منذ الموسم 1989-1990 ونادي ليفربول الانكليزي لكرة القدم يبحث عن ذاته في الدوري المحلي... وعن مجد ضائع.مرّ عليه لاعبون بالجملة ومدربون بالعشرات، وبقي لقب الـ«بريمير ليغ» عصيّاً على «الحمر».واليوم، تتجه الأنظار ناحية المدرب الالماني يورغن كلوب الذي يحمل مسؤولية كبيرة تتمثل في إيصال ليفربول الى النقطة الأعلى من منصة التتويج بلقب الدوري المحلي الذي جعل الفريق «يسير وحيداً» منذ حوالي 30 عاماً.كيف يعمل كلوب وما هي الآلية التي يستند اليها كي يبقي ليفربول في قمة الترتيب وسط ضغوطات من كل حدب وصوب.المدرب الألماني تحدث عن دوره مع ليفربول خلال حوار خاص جرى بثه على موقع النادي، وقال فيه: «انا معتاد على هذا النوع من الاسئلة لكني لا افكر كثيرا فيها. اقوم بما علي القيام به. الاهم في عملي ان استخرج افضل ما لدى كل لاعب. النادي وأي نادٍ يعطيك الفرصة للعمل مع جودة معينة من اللاعبين، ويتوقع منك ان تجعلهم افضل. يتوقعون ذلك على الصعيد الفردي ربما، لكن يتوجب عليك ان تحدث تغييراً على الصعيد الجماعي، وهذا ما أحاول القيام به باستمرار. هذا العمل لا ينتهي». محظوظ باللاعبينبدا كلوب واقعياً لجهة مقاربة المشاكل التي قد تواجهه خلال مسيرة الموسم الراهن المتعبة، وقال: «لاننا جميعا بشر، هناك من يؤدي وهناك من لا يؤدي، سواء بسبب الاصابات او لاسباب خارجية وايضا للكثير من الاسباب الداخلية. كيف يعيش اللاعب، المواقف وما الى ذلك. هذا العمل لا يتوقف والتدريب والتعامل مع الاعلام وكل هذه الامور مهمة. الأهم أن تكون حقا الى جانب اللاعبين كي تفهمهم. حالياً، هذا ما افعله». ويبدو أن «العصا السحرية» التي يستخدمها كلوب في الموسم الراهن تتمثل في عامل «الذكاء». ولا يعني هنا الذكاء في المطلق، بل الإدراك الذي يجعل لاعبيه متيقنين بأنهم لم يحققوا شيئا حتى الساعة وبأن عليهم العمل أكثر لتحقيق الآمال. ورداً على سؤال حول الدور الذي يلعبه كي يبقي اللاعبين هادئين ومركزين في العمل في ظل تصدرهم الترتيب، قال: «انا محظوظ بهؤلاء اللاعبين. هم اذكياء حقا، ما كنا لنحقق التطور في آخر سنتين لو لم يكونوا اذكياء خصوصا ان لدى كل الفرق لاعبين جيدين. الامر يتعلق بالفهم، والحياة بشكل عام متعلقة بفهم الموقف بالطريقة المناسبة وان تتعامل معه ومع مهاراتك وموهبتك والمجموعة المحيطة بك. لا آتي للقول اننا ابطال، فنحن لسنا ابطالا بعد. نحن متقدمون ببعض النقاط فقط، وبالتالي لن أذهب الى غرفة الملابس لأقول للاعبين ان الامور تغيرت. لم يتغير شيء. نحن اذكياء بما فيه الكفاية لندرك مباشرة ان هدف النادي لا بد أن يكون متمثلاً في محاولة القيام بكل شيء من اجل التأهل الى دوري الابطال في الموسم المقبل»، وتابع: «هذا يحتاج الى المال ونحن نريد لاعبين جيدين في المستقبل ايضا. هذا ما نقوم به وما بدأنا به منذ انطلاق الموسم الراهن. الشيء الوحيد المختلف هو ان قواعد العمل افضل ما بين الموسم الماضي والموسم الراهن. علينا ألا نتغير وأن نبقي اقدامنا على الارض. هذه امور واضحة واللاعبون أذكياء جدا ليستوعبوا ما أعنيه».