشباك، وبعد أن أدخلت رأسها في شباك الصيدلي قالت له: يا وليدي علاجي خلص والدكتور يقولون مسافر. فلما سألها عن اسم الدكتور، قالت: وأنا والدته شدراني عن اسمه! وفي إحدى المرات جاء رجل مُسن وبعد وقوفه دقيقتين تقريباً أخذ صوته يعلوا وهو يرفع عصاه في وجه الصيدلي ويهدده ويرشقه بكلمات قاسية، فقمت من مكاني وسألته عن سبب غضبه، فقال: الصيدلي أعطاني علاجاً ناقصاً. فلما سألت الصيدلي عن السبب، قال: نعم هذا الشهر الطبيب لم يكتب له على دواء المعدة، واكتفى بدواء الكلى والسُكري. فقلت للصيدلي: هل من الممكن أن يكون الطبيب نسى أن يكتب له دواء المعدة؟ فأجاب الصيدلي: نعم ممكن، لكني لا أستطيع أن أصرف له الدواء إن لم يكتب له الطبيب. ثم طلبت من الرجل المُسن أن نذهب أنا وإياه نحو عيادة الطبيب، ولما دخلنا على الطبيب المعالج سألته عن سبب عدم كتابته لدواء المعدة الخاص بالرجل المُسن، فقال الطبيب: لله الحمد لم يعد يحتاجه، لأنه تعافى من المرض، الذي كان في معدته. فما كان من الرجل المُسن إلا أن قال للطبيب: لكن يا دكتور أنا ارتحت على العلاج وودي تصرفه لي! وفي إحدى المرات، وحينما جاء دوري وفق رقم الانتظار الذي اخذته، جاء رجل ووقف أمام شباك الصيدلي، رغم أنه ليس بدوره ولا حتى بيده رقم انتظار، فأخذ يترجى الصيدلي ويتودد له بأن يعطيه بعض الأدوية، وكان الصيدلي يقول له ويردد أنه لا يستطيع أن يصرف له أي دواء من غير وصفة أو بطاقة مدنية، وبقيا على هذه الحال لدقائق، الرجل يترجى والصيدلي ممتنع، فقلت للرجل: لو سمحت لقد أخرتني، والدور دوري، والصيدلي رافض يعطيك الأدوية، فأرجوك لا تأخرني زيادة، خلني آخذ الدواء، فما كان منه إلا أن قال: أعوذ بالله ماكوا إنسانية!وهذا الذي ذكرته شيئاً قليلاً من أشياء كثيرة ومؤسف، مما يتعرض له الصيدلي. وفي نهاية المقال أطالب السيد المحترم معالي وزير الصحة الدكتور باسل الصباح، أن يقوم بإكرام جميع الصيادلة العاملين في وزارة الصحة، بزيادة رواتبهم الشهرية، فهم مستحقون جداً لذلك، ولو كان على الأقل بدل «بهدلة» أو بدل «شتايم» أو بدل مواجهة جمهور.
مقالات
أبعاد السطور
الصيادلة وبدل «البهدلة»!
02:36 م