بين المسرح العبثي، والعذاب بشتى طرقه، تشكلت نواة مسرحية «الجلادان» التي قدمتها فرقة المسرح العربي مساء أول من أمس على مسرح الدسمة، في ثاني عروض مهرجان الكويت المسرحي بدورته التاسعة عشرة.شهد العرض حضور ضيوف المهرجان، إلى جانب عدد من المهتمين بالمسرح الأكاديمي، وكان لافتاً حضور الفنانة القديرة حياة الفهد.ويعتبر هذا العرض المسرحي عودة مجددة وموفقة للفنانة باسمة حمادة إلى المسرح الأكاديمي.«الجلادان» عمل إنساني بحت ينتمي إلى المسرح العبثي، قصته مستوحاة من كتاب الإسباني فرناندو أرابال، الذي عبق نصه بالحبكة المتقنة والجرعات الإنسانية. فتُظهر دقائق العرض الكثير من الأمور، كموضوع الاستبداد الاجتماعي وفساد المجتمع. وفي حالة تعذيب الأب من قبل «جلادين» يمارسان العذاب عليه، يظهر جلاد آخر وهي الأم، التي قادت الأب إلى غرفة التعذيب. واستطاع المخرج موسى آرتي أن يتمسك كمخرج بالنص، لكنه وضع رؤيته الإخراجية حسب ما يتناسب ومشاهد العمل المختارة، في حين استطاع تقديم سينوغرافيا تساعد على خدمة العمل المسرحي لناحية الديكور المريح للعين والسهل لحركة الممثلين. كما ساعدت الإضاءة والموسيقى في إتمام العمل بنجاح، ولاحظنا وجود توافق فني بين الممثلين.«الجلادان» من بطولة باسمة حمادة، خالد الثويني، سليمان مرزوق، محمد ملك وحسين أشكناني. وترجم النص صدقي عبدالله حطاب، فيما تولى مهمة الإشراف العام أحمد الشطي، مساعد المخرج شيماء عماد، المشاركة في الصياغة الدكتور نادية القناعي، مصممة أزياء رزان خليل، ماكياج منيرة الحساوي، مساعد تصميم أزياء فجر الفضلي، صوت وليد ساب وعبدالله الخالدي وبدر الثويني، إضاءة عبدالله النصار ومدير الإنتاج حسن القلاف. الندوة التطبيقيةأعقبت العرض ندوة تطبيقية، كانت عريفتها المسرحية التونسية سارة الحلاوي، وشارك في التعقيب الدكتور سعيد كريمي، وبتواجد المخرج موسى آرتي، وسط حضور من قبل الجمهور وضيوف المهرجان.في البداية، رحبت الحلاوي بالحضور، مثنية على جهود المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وعلى حسن التنظيم، بعدها قدمت السيرة الذاتية لكل من معها على المنصة ونبذة للمعقب ومخرج العرض.بعدها تحدث الدكتور كريمي، فقال «المؤلف أرابال هو من كبار الكتاب الذين أشير لهم بالبنان في مسرح العبث، إذ إن الكثير من أعماله تتسم بالقلق الوجودي والفكري لأنه عاش في حقبة الاضطهاد واختار أن ينتقل للعيش في فرنسا بجانب بيكاسو. فالنص الذي كتبه لمسرحية (الجلادان) كان موسى آرتي وفياً له كما لاحظت، ولم يبتعد كثيراً عنه، بل إن المخرج استطاع توظيف السينوغرافيا في السياق نفسه، والذي طغت عليه السوداوية التي عكست من قبل الإضاءة والأزياء ومجريات الحدث المسرحي».وتابع «العرض كان شمولياً بالديكور، فقد كان واقعياً، فضلاً عن اشتغال وجهد المخرج على الممثل وإدارته على الخشبة بشكل جيد بمستويات مختلفة»، لافتاً إلى أنه كان وفياً للفلسفة والخلفية الفكرية التي تحكم المؤلف.أما أبرز المداخلات في الندوة النقاشية، فكانت بدايتها مع الدكتور سيد علي إسماعيل الذي قال «رأينا الجلادين، ولكن صوت الكرباج كان مزعجاً»، في حين تساءل الدكتور محمد سعيد: «هل الشخصية خلقت أم هي مختلقة؟»، لافتاً إلى أن السينوغرافيا تفوقت على الإخراج.الدكتور أيمن الخشاب اعتبر أن «شخصية الأب لم تكن موجودة في النص، ولابد أن نتساءل لماذا جاء بها، فالابن متلعثم إلى أن يموت الأب ثم يعود طبيعياً». وقال الدكتور مصطفى عطية: «المخرج أضاف إلى النص وجعل هناك تشابكاً جميلاً في العرض بين الديكتاتورية بكل قسوتها التي يقدمها المؤلف الأصلي للقصة وبين الأم التي ترفع شعار الخير ثم تمارس القهر».كما كانت حاضرة مديرة إدارة المسرح السابقة كاملة العياد، التي أشادت بدورها بالأعمال التي تقدمها فرقة المسرح العربي. وقالت «هذه الفرقة تنتقي دائماً الأعمال الصعبة».بدوره، قدم رئيس فرقة المسرح العربي المخرج أحمد الشطي الشكر لمخرج العرض الدكتور موسى آرتي على ما قدمه في هذا العرض «على الرغم من الظروف التي مر بها». كما قدم الشكر لفريق العمل، مثنياً على الفنانة باسمة حمادة وعودتها إلى فرقة المسرح العربي.وفي النهاية، قدم المخرج موسى آرتي الشكر للحضور ولفرقة المسرح العربي وفريق عمل المسرحية.
فنون
فرقة المسرح العربي شاركت بعرضها في ثاني أيام «الكويت المسرحي»
«الجلادان»... عذاب «عبثي»
10:48 ص