عراقة الناديولم يخفِ كلوب خشيته من عراقة ليفربول عندما تلقى الاتصال الاول من القيّمين عليه لتولي تدريبه، بيد أنه أكد بأن الواقع تغير اليوم: «اعتقد انني تمكنت من التخلص من العبء. عندما وصلت الى انفيلد، شعرت بأن اللاعبين يحملون عبئا كبيرا وبشكل مستمر. انا هنا لاقوم بما يجب القيام به لكن الأمر لا يتغير بين ليلة وضحاها. بالمناسبة، الامر عاد من جديد هذه الايام. لا أقرأ الصحف الانكليزية كثيرا، لكن مباشرة بعدما تصدرنا، أخذوا يتحدثون عن انه فقط في مناسبتين خلال آخر 10 سنوات لم يتمكن المتصدر في فترة الاعياد من تحقيق اللقب، وفي المرتين كان الفريق المعني ليفربول»، واضاف: «بدأ الكلام. حسنا لكن هذا ليس نحن. نحن ليفربول 100 في المئة والجميع يشعر بذلك لكن لا يوجد احد منا مسؤول عن التاريخ. اعتقد ان الجماهير احتاجت وقتا اطول لمنحنا الفرصة حقا بحيث يمكننا ان نبدأ بكتابة قصتنا الخاصة. انا هنا منذ أكثر من 3 سنوات بقليل ونشعر بأننا جيدون جدا لتلبية توقعات الناس، وهذا بالطبع جزء مهم جدا من العمل. الناس اقل توترا اليوم. جماهير النادي تتذكر أدق التفاصيل في تاريخ ليفربول. هذا الامر يجعل النادي مميزا حقا. اصبحنا معتادين على ذلك واذا فكر الناس بنا الان، يفكرون بنا خلال الثلاث سنوات ونصف أكثر من الـ20 سنة الماضية. هذا أمر رائع».أفضل القراراتولم يتردد المدرب السابق لماينتس وبوروسيا دورتموند الالمانيين في التأكيد على أن قيادة ليفربول هو بين أفضل القرارات التي اتخذها مذ تحول الى مجال التدريب، وقال: «لست واثقا اذا كان افضل القرارات على الاطلاق لكنه بالتأكيد الافضل في السنوات الاخيرة بالنسبة لي. كانت ضربة موفقة حقا ولم يكن لأحد أن يدرك بأن الامر سيكون جيدا لهذه الدرجة. كنت اعرف قبل وصولي ان الجماهير تنظر الى ليفربول على انه لم يكن ببريق الماضي. عندما كنت تشاهد مباريات ليفربول، كنت تجد انه لم يكن بتلك الجودة وان النادي فقد جزءا من صورته. إذا اردت ان تشاهد مباريات كرة قدم كبيرة، فستشاهد مباريات ليس ليفربول طرفا فيها. هذه هي الحقيقة. الامر كان دائما في بالي، ان اقوم بعمل كهذا، أن أعيد البريق الى ناد عريق. لا يمكنك ان تتوقع ان نادياً مثل ليفربول سيطلب منك ان تنضم اليه، وبالتالي عندما حدث ذلك، شعرت ان الامر مبكر لاني كنت احتاج الى راحة. عندما تحدثوا الي عبر الهاتف، شعرت مباشرة بالطاقة تعود الي، وبأن العطلة آخر ما احتاج اليه. كنت منشغلا منذ الثانية الاولى وكانت المفاوضات سهلة للطرفين واتفقنا».تغيير الأسلوبلم يخفِ كلوب بأنه آثر تغيير أسلوب الأداء في ليفربول قليلاً بعد خسارة نهائي دوري الابطال امام ريال مدريد الاسباني، وبأنه كان عليه العمل لساعات طويلة لينطلق من جديد: «لا اتذكر المدة التي احتجتها للراحة بعد نهائي الابطال لكني احتجت اليها حقا. احتجت اياما واسابيع حتى اتخلص من تلك الافكار حيث ان الجزء الاخير من الموسم كان مكثفا بشكل استثنائي. كانت لدينا الكثير من الاصابات، ولعبنا لفترات بـ12 او 13 لاعبا. كل مباراة كانت أشبه بالنهائي لان تشلسي كان يطاردنا بشكل جنوني من اجل مقعد في دوري الابطال. لم يكن الامر قد حسم، والجميع يتصرف وكأن الامر حسم. الحديث كله تركز على دوري الابطال، ربع النهائي، نصف النهائي والنهائي، وبالتالي احتجت الى وقت حقا لأهدأ، وبعد ذلك كان الامر سهلا حيث انه هناك دائما لحظة في العطلة تقوم خلالها بالتعاقدات واعتقد انها أُنجزت بالكامل. هناك دائما لحظة قبل بداية التحضيرات بأسبوعين أو ثلاثة حين تبدأ بوضع الخطط. امتلك الخبرة لاعطاء نفسي الوقت اللازم لاتوقف عن التفكير في كرة القدم وأعدّ نفسي لاتخاذ القرارات الصحيحة. عندما جلست وفكرت في الموسم، عرفت مسبقا انه يجب علينا ان نتحسن. لكن هذه السنة كان الامر اصعب لان الكثير من اللاعبين خاضوا كأس العالم وعادوا متأخرين. وعندما وصل اللاعبون الهجوميون، اطلعناهم ان عليهم القيام بأمور مختلفة».استقرار الدفاعوكان لا بد من منح الهولندي فيرجيل فان دايك حيزاً من الحوار خصوصا ان وصوله الى «أنفيلد» كان حاسماً لجهة استقرار ليفربول دفاعياً بعد سنوات من التذبذب في الخط الخلفي، وقد أبدى كلوب اعجابه باللاعب وبدوره وبراعته في دخول المنظومة بشكل فاجأ الجميع: «كنت واثقا من انه سيساعدنا، وهو الحال عندما تتعاقد مع لاعب بجودته. اتذكر ان اول مباراة له كانت ضد ايفرتون في كأس الاتحاد الانكليزي، وفي اليوم الذي سبق اللقاء كنت افكر في انه من المبكر جدا الدفع به، وبأنه لا منطق في الاستعجال. في الصباح، وبعد الحصة التدريبية قلت في نفسي: ما المانع في أن أشركه؟ اردت تجربة ذلك لانه لم يكن لدينا وقت للتدرب معا، حتى أنه لم يكن لدينا وقت للتحدث بشكل مفصل. عندما أتعاقد مع لاعب، لا أخبره مباشرة بما اريد منه. اعتقد انه يحتاج في البداية الى وقت للقيام بدوره بشكل طبيعي قبل ان اخبره ان هذا خاطئ وهذا صحيح. بعد 3 او 4 ايام من قدوم فيرجيل، لم اتحدث معه حول ما اتوقع منه. وبالتالي وصل ولعب مباشرة، ومنذ الثانية الاولى كان الامر رائعا وكانت مفاجأة كبيرة لان الطريقة التي كان يدافع فيها مع ساوثمبتون مختلفة تماما عما نقوم به أو ما كنا نقوم به في ليفربول. كانت صفقة جيدة جدا. توقعنا ان يساعدنا بشكل كبير واعتقد انه اصبح بمستوى حتى هو لم يتوقع ان يصل اليه. المبلغ الكبير الذي دفع فيه ربما يشكل عامل ضغط على البعض لكن بالنسبة الى البعض الآخر هو حافز لان اللاعب سيقول في نفسه: هذه قيمتي والى هذه الدرجة انا جيد. وبالتالي هذا ما منح فيرجيل الدافع اللازم».