لم يكمل تعليمه، اكتفى بوظيفة حكومية، ولم ينل شهادة، بعد سنوات دخل في مشروع تجاري مع شركاء، لتنظيم الدورات، بعد استقدام محاضرين عدة، اعتقد أن بإمكانه أن يحاضر، واكب ذلك انتشار السوشال ميديا، فتح لها حسابات فيها، أدار محركات البحث عن: ?ولتير وماركيز وهمنغواي، اقتبس أقوالاً من هنا وهناك، أضاف لها شيئاً وحذف منها أشياء، استقطب آلاف المتابعين، صادق المثقفين، ثم صدّق نفسه، بعد مسيرة نجاح وهمية نصب نفسه رئيساً على نفسه مطلقاً عليه لقب: الرئيس التنفيذي للمركز التدريبي.حصلت على شهادة في تخصص لا تعلمه ولا تعمل به، ما عرفته أن الذين درسوا وعملوا معها أعجبوا بهندامها، صارت تبيع عليهم مثله، وبعد الثورة الالكترونية، صارت تصور ما ترتديه وتنشر صورها في وسائل التواصل الاجتماعي، توالت عليها الطلبات من داخل البلاد وخارجها فقررت التوسع، واتسعت طموحاتها وأحلامها حتى صارت: المديرة الإقليمية للعبايات الخليجية.رغم مركزه المرموق إلا أن الطبخ والخبز والعجن لعبته وهوايته داخل الوظيفة وخارجها، وبعد تجارب محدودة في محيطه العائلي والوظيفي، قرر التوسع بفضل اتساع الفضاء الالكتروني، ما ساعد على انتشار مشروعه سريعا، بل أسرع من تطوره الوظيفي السريع، تطور مشروعه صار رئيس مجلس إدارة المطبخ السعيد للكوكيز والبسكويت.رئيس تنفيذي ومديرة إقليمية ورئيس مجلس إدارة برأس مال «شوية حكي»، وقطعة قماش وفرن وطحين في حين ضاع عمر البعض في ارتقاء السلم الوظيفي الذي تركه الذين كذبوا الكذبة وصدقوها.الطموح مشروع، لكن أن يكون الطموح من المشروع برمته، ليس سوى مسمى اخترعه لنفسه لتبرير فشله في تسمية الأشياء بمسمياتها.بعض المهن والمجالات لا تتحمل المسميات الوظيفية الكبيرة ولا تعبر إلا عن نرجسية مضحكة.ما معنى أن تكون رئيس مجلس إدارة ليس فيه أعضاء غيرك، أو رئيس تنفيذي على سكرتيرة أو مديرة لا ترأس الخياط الذي تذهب إليه، مثلما يذهب إليه غيرها... فبكمية أكبر من الثياب... نصبت نفسها على الإقليم كله!الناس نوعان: ناس تعرف بأسمائها وناس تعرف بمسمياتها، ناس لها قيمة تضيف على مسمياتها وناس تضيف لها مسمياتها قيمة.صحيح أن هناك شباباً مجتهدين ويمارسون أعمالا حرة، ‏لكن بعض «الرياديين» وأصحاب الأعمال يرون أن مثل هذه الأعمال التجارية لا تحتاج حتى أن تطبع لك «بزنس كارد»، وتطلق على نفسك «شريك مفوض»، من دون شريك ولا شركة ولا أصول مقيدة في الحساب الختامي!‏«التسميات ببلاش» ووسط وفرة المسميات المجانية، صرنا نعاني من ندرة الأسماء التي يتعب على صناعة أصحابها ليضيفوا إلى أي مسمى يحمله قيمة لا تنتقص منه شيئاً، إذا غادره يوماً، في حين يحرص «أبو مسمى» على التشبث بمسماه، الذي يسبقه دوماً، لأنه من دونه لن يعرفه أحد!ثلاثة أمثلة لثلاث حالات، لكنها ليست نماذج محدودة، بل ظاهرة... ظهرت وانتشرت كانتشار الوهم، وأوشكت أن تصل إلى مراتب النصب والاحتيال، إن لم يردعها أو يحد منها أحد بالوسائل القانونية المشروعة، التي تنصف أصحاب المشاريع، وتعيد تسمية الأفراد بمسمياتهم الحقيقية.