استطاع سيرجو مومو، بصفته المؤسس والمدير الإبداعي للعلامة التجارية الإيطالية المتخصصة بالعطور «Xerjoff»، أن يحجز مكاناً مرموقاً له في زحام هذا العالم، فهو لم يمارس مهنته من دون دراية أو ترتيب مسبق، بل جاء من خلفية مستندة على التصميم.مومو، وفي حوار مع «الراي»، أشار إلى أن انخراطه في هذا جاء نتيجة ثمرة لما عاشه خلال مراحل عمره، حتى أنشأ علامته التجارية قبل 13 عاماً تقريباً، موضحاً أنه عكف في بداياته الأولى على التعمق في دراسة عالم الروائح والزيوت العطرية الطبيعية، وما يميزها عن الروائح الاصطناعية، وعلى دراسة تاريخ صناعة العطور من زاوية المكونات وطرق التقطير والاستخلاص، مؤكداً أنه مجال بالغ التعقيد والدقة.كما أشار مومو إلى أن علامته التجارية «Xerjoff» تختصر الأسلوب، والهوية والجودة العالية وروح الإبداع، وتقوم بترجمة الفخامة من الأناقة، وليس من خلال المال وارتفاع الثمن، وأنها تعتمد على الجمع بين مهارة الصنعة الإيطالية إلى جانب عنصر الطبيعة، مستذكراً أن أول عطر صممه للرجال، كان مرتكزاً على أساس رائحة الجلد الطبيعي، في حين أن أول عطر نسائي قام بتصميمه كان مرتكزاً على أساس عبير الفواكه.وعن سمعة العطور الفرنسية، أوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى السمعة التاريخية، موضحاً أن الوضع حالياً لم يعد كما في الماضي في ظلّ وجود أسواق أخرى للعطور قادرة على خلق معايير ومستويات عالية جداً في مجال ماركات العطور، ومنها إيطاليا وبريطانيا.وإلى نص الحوار:• لماذا قررت أن تصبح صانعاً للعطور؟- لأنه مجال جذاب جداً ويتطلب حساً فنياً عالياً، والواقع أن التصميم كان خلفيتي الأصلية، وسبق أن عملت كمصمم لسنوات طويلة ثم انتقلت إلى مجال تصميم المنتجات بما في ذلك تصاميم الهويات المؤسسية والعلامات التجارية، وبقيت فيه لسنوات طويلة، لكن العطور كانت دائماً شغفي وعشقي واتخذت خطوتي في خلق علامتي التجارية الخاصة بي «Xerjoff».• من الذي كان مصدر الإلهام بالنسبة إليك لتحقق ما وصلت إليه ؟- صناعة العطور شيء ترعرعت عليه وسارية في أجيال عائلتي، حيث كانت جدتي تمتلك موهبة في ذلك المجال كما كان والدي من هواة جمع الزهور والورود النادرة، لذلك لم يكن انخراطي في هذا المجال مجرد قرار اتخذته، بل ثمرة لما عشته خلال مراحل عمري، واليوم حولته إلى عمل تجاري حيث كانت البداية رسمياً قبل 13 عاماً تقريباً.• هل مازلت تذكر أول عطر قمت بابتكاره؟- منذ البداية كنت أعلم ما ينبغي أن أقوم به، فقد عكفت في بداياتي الأولى على التعمق في دراسة عالم الروائح والزيوت العطرية الطبيعية وما يميزها عن الروائح الاصطناعية، لذلك فإنني انطلقت آنذاك سعياً إلى استكشاف البيئات الطبيعية للعطور. كما عكفت على دراسة تاريخ صناعة العطور، ليس فقط من زاوية المكونات، بل أيضاً من زاوية طرق التقطير والاستخلاص.• هل ذلك الأمر صعب؟- ذلك المجال بالغ التعقيد والدقة، لذا حرصت على أن أعرف كيف كان كل عطر يصنّع بالماضي وكيف أصبحت طريقة تحضيره اليوم، فهو ما يكسب صانع العطور روح الإتقان والإبداع في ما يتعلق بتوظيف العناصر الطبيعية. بعد ذلك، بدأت أصنع عطوراً على نطاق محدود من تصميمي الخاص ثم تطور الأمر إلى أن اتسعت دائرة شهرتي، وأتذكر أن أول عطر صممته كان للرجال، وكان مرتكزاً على أساس رائحة الجلد الطبيعي، أما أول عطر نسائي قمت بتصميمه فكان مرتكزاً على أساس عبير الفواكه.• ما الذي يميز علامتك التجارية «Xerjoff» عن غيرها من ماركات العطور؟- لكل علامة تجارية بصمتها الخاصة بها وخلفيتها وشخصيتها التي تعبّر عن نفسها في الأسواق، وفي ما يتعلق ببصمة علامتي التجارية «Xerjoff» فإنها تقوم بترجمة الفخامة من خلال الأناقة وليس من خلال المال وارتفاع الثمن، لأن الجمال في كل شيء «طريقة العرض، شكل العلبة، الألوان» هو كلمة السّر دائماً. إلى جانب ذلك، فعلامتنا تعتمد على الجمع بين مهارة الصنعة الإيطالية المتمثلة في ثقافتنا وتاريخنا وفي أسلوب صنعتنا للأشياء إلى جانب عنصر الطبيعة، وهكذا فإن هناك أموراً عدّة تسهم معاً في الأمر، وأنا أعتقد أن هذه الأشياء مجتمعة هي التي تشكل العمود الفقري لـ«Xerjoff».