علمت «الراي» من مصادر مطلعة، أن البنوك طلبت من «المركزي»، فتح سقف التركز الائتماني الأقصى المسموح للمصارف منحه للقطاع النفطي، ومعاملة قروض القطاع بجودة سندات الدين الحكومي نفسها، وذلك في مسعى منها لتلبية احتياجات النفط التمويلية.وتبلغ نسبة التركّز المقررة وفقاً للتعليمات الحالية 15 في المئة من رأسمال البنك، في حين يتردد أن التركّز لدى بعض البنوك بلغ بالفعل نحو 40 في المئة. وذكرت المصادر، أن البنوك طلبت من «المركزي» إعطاءها هذا الهامش الواسع من التركزات المتصلة بالمؤسسات النفطية باعتبارها شركات حكومية، تتمتع من الناحية العملية بالضمانات الاعتبارية التي تحظى بها السندات الحكومية، ما يفترض أن يضعها في اعتبار التسهيلات الائتمانية المقدمة للحكومة، ومن ثم خارج نطاق نظام التركزات الائتمانية التقليدية التي تقدّم لقطاع الأفراد أو الشركات.ولفتت المصادر إلى أن «المركزي سمح للبنوك بتجاوز النسبة المقررة في الكثير من الحالات التمويلية، وتحديداً المقدمة للمشاريع النفطية، معتمداً في الخصوص على دراسة كل حالة على حدة، إلا أن البنوك ترى أن ضوابط نسبة التركز بالقطاع النفطي عموماً تحتاج إلى إعادة نظر من الناظم الرقابي، بما يسهم في تعزيز دور القطاع المصرفي في تمويل هذا القطاع الحيوي».وفيما كشفت المصادر أن متوسط نسبة التركز المسموح بها للبنوك لجهة إقراض القطاع النفطي، تقارب حالياً 20 في المئة (أي بزيادة 5 في المئة)، أكدت في المقابل أن غالبية الجهات التمويلية المحلية استنفدت في الفترة الأخيرة الهامش الإضافي المقرر، وبعضها بلغ معدلات تضاعف هذا المتوسط.وبيّنت المصادر أن غالبية المصارف ستجد نفسها مضطرة مستقبلاً إلى زيادة رأسمالها لمقابلة التوسع المرتقب في طلبات القطاع النفطي التمويلي، أو القبول بالمساهمة في التمويلية بهذه المشاريع بهامش ضيق.وأكدت أن فتح نسب التركز على القطاع النفطي تحفز البنوك على المشاركة بقوة في تمويل مشاريعه العملاقة، مدعومة بفائض مستويات السيولة الموجودة لديها، والتي وصلت في الفترة الأخيرة إلى نسب غير مسبوقة.وتحاول البنوك تهدئة المخاوف الرقابية من زيادة تركزها على القطاع النفطي، بأن مشاريعه متدنية المخاطر، كما أنها تشغيلية، وتحت قيادات شركات حكومية تتمتع بقدر كبير الثقة في موجوداتها ومركزها المالي، ما يجعلها ذات تصنيف مرتفع جداً بالنسبة للبنوك، إلى الدرجة التي تستحق معها الحصول على قروض دون تبويبها ضمن التركزات الموجهة للقطاعات الاستثمارية الأخرى. في المقابل، فإن الناظم الرقابي بحسب ما ترى المصادر يبدو متحفظاً تجاه شهية البنوك العالية في تمويل مشاريع القطاع النفطي، فمن حيث المبدأ يعتقد «المركزي» أنه كان مرناً كفاية في دراسة طلبات التمويل النفطية التي قدمتها المصارف في الفترة الأخيرة، وأنه سمح في غالبيتها بتجاوز نسب التركز المقررة، وفقاً لمعطيات كل حالة.علاوة على ذلك، فإن «المركزي» لا يفضل تعديل تعليماته الرقابية في هذا الخصوص أقله في الوقت الراهن، وأنه سيستمر في منح الاستثناءات ما دامت الحالة التمويلية المقدمة لدراستها تستوجب ذلك، لكنه لا يستطيع فتح نسبة التركز إلى 100 في المئة.وأضافت المصادر، أن هناك اعتباراً إضافياً يزيد من القناعة الرقابية، فإذا كان الجميع ومن بينها «المركزي» متفقا على أن المؤسسات النفطية المحلية تتمتع بجودة ائتمانية عالية جداً، ومعدل مخاطر متدن جداً إلا أنه من الناحية القانونية لا يمكن تصنيف التمويلات الممنوحة لها على أنها قروض حكومية، أو حتى توازي من حيث الجدارة الائتمانية السندات الحكومية.فالواقع القانوني والمحاسبي لهذه التمويلات يختلفان كثيراً عن عقود إقراض الحكومة، ما يعزز وجهة نظر «المركزي» بأن تعليماته الحالية تتماشى مع سياسته نحو تحفيز البنوك على توسيع قاعدة العملاء، والعمل على تنوعها، بما لا يعرض القطاع المصرفي لمخاطر التركز التي قد تنشأ داخل ميزانياتها في حالة طرأ أي تعثر غير متوقع.ولعل ما يعزز هذه القناعة أكثر، أنه لا يمكن للبنوك أن تعتمد في أسوأ سيناريوات الضغط التي تعدها، على قيام الحكومة بسداد أي أقساط يمكن أن تتعثر الشركات النفطية في سدادها، باعتبار أن الحكومة لم تتعهد بذلك في أي تمويل، سواء تعاقدياً أو حتى شفوياً، وإذا كان ذلك لا يقلل من كفاءة هذه الشركات ائتمانياً، إلا أنه من الناحية الرقابية لا يمكن الاعتماد على ذلك الاعتقاد في إقرار رفع سقف التركز الائتماني.وقالت المصادر، إن طلب البنوك في هذا الخصوص يستدعي محاكاة تجارب تعثر شركات حكومية في المنطقة، وهنا يكمن الانتباه إلى أهمية وضرورة نسب التركز وعلاقتها بالمخاطر.
اقتصاد
دعت لمعاملة قروضه بجودة سندات الدين الحكومي... نفسها
البنوك تطالب «المركزي» بفتح سقف التركّز على القطاع النفطي
09:25 م