ملف أسبوعي  من إعداد:  عبدالعليم الحجار

يؤدي لسانك أدواراً أساسية مهمة، كالمشاركة في نُطق ألفاظ الكلام، وتقليب الطعام أثناء المضغ، إلى جانب عملية الابتلاع. لكن هناك دور لا يقل أهمية قد لا ينتبه إليه سوى الأطباء، وهو الدور الذي يتيح النظر إلى سطح اللسان باعتباره «مرآة» تعكس أعراضا وعلامات تنذر باحتمال إصابة أعضاء الجسم الداخلية بمشاكل صحية تحتاج إلى معالجة طبية. وهذا هو الذي يجعل معظم الأطباء يطلبون منك أن تفتح فمك وتخرج لسانك خلال قيامهم بفحصك سريرياً. ففي مرحلة التشخيص الأوليّ بحثاً عن أعراض ظاهرية، ما يفعله الطبيب عندما ينظر في داخل فمك هو أنه «يقرأ» سطح لسانك ليرى ما إذا كانت تبدو عليه تغيُّرات أو مؤشرات تنذر باحتمال وجود مشكلة صحية معينة في أحد أعضاء الجسم الداخلية.فما  تلك التغيُّرات والمؤشرات التي قد تتجلى على سطح لسانك؟ وما المشاكل الصحية التي قد تُنذرك بها؟ هذا ما سنلقي نظرة عليه في حلقة اليوم... بعيون طبيب متخصص.

أولاً

نصيحة... من متخصص

[beab9f51-5a27-448b-b903-bc1a9bedb899]

يرى الدكتور دانييل ألان - اختصاصي طب العائلة في مركز «كليفلاند كلينيك» الطبي الأميركي - أن الأعراض والتغيرات الظاهرية التي تطرأ على اللسان تعتبر بمثابة نافذة نستطيع أن نرصد من خلالها وجود مرض كامن في أحد أعضاء الجسم. ويضيف ألن قائلا: «من المهم جداً لكل شخص أن يقوم بمراقبة لسانه بانتظام من خلال تفحصه في المرآة بشكل شبه يومي، وذلك بهدف الرصد المبكر لأي تغيرات قد تطرأ عليه. وفي حال ظهور أي ألم أو تغير في لون اللسان أو نسيجه واستمرار ذلك التغير لأكثر من أسبوعين، فمن الضروري المسارعة إلى طبيب كي يتولى الفحص والتشخيص».وللمساعدة على «قراءة» الاحتمالات التي قد يعكسها كل تغير من تغيرات اللسان، يصطحبنا الدكتور دانييل ألان في الرحلة الارشادية التالية:

حقائق... عن لسان الإنسان

في التالي نسرد باقة من الحقائق العلمية عن لسان الإنسان:• إذا أصبح اللسان جافاً تماماً، فإنه لن يستطيع أن يشعر بمذاق أي شيء. ولهذا فإن وجود اللعاب في الفم ضروري جدا كي يتمكن اللسان من التذوق، وذلك لأن تركيبة اللعاب تذيب جزيئات الطعام وتستخلص منها المركبات الكيميائية التي تستشعرها براعم التذوق ثم تنقل إشاراتها إلى المخ.• على غرار بصمات الأصابع، يتميز كل لسان ببصمة فريدة خاصة به. وشكل خارطة توزيع حليمات التذوق على سطح اللسان هو الذي يمنحه هذه البصمة. • اللسان هو العضلة الوحيدة في جسم الإنسان التي تعمل من دون أن تتلقى أي دعم من الهيكل العظمي. • اللسان ليس هو المكان الوحيد الذي يحوي حُليمات وبراعم للتذوق، فهي توجد أيضاً - وإن بأعداد أقل - في بطانة تجويف الفم وعلى الحافتين الداخليتين للشفتين وحتى في سقف وقاع الحنك. وإجمالاً، يوجد في الفم حوالي 10 آلاف حليمة تذوق، من بينها نحو 8 آلاف في اللسان والبقية منتشرة في الأماكن المذكورة آنفاً.• اللسان هو العضو الوحيد في الجسم الذي يستطيع الشعور بمذاقات الأطعمة وإرسال إشارات إلى المخ تحدد كل مذاق. وكل برعم من براعم التذوق يتألف من 15 نهاية عصبية استشعارية مسؤولة عن التقاط ونقل إشارات المذاقات إلى المخ.• ليس صحيحاً أن اللسان هو أقوى عضلة في جسم الإنسان، لكن الأمر المؤكد هو أنه من العضلات الأكثر حساسية، والأسرع تأثراً واستجابة، والأسرع التئاماً إذا أصيب بجرح.• يمكن القول إن اللسان هو العضلة الأكثر مرونة في جسم الإنسان. وبفضل هذه المرونة الفائقة، يتمكن اللسان من القيام بأدواره المتنوعة التي تتطلب نمطاً خاصاً من الحركة والقدرة على المناورة في آن معاً.• في المتوسط، يعيش على لسان الشخص العادي 600 نوع مختلف من البكتيريا، لذا فإن قطرة اللعاب الواحدة تحوي حوالي مليون كائن بكتيري.• الجزء الذي تراه من لسانك في فمك يشكل ثلثيه فقط، أما الثلث المتبقي فهو غير مرئي لأنه مطمور على مقربة من الحلق.• يتفاوت طول الجزء الظاهر من اللسان من شخص إلى آخر، وأطول لسان تم رصده عبر التاريخ بلغ طوله 10 سنتيمترات تقريبا.• على الرغم من أنه يُشاع عن النساء أنهن كثيرات الكلام والثرثرة، فإن الدلائل التشريحية تشير إلى أن ألسنتهن أقصر عموماً من ألسنة الرجال.

 

اللسان السليم صحياً

[332dbdad-6f40-45dc-b5fb-ac808aa880cc]

 يتصف مظهر وحال اللسان السليم صحيا بالسمات التالية:• يكون لونه زهري فاتح ومتناسق، أي لا تتخله أي تغيرات لونية مغايرة.• تنتشر على سطحه حُليمات (براعم) تذوق حبيبية صغيرة، ويكون ممكناً تمييزها بالعين المجردة عند النظر اليها عن قرب.• يكون سطحه خالياً من النتوءات والتشققات والتسلخات.• يكون حجمه طبيعيا بغير تضخم أو ضمور، أي متناسق ومتناسب مع حجم فجوة الفم.

إذا أصبح اللسان مكسواً بطبقة بيضاء أو ظهرت عليه بقع بيضاء متفرقة، فهذا ينذر بأحد الاحتمالات التالية:

[c25a084f-0857-4c6b-a3e3-74c3341bb8bc]

 • مرض المبيضات الفموي: يُعرف أيضا باسم «مرض القُلاع الفموي»، ويشيع خصوصا بين الأطفال الرضع، والمسنين، ومرضى السكري، ومن يعانون من ضعف المناعة الطبيعية، ومن يتعاطون مضادات حيوية لفترات طويلة نسبياً. وينجم هذا الداء عن إصابة الأغشية المخاطية للفم (بما في ذلك اللسان) بعدوى خميرية قوامها أحد أنواع فطريات المبيضات التي تقف وراء ظهور اللون الأبيض.وقد لا تظهر علامات وأعراض العدوى على الفور بمجرد بدء الاصابة، لكنها يمكن أن تتفاقم فجأة وقد تستمر لفترة طويلة. وفي الحالات الحادة، يمكن للعدوى أن تنتشر وصولا إلى أسفل المريء مسببة صعوبة في القدرة على البلع.وهذه العدوى الفطرية لا تتسبب عادة في ارتفاع درجة حرارة الجسم، إلا إذا انتشرت خارج المريء ووصلت إلى أعضاء أخرى من الجسم، كالرئتين مثلا.• داء اللوكوبليكيا: يُعرف في اللغة العربية باسم اللطاخ الأبيض مجهول السبب، وذلك لأنه يتسبب في ظهور لطخات بيضاء اللون في بطانة الفم وسطح اللسان. والمدخنين هم الأكثر عرضة للإصابة باللوكوبليكيا التي قد تكون أحد أعراض الاصابة بسرطان الفم، لكنها في حد ذاتها ليست خطيرة. لذا فإن الأحوط هو المسارعة إلى استشارة طبيب بمجرد ظهور تلك اللطخات الفموية واللسانية البيضاء. • الحزّاز الفموي: هو طفح جلدي غير وراثي وغير معد، وقد يمتد إلى تجوف الفم ويظهر أثره على اللسان، ويبدو عادة على شكل شبكة من الخطوط البارزة البيضاء على سطح اللسان. وحتى الآن ما زال مسبب تلك الإصابة غير معروف على وجه التحديد لكن هناك نظريات ترجح أنه ينتج عن أمراض الكبد في 40 في المئة من الحالات.

