الأيام تترى وتتخللها مشاهد لصور تختلف أرناقها، وتتباين نماينها، والمرء يحار عندما يفكر فيها، فيصاب بالدهشة تارة وبالتأمل تارة أخرى، وبين الدهشة والتأمل صور ومشاهد وعكوس لتصرفات تقلق صورها، وتعذب القلب مشاهدها... نراها في كل مناسبة بل في كل يوم تختلط بمشاهد على نقيضها من الزمن الجميل، فيسعد الذي يعمل عقله بما يعيشه قديماً في راحة القلب والذهن.وما يراه من أرناق لمشاهد في أيامنا هذه - على كثرة الرفاهية وتقدم العلم وتنوع مصادر الاشعاع - إلا أن بعض العقول لم تزل تعيش في التعرب بعد الهجرة.عجيب؟! ما نراه من صور مقلقة مرت على الذهن خلال أول أيام العام الجديد، الذي يستقبل بالتفاؤل والصور الطيبة والأماني العذبة والقلوب الحالمة، لأيام ممتلئة بالهدوء والعمل البناء والعقول الرابحة. عجيب! أمر قالب الحلوى، الذي أعده أحد الموظفين، نظراً لإبعاد أحد المديرين العاملين في مجال عمله.«شالوه»... عبارة مؤسفة على قالب طالما تكتب عليه عبارات للتهنئة واستشراق الخير ونبذ العنف والفرقة والتباعد، كثير من مجالات العمل يدخل إليها موظفون ويخرج منها آخرون، وهذه مسيرة الحياة تتنوع فيها الأعمال وتتبدل فيها المراكز، وتتبادل فيها الأدوار، وتعلمنا ألّا نشمت في أحد، ونرسل الرسائل الطيبة ونتعلمها، ونبتعد عن رسائل السوء ونبعدها عن ثقافة هذا المجتمع، ونأخذ النماذج الطيبة لتراث هذا المجتمع الأصيل. ونبحث في مسارات تدعو إلى مثل الذي يشير إليه الآباء حينما يقولون: «الهون أبرك ما يكون». أرناق كثيرة شاهدناها في أول يوم من العام الجديد.«أم نقا» وما فيها من أماكن، استغلت للتشفيط والتقحيص وتكسير السيارات وتدميرها والعبث بالارواح وتبديدها.إنهم اتفقوا على تغيير مكانهم القديم، الذي يجلبون مركباتهم إليه لتدميرها، إلى مكان آخر حتى يفوّتوا الفرصة على رجال الأمن ليؤدوا واجبهم، فذهبوا إلى مكان آخر لممارسة عملهم الشنيع، وشاركهم شباب من دول خليجية، لم يكتف هؤلاء الناس بتعذيب أنفسهم إنما جلبوا آخرين ليعذبوهم وينشروا ثقافة غير حسنة لا تمت لثقافة أهل هذه الديرة بصلة، ديرة لا تعرف العنف إنما رحابها الاستقرار.فعسى أن ينال هؤلاء جزاؤهم حتى تزال هذه المشاهد عن أفق هذه الديرة الطيبة، لأن هذه الأعمال لا تصدر إلا بتطبيق القانون الصارم، الذي لا تقبل معه واسطة أو محسوبية أو أي وسيلة من الوسائل، التي من شأنها أن تساعد على المشاهد المذمومة.أرناق صعبة، ومشاهد كئيبة... يخفق القلب عند تذكرها، وترتجف اليد فيهتز فيها اليراع عندما يدون أحداثها.احتفلوا بالعام الجديد في مخيمات في البر، هذا المكان الذي تعود أبناء هذه الديرة الطيبة أن يذهبوا إليه في الربيع، ليقضوا أوقاتاً ممتعة في جو بديع وبيئة ممتلئة بنباتات زاهرة، تعشوشب بعد هطول الأمطار، فإذا بمجموعة استغلت مخيمات في تلك الليلة، لتحولها إلى نيران وألعاب نارية وحفلات مختلطة تعلو فيها أصوات الموسيقى والصخب. عجيبة أيتها الأرناق لمشاهد ما ألفناها في هذه الديرة الطيبة، ولا هي من تراثها ولا من ثقافة أهلها.فعسى للقلوب ان تحس والضمائر أن تستبصر والقوانين أن تفعل، والمحاسبة تكون قاسية، حتى تردع هذه الأعمال المشينة ويقف أصحابها وتنتشر ثقافة الخير والعمل الطيب والاشارات الحسنة، ونعيش في الزمن الجميل ومع أهله الذين لم يزالوا يعيشون في أوساطنا ويشيرون بأيديهم الطيبة، وبإشاراتهم الخلاقة، ويعيش المجتمع في أفق كله حيوية، والتفكير من أجل البناء والتطور والتقدم وكل أيامه ربيع مزدهر، يكتنفه الهدوء والسكينة والاستقرار.
مقالات
حروف باسمة
أرناق
11:19 ص