إن التطرف في أي شيء لا يكون في مصلحة الاستمرار، مثلما الرفق يقود إلى الرفق، واللين يقود إلى اللين، فالتطرف يقود إلى التطرف، والعنف يقود إلى العنف، فمن الطبيعي ألا يقابل الناس المروءة والنبل بالخسة والدناءة، فهم يقابلون المعروف بمثله.إن مقابلة التطرف بمثله والاعتدال بمثله تصب في صالح استمرار العلاقات، والبقاء للأقوى والأعقل، ولكن! علينا أن نفرق على المستوى الأخلاقي والمصلحي والمعيشي بين توازنات تقوم على الظلم والعنف والغلو... وبين توازنات تقوم على الاحترام والتفاهم والرحمة والمعاونة... إن التوازنات الأولى تحوّل الحياة إلى جحيم لا يُطاق، وتدفعها في طريق التخلف، أما التوازنات الثانية، فإنها تجعل الحياة هانئة وجميلة ومنتجة وآمنة.كثيرمن الناس يمارس التطرف مع أشخاص يحبهم أو يبغضهم، وهذا ما يجعل العلاقة تموت وتنتهي في كلتا الحالتين، أظن أن من يمارس التطرف بأشكاله وأنواعه يعلم جيداً أن التطرف جزء من التراث الجيني للإنسان، فالمرء يندفع إلى الموقف والسلوك المتطرف من غير إحساس على حين أن الاعتدال يحتاج إلى تعلم وتدريب ومجاهدة للنفس، ويظهر تطرف الناس جلياً في الظروف المواتية للتطرف أو المحرّضة عليه، كما أن تطرف الغالبية العظمى من الناس يظهر في حالات الشدائد والملمات.كلنا يعرف القانون الفيزيائي... «إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه»، وقولهم حين تحشر القط في زاوية، فإنه قد يصول عليك كما يصول النمر أو الأسد... هذه المقولات تترجم خبرة البشرية في مواجهة العدوان بعدوان من حجمه، وفي الدفاع عن النفس في حال الخطر بكل وسيلة ممكنة، فلا يظن من يتطرف في علاقاته سيسلم من عدوان الناس. قليل جدا منهم من يحترم الأحكام الشرعية ويخاف الله في مقابلة العدوان بعدوان أشد منه، وحتى لا يشتد الخلاف بين طرفي العلاقة لابد من خفض التوتر، من خلال ضبط الانفعالات والاتزانات والاعتدال بكل فكرة وشعور وسلوك تجاه الطرف الآخر. بالاعتدال تضيق هوة التطرف، وتتسع مساحة احتواء الطرف الآخر بكل علاته، وتستمر العلاقات إلى ما شاء الله.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@
مقالات
رأي قلمي
وتستمر إلى ما شاء الله!
01:39 ص