في موازاة كل موقف عاطفي، يطل جانب مادي ينتهز الفرصة ليستغلها ويحولها لمصلحته، لا سيما أن هناك متخصصين في اقتناص الفرصة العاطفية مادياً لتحقيق ربح ليس بالهين. وقد أصبحت المناسبات الاجتماعية المختلفة نموذجاً صريحاً لهذا الجانب، تابعنا فيه صرعة الهدايا الثمينة التي تعد للمناسبات الاجتماعية بمختلف مسمياتها.اليوم، وعشية مناسبة اجتماعية عاطفية بامتياز، يتصدر الجانب المادي المشهد بقوة، ففيما ينتظر الجميع مناسبة عيد الأم، غداً الخميس الحادي والعشرين من مارس، حاملة معها فيضا من المشاعر المختلطة للكبار والصغار، وفرحة وحماسا وسرورا للتعبير عن عظمة الأم والاحتفال بها وإدخال السرور إلى قلبها، تتقدم المحلات الخاصة بالهدايا لتقدم تشكيلة متنوعة من الهدايا تختلف في قيمتها، وإن كانت تجتمع بارتفاع أثمانها.قبل بضع سنوات كانت هدايا الأم تقتصر على الورد والذهب والأواني المنزلية، إلا أن الوضع الآن اختلف كليا، فباتت محلات الورود والذهب تواجه منافسة شرسة من منافسين جدد لم يخطر على بال أحد يوما أنهم سيدخلون هذا الإطار. وفيما ترتب محلات الورود أرففها لاستقبال المهنئين بعيد الأم، بباقات متنوعة وتصميمات مختلفة، تتأهب على الضفة الأخرى المستشفيات والعيادات الخاصة والصالونات النسائية، وحتى الفنادق والمطاعم، بل حتى محلات الفواكه والعصائر دخلت الميدان بباقات و«ستاندات» من الفواكه المشكلة عوضا عن «ستاندات» الورد. كما تنشط صفحات الإنترنت ذات المشاريع المختلفة بتجهيز أفكار وباقات وعروضات وسلات مختلفة لعيد الأم، في محاولة لجذب الزبائن لأفكار جديدة، وتعرض خدمة التوصيل مجانا حتى باب المنزل، وهنا تشكل تحديا لأصحاب المحلات وربما تقلل من فرصهم بالفوز بزبائن أكثر.وفي تطور لافت، وعلى أنغام الكمان الحي، مع تجهيزات خاصة، نظم أحد فنادق الكويت الفخمة أمسية خاصة لعيد الأم بأسعار مخفضة، بينما قام مطعم آخر بتنظيم أمسية مشابهة، ولكن على أنغام العود، وهنا يستفيد من هذه المناسبة حتى أصحاب المهن والحرف، فعيد الأم يشكل فرصة عادلة للجميع، هنا تدفع لشراء هدية وهناك تستفيد لقاء بيعك واحدة أو مشاركتك في تنظيم احتفالية. وأحد فنادق الكويت الفخمة قدم عرضا لإقامة شخصين وطفلين مع العشاء والإفطار بمناسبة عيد الأم بمبلغ لا يتجاوز 90 دينارا.وبالانتقال للمستشفيات والعيادات الخاصة، يشكل عيد الأم فرصة لمن يريد إجراء فحوصاته الدورية بسبب العروض السخية التي يتم تقديمها، فباقة كاملة تشمل جميع التحاليل الضرورية، قد لا يتجاوز سعرها سعر التحليل الواحد، ناهيك بباقات الجمال من تنظيف البشرة وجلسات النضارة والتفتيح، حتى أن حقن البوتكس والفلرز مشمولة فيها.وذلك لا يعني أن محلات الورود خرجت من المنافسة، بل مازالت منافسا قويا جدا، فالورد إما أن يكون الهدية الرئيسية أو الهدية الجانبية إلى جانب الهدية الرئيسية ولا غنى عنه. كما تقوم المجمعات التجارية أيضا بتنظيم الاحتفالات لجذب الأطفال والعائلات للمشاركة فيها بهذه المناسبة، ما يعني نفعا أكبر للمجمع من ارتياد أكبر عدد ممكن من الزبائن.وعلى الجانب الآخر، بعيدا عن الأسواق وتفننها، يعود الجدل المتجدد مع كل مناسبة اجتماعية، بين فريق من المؤيدين، وآخر من المعارض، فالمؤيدون يرون أن الاحتفال تعزيز لدور الام في المجتمع واعتراف عالمي بأهمية دورها في الحياة في تربية الاجيال، وفضلها على الابناء، وفي المقابل خرجت أصوات تطالب بوقف هذه الاحتفالية وعدم إظهارها علنا، ولاسيما في المدارس لما لها من وقع سلبي في نفوس الابناء الذين فقدوا أمهاتهم، وقد يتسبب في جرح مشاعرهم، وقد نجحت المطالب في إيقاف احتفال عيد الأم في بعض المدارس للحفاظ على شعور الطلبة الذين فقدوا امهاتهم.وقال المحامي مطلق السعيدي «عندما كنت صغيراً كانت المدرسة تحتفل بهذا العيد! كنت اتضايق لأني كنت يتيماً، اتمنى أن تعي إدارات المدارس ذلك جيداً وتحسبها بمنظور الأيتام من طلبتها وطالباتها». كما قالت منى العصفور «عندما كنت صغيرة جداً كنت أتابع الاحتفال بعيد الام، حيث تنظم المدارس حفلات، ولما كبرت وماتت أمي فهمت اني كنت لا إراديًا أشعر بوجع الفقد».من جانبه، رفض المواطن محمد المسامح فكرة تخصيص يوم لعيد الام، مبينا أنه «بدعة غربية بعد أن نسى الغرب أمهاتهم، وخصصوا يوما واحدا للاحتفال بها، وهو إساءة لها وتعبير مرفوض لكل الامهات في العالم». وأضاف «فضل الام لابد أن يذكر كل دقيقة وثانية في عمر الانسان، وألا يقتصر الاحتفال بها على يوم في السنة ويتم نسيانها بقية العام».من جانبه قلل فهد البذالي من أهمية الاحتفال باليوم العالمي للام، معتبرا أن «هذا أمر عادي وشأن لا يهمه لانه يحتفل ويفرح بأمه كل لحظة، ومن يقومون بهذا الاحتفال هم أشخاص بعيدون عن امهاتهم بسبب ظروف معينة لذلك تجدهم يحتفلون بأمهاتهم في يوم محدد بسبب الظروف». وأكد أن هذا الاحتفال صرعة جاءت من الغرب، واجتاحت الدول العربية الذين يهرعون دائما لتقليد الغرب بأي شكل من الاشكال ويرون أن تقليد الغرب تطور ورقي.