هذا آخر مقال أكتبه في العام 2018، وأول مقال ينشر في العام 2019، وبمناسبة «خبط» رؤوسنا برأس السنة، أقول إن أسمى آيات النفاق يتمثل في إرسال «برودكاست» إلى الذين لا نتمنى لهم الخير لنقول لهم: «كل عام وأنتم بخير».وبعيداً عن النفاق، أبعدكم الله عنه، لنعترف، أولاً، أننا لسنا بخير، وبدلاً من أن نتقدم عاماً بعد عام، تخلّفنا كثيراً، وتراجعت عندنا الحريات، بيد الذين يطالبون فيها أنفسهم.فالذين طالبوا بعدم محاكمة الشعب على تغريداته عبر برنامج «تويتر»، هم أنفسهم الذين أقاموا محاكم تفتيش شعبية على تغريدات وزير.والذين طالبوا بحكومة شعبية، طيلة الحكومات السابقة، المتعاقبة، حين جاءهم وزير من أنفسهم، انقلبوا على أعقابهم.وحين وجدوا وزيراً يغرد كالشعب، تشعبوا في تغريداته، كما لم تتشعب ملكة بريطانيا العظمى في نبش تغريدات كنتها، حتى صار شرط التوزير في الكويت: «امسح تغريداتي ولَك تحياتي»!والذين يريدون أن يكتبوا كل شيء، كامتياز شعبي لهم، يستكثرون أن يكتب مثلهم وزير، ففي نظرهم، أن امتيازاته الكثيرة ليس من بينها حرية التغريد في الفضاء، الذي يحتكره المحرومون من المناصب، وإن الذين يحتكرون المناصب، محرومون من حرية التغريد.فللمواطن «حصانة» في التغريد، في كل شيء، تسقط بمجرد قبوله الحقيبة الوزارية، وقبل ارتداء بشت الوزارة!وبعد ما حصل مع وزير توقف عن التغريد - بالمناسبة - فور توليه الوزارة، صار يتوجب على من يطمح الى حمل حقيبة، وزارية أن يغلق حسابه على «تويتر»، كخطوة استباقية للوزارة. وكأن الوزراء غير مشمولين في الحريات العامة، ومن ضمنها حرية التغريد في «تويتر»!أخيرا قد يعتقد البعض أن التغريدات سالفة الذكر، عارض فيها الوزير الحكومة، التي انضم إليها، وهو إن صح، فالتغريدات عموما تعبر عن رأي صاحبها وقت كتابتها، وليس بالضرورة أن يمثله هذا الرأي، في هذه اللحظة الحالية.ثم يتضح أن التغريدات ليست سوى طرائف ونكت وكأنه لا يليق بالوزراء إلا النكد... «والله انتو اللي نكديين» وفي أول السنة، كما في آخرها، لن نكون بخير، حتى نعترف أننا لسنا بخير، فنسعى للخير، ونسأل الله ألا يحسبنا من المنافقين.