إذا انتشرت تقرحات ونتوءات مؤلمة على سطح اللسان، فقد يكون ذلك ناجماً عن أحد المسببات التالية:

[1d7fca20-cb49-4654-8270-51a64ed01a82]

• التعرض لصدمات (رضوض) مفاجئة ناجمة عن احتكاك أو عض اللسان بالخطأ بين الأسنان أو عن تعرضه لتسلخات شديدة بسبب تناول طعام شديد السخونة. وفي مثل تلك الحالات، لا يحتاج اللسان سوى إلى بعض الوقت كي يتعافى من الاصابة بشرط عدم تكرار الصدمات.• التدخين يتسبب في تهييج غشاء اللسان فتكون نتيجة ذلك اصابته بتقرحات.• سرطان الفم: إذا ظهرت قرحة على شكل كتلة نسيجية ناتئة من اللسان ولم تندمل في غضون أسبوعين، فقد تكون مؤشرا ينذر بالإصابة بسرطان الفم. وليس شرطا أن تكون تلك القرحة السرطانية مؤلمة في مراحلها الأولى.

إذا أصبح اللسان مصطبغاً بالاحمرار باستمرار، فذلك قد يكون إشارة تنذر بأحد الاحتمالات التالية:

[b99d832f-1c13-4892-990a-11ae10e91abb]

• نقص فيتامينات معينة: من الثابت أن اللسان يكتسي باللون الأحمر عند انخفاض مستويات حمض الفوليك (فيتامين B9 ) وفيتامين B-12 في الجسم.• آفة «اللسان الجغرافي»: هي حالة تتسبب في ظهور تشكيلات حمراء متفرقة مكونة ما يشبه الخارطة الجغرافية على سطح اللسان. وعادة ما يتغير معالم تلك الخارطة بين الحين والآخر، لكن ظاهرة اللسان الجغرافي لا تنذر بوجود مشكلة مرضية معينة في الجسم.• الحُمى القرمزية: تُعرف هذه الاصابة باسم «لسان الفراولة»، وذلك لأنها تتسبب في احمرار اللسان مع ظهور نتوءات صغيرة على سطحه فيصبح شبيها بمظهر سطح ثمرة الفراولة. وفي مثل هذه الحالة، يوصى باستشارة طبيب وتكون المضادات الحيوية جزءا أساسيا من العلاج.• متلازمة كاواساكي: تصيب العقد اللمفاوية المخاطية الجلدية وخصوصاً عند الأطفال الأقل من 5 سنوات. ويسبب هذا الداء التهابا في الأوعية الدموية، ويؤثر على جدرانها على نحو يسبب توسعات شريانية. ويتجلى تأثير ذلك من خلال ارتفاع درجة حرارة الجسم واحمرار عدد من الأعضاء، كالجلد والعقد الليمفاوية والأغشية المخاطية، بما في ذلك اللسان وتجويف الفم عموما. وفي جميع أحوالها، تستدعي هذه المتلازمة اهتماماً طبياً.

إذا اتشح اللسان بإحدى درجات اللون الأسود وبدا كأنه نبت من سطحه شعر، فذلك يكون ناجما عما يلي:

[7e642666-141f-4a6c-888e-2b460fc80be2]

توجد حُليمات (براعم تذوق) صغيرة منتشرة على سطح لسانك. وهذه الحليمات تنمو وتتجدد خلاياها باستمرار لكن احتكاكها مع الطعام خلال المضغ يبقيها عند مستوى معين. لكن نمو تلك الحليمات يكون مفرطا لدى بعض الأشخاص، وهو الأمر الذي يجعلها تطول وتعشش بينها البكتيريا فتكتسب لونا داكنا وتوحي بأن هناك شعرا نابتا من سطح اللسان.والأشخاص الأكثر عرضة لهذه الحالة هم: مصابو داء السكري، ومن يتعاطون المضادات الحيوية بكثرة، ومن يخضعون إلى العلاج الكيميائي.ولحسن الحظ فإن هذه الحالة نادرة وغير خطيرة في حد ذاتها ولا تستدعي سوء المواظبة على تنظيف وتطهير سطح اللسان بفرشاة خاصة.