• لماذا يعتقد البعض أن العطور الفرنسية هي الأفضل؟- أعتقد أن السبب هو السمعة التاريخية، لكن الوضع حالياً لم يعد كما في الماضي. وصحيح أن صنّاع العطور الفرنسيين يواصلون الحفاظ على مستويات ومعايير عالية جداً، وليس من الإنصاف أن ننكر ذلك، لكن الاختلاف الآن هو وجود أسواق أخرى للعطور قادرة على خلق معايير ومستويات عالية جداً في مجال ماركات العطور، وإيطاليا هي واحدة من تلك الأسواق، وهناك أيضاً بريطانيا والولايات المتحدة، وأيضاً بعض دول الشرق الأوسط. ولو كنت سألتني السؤال ذاته قبل 15 عاماً لأجبتك بأن العطور الفرنسية هي الأفضل على الإطلاق، لأنهم الأفضل تاريخياً.• هل تفضّل العطور القوية أم الهادئة؟- أفضّل التعبيرات القوية في ما يتعلق بالعطور، فأنا أرى أن العطر هو بمثابة بطاقة تعريف، يكون له تأثير على المحيطين بالشخص، لكن طبعاً لا ينبغي لأي عطر أن يكون قوياً أكثر مما يجب، إلا فإنه سيصبح مزعجاً للآخرين. وفي الوقت ذاته، أرى أن العطر ينبغي أن يكون معبراً بقوة كافية تماماً مثلما ينبغي أن تكون ملابس الشخص واكسسواراته.• ما رأيك بالعطور العربية وتحديداً دهن العود؟- في العالم العربي العطر هو عنصر أساسي وضروري، وهذا هو واقع الحال منذ قرون عدة، لهذا فإن المعرفة التي يمتلكها سكانه حول العطور عالية جداً على جميع المستويات، وكل شخص هنا لديه خبرة واسعة في العطور، وهو الأمر الذي لا تجده لدينا في الغرب. وشخصياً، لقد جمعت معلومات كثيرة حول ذلك، لأنني أحب الاستقصاء عبر التاريخ، فسافرت إلى دول جنوب شرق آسيا لأرى مزارع أشجار العود وكيفية استخلاص دهن العود والفوارق بين العود الكمبودي والعود التايلندي والهندي وغيره، وأعتقد أنني استطعت قبل سنوات فهم مدى أهمية عطور العود، ونجحت في تكوين ثقافة معرفية خاصة بي حول العود وأنواعه المختلفة.• هل السبب الوحيد في هذا الاستقصاء كان للتزود بالمعرفة فقط؟- الحقيقة أنني كنت بصدد إنتاج تشكيلة عطور تعتمد على دهن العود، وكنت في حاجة إلى أن أفهم درجات وتاريخ ذلك العبير الشرق آسيوي، فاتضح لي أنه عالم شديد الروعة إلى درجة يمكنني القول إنني سقطت في غرامه. وللعلم، نحن لدينا مجموعة عطور تحمل اسم «Oud Stars» عبارة عن امتزاج بين ثقافة العطور الإيطالية المعتمدة على عبير الزهور والورود وثقافة العطور العربية التي تتمحور حول دهن العود، وفعلياً نحن نقوم منذ بضع سنوات بتسويق هذا المزيج العطري بين الثقافتين. إلى جانب ذلك، لدينا عطر عربي خالص من خلال مجموعة محدودة من العطور تحمل اسم «XJ Oud»، ويمكنني القول إن عطور هذه المجموعة هي عربية مشبعة 99 في المئة.• بأربع كلمات، كيف لك أن تقنع الزبائن للشراء من «Xerjoff»؟- الأسلوب وأعني بذلك الشخصية، الهوية المتميزة كعلامة تجارية، والجودة العالية التي لا نتنازل عنها مطلقاً، ورابعاً روح الإبداع الذي ينعكس في تحقيقنا الاختلاف والجرأة.• كيف تقيّم السوق الكويتية بالنسبة إلى بيع العطور وتحديداً «Xerjoff»؟- كنت أتحدث مع الموزعين المعتمدين لنا في الكويت شركة «وهران» التجارية، وأخبرتهم أن الذوق في السوق الكويتية إزاء العطور متميز ومختلف تماماً عن الأذواق الخاصة بأسواق بقية دول منطقة الخليج، بل وحتى عن بقية العالم. نعم، هي سوق جيدة مثل بقية أسواق منطقة الخليج العرب، وإذا نظرنا إلى فترة السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية، فإنه يمكنني القول إن علامات تجارية كثيرة وقعت في غلطة كونها ركزت فقط على دبي. وبالنسبة إليّ، عندما أتحدث عن تسويق عطوري في هذه المنطقة، فلا أقول «السوق الشرق أوسطية» كوني أعتبره مصطلحاً فضفاضاً جداً ولا يعني شيئاً، فالكويت لها سوقها الخاصة بها، ولها زبائنها الذين يختلفون عن قطر وعن بقية أسواق المنطقة كالسعودية والإمارات.