بينت دراسة أجريت في مارس 2017، «حول دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الإيجابية والتسامح ونبذ الكراهية والعنف والتطرف» - على اعتبارهما أرضاً خصبة في ممارسة العنف والكراهية- فوسائل التواصل الاجتماعي مفتوحة على الحرية غير المسؤولة، وهي مكان يشبه الغابة في ممارسة العنف اللفظي، على عكس الإعلام الذي يحمل مسؤولية كبيرة، ولكنه كالسجن في قدرة الفرد على ممارسة حريته.وأوضحت الدراسة تأثير كل من برامج «تويتر»، و»اليوتيوب» و»الفيسبوك» على حياة المجتمعات حول العالم، وتأثيرها على المجتمعات الافريقية - على سبيل المثال- وتحديداً في «كينيا»، التي أثرت فيها على الجوانب السياسية، بسبب عنصر الاشتباه بنزاهة الانتخابات، ما أدى على مدار سنوات إلى قتل وتشريد ما يقارب 13 ألف فرد.كما استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز ثقافة الكراهية والعنصرية والتمييز من خلال استخدام «الهاشتاقات» الداعية إلى التمييز بين فئات المجتمع، وواجهت ذلك من خلال جهود مدنية مثل مشروع أوماتي، بسبب القلق من أن وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية لعبت دوراً محفزاً في العنف الذي أعقب الانتخابات في هذا البلد، في الفترة من 2007 إلى 2008، وسعى هذا المشروع إلى تحسين فهم استخدام الخطاب الخطير في الفضاء الإلكتروني الكيني، من خلال رصد المدونات والمنتديات والصحف الإلكترونية والفيسبوك وتويتر، وفي الفترة من أكتوبر 2012 إلى نوفمبر 2013، تم تحديد أكثر من 7000 حالة من حالات خطاب الكراهية باللغة الإنكليزية واللغات المحلية، وعُرضت هذه الحالات على المنظمات الكينية الأخرى المسؤولة عن مكافحة خطاب الكراهية.إضافة إلى ذلك أشارت الدراسة إلى أن محتوى السوشيال ميديا ووسائل الاعلام الالكتروني، كان سبباً رئيسياً في حالة العنف التي مرت بها ميانمار، ففي العام 2014، أكدت المقررة الخاصة بحقوق الانسان قلقها إزاء تفشي المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والتحريض على العنف والتمييز والعداء بالذات تجاه المجتمعات المسلمة في ميانمار، ما حدا بأحد المدونين من بورما الى إنشاء حركة بانزاغار «حملة خطاب الزهور» في ميانمار في أبريل 2014، وأُطلقت الحركة تحت شعار «ليكون خطابنا معتدلاً حتى نمنع الكراهية بين البشر». أما في العالم المتقدم مثل اليابان لم يخل المجتمع من دعوات الكراهية والعنف ضد الكوريين، إلا أن مجموعة «نوريكوي نت» عملت من أجل التغلب على خطاب الكراهية والعنصرية، ووحدت المجموعة قواها مع غيرها من أجل العمل الجماعي على مكافحة العنصرية وخطاب الكراهية، وذلك من خلال تنظيم فعاليات واحتجاجات مناهضة لخطاب الكراهية والدفع من أجل سن قانون لمكافحة التمييز في اليابان، وسعت بعض المبادرات إلى إشراك مقدمي خدمات الإنترنت في مكافحة خطاب الكراهية على الشبكة، من خلال الدعوة إلى تنفيذ آليات إبلاغ عن المواد غير القانونية المنشورة على خدماتهم، وتحديد المحتوى المحرض على الكراهية الذي ينتهك شروط الخدمة أو مدونة قواعد السلوك الخاصة بمقدمي الخدمة، والتماس إزالة هذا المحتوى من مقدمي الخدمة المعنيين، وتعمل رابطة مكافحة التشهير بنشاط في مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت من خلال التعاون الوثيق مع مقدمي خدمات الإنترنت، وكذلك مع الوكالات المكلفة بتنفيذ القانون، وتوفير موارد التدريب والمواد التثقيفية في مجال مكافحة الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية. ولم تخل الدراسة من تأثير خطاب الساسة المؤدي إلى صناعة عنصرية أو كراهية أو طائفية، وهذا قدر المجتمعات التي تمارس الديموقراطية، مشيرة إلى ضرورة أن تتبنى وسائل الاعلام التقليدية وسائل مهنية من شأنها الابتعاد عن صناعة الإثارة، وأن تلتزم بنهج الاصلاح وبمصداقية، وأن تكون ذات نفوذ وتأثير على وسائط التواصل الاجتماعي مع تطبيق معايير الصحافة الأخلاقية، وتجنب التصوير النمطي للأفراد والجماعات، وعرض التقارير بأسلوب وقائعي ومحايد، والاعتماد على مدونات لقواعد الأخلاق والسلوك من أجل ممارسة وتعزيز المعايير الأخلاقية، مع ضرورة أن توفر وسائل الإعلام تدريباً محدداً من أجل مساعدة الصحافيين على تحسين التغطية، وإعداد تقارير تتسم بالدقة والعمق والاعتماد على المعلومات عن القضايا المتعلقة بالكراهية و التمييز.كما أشارت الدراسة إلى أن سهولة إخفاء الهوية في وسائط الإعلام والتواصل الاجتماعي كانت سببا في نشر خطابات الكراهية، بالإضافة الى وجود شبكات تساهم في إقناع الأفراد بالانخراط في جماعات معينة توجههم إلى ممارسة العنف بطريقة واعية وغير واعية، فبرامج إخفاء الهوية مكّنت كثيرا من المجتمعات التي تعاني من القمع في اعلان رأيها، وهذا ما يخالف التشريعات الدولية التي تدعم حرية الرأي، وتضمن تداول المعلومات والآراء على مستوى العالم، ضمن معايير أخلاقية ومهنية معينة. وأخيراً قدمت الدراسة توصياتها في أنه يتعين على مقدمي خدمات الإنترنت وضع شروط مفصلة للخدمة، ومبادئ توجيهية وإجراءات لإزالة المحتوى المتعلق بخطاب الكراهية والتحريض عليها، بمجرد إخطارها وفقاً للتشريعات القانونية والمعايير الدولية، وضمان تنفيذ تلك السياسات بشفافية، وتشجيع مقدمي خدمات الإنترنت على التعاون مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة خطاب الكراهية، بما يشمل توفير قنوات ملائمة للإبلاغ عن المحتوى غير القانوني المحرض على الكراهية، الذي ينشر في خدماتها، كما يتعين على المنظمات الوطنية أن تمارس التثقيف من أجل تعزيز التفاهم بين الثقافات، والاحترام المتبادل والتسامح في ما بين فئات المواطنين والمقيمين، للقضاء على التصورات النمطية وأوجه التعصب ضد الآخر، واعتبار التثقيف في مجال حقوق الإنسان جزءاً مهماً من المناهج المدرسية، حيث يمكن أيضاً إدراج الثقافات والتقاليد المتنوعة والمساهمة في إثراء مجتمعاتنا.* باحث من مملكة البحرين
محليات - ثقافة
الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي... وتأثيرهما على تعزيز الكراهية
04:39